قال مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل، حول مؤتمر (ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الإسلام): إننا نعيش في زمن التقنية، وسرعة انتشار المعلومة، وتعدُّد الوسائل والصور التي غدت في تسارعها في وضع لا يمكن السيطرة عليه، وقد جاءت هذه الوسائل في سياقات تقنية ذات أبعاد ثقافية واجتماعية مختلفة، تغذيها الأحداث العالمية المتلاحقة، حيث تنتقل الأفكار والمعلومات والأخبار والاتجاهات بشكل غير منضبط. وهو ما سبّب هذا الأثر العكسي الذي نعيشه اليوم، وأصبح ما يُبث عبر هذه المواقع مصدرًا لمخاوف الأفراد وقلقهم، ومصدرًا لبث السموم الفكرية والاجتماعية والأمنية. وأضاف: الجميع يعلم أثر تلك الوسائل فيما حصل ببعض بلاد المسلمين من فوضى واقتتال ودمار فيما يُسمّى زورًا بالربيع العربي، حتى تحوَّلت بلاد إلى أوضاع مأساوية يتمنون فيها العودة إلى الماضي، ويدركون فيها أنهم أصبحوا وسيلة تتقاذفها تيارات وجماعات وتنظيمات عبر هذه الوسائل التقنية التي أصبح الشر فيها غالبًا، وجند الشباب من خلالها، كيف لا وهي وسيلة سريعة الانتشار، قوية الأثر، واسعة الاستخدام، سهلة الاستعمال يستعملها الصغار قبل الكبار، ويتقنون أدواتها وأنواعها، فبدل أن تُستخدم في جمع الكلمة، وتعزيز اللحمة، ووحدة الصف صارت بعكس ذلك، حيث تنتشر فيها مواد متنوّعة يطغى على معظمها ضعف المصداقية، وسوء المحتوى، وهو ما جعلها بيئة خصبة لنشر الشائعات والإرجاف بين الناس، فسارع أعداء الأمة إلى استغلالها بأبشع الطرق نشرًا للشائعات وبثًّا للفتن والموبقات، فأصبحت مرتعًا للمجرمين والمنحرفين والمتطرفين، تضخّم فيها الأحداث والوقائع وتقدَّم فيها تفسيرات خاطئة، وتخلّف آثارًا اجتماعية سلبية على الأفراد، خاصة مع نقص وعي المجتمع للتعاطي معها. وأكّد مدير جامعة الإمام أنّ الانسياق خلف الدعوات المضللة التي تعجُّ بها هذه المواقع يُحدِث حالة من الاضطراب وانعدام التوازن داخل المجتمع، وهنا تأتي مسؤولية الاستعمال الصحيح لمواقع التواصل الاجتماعي والتعاطي مع المواد المنشورة بها، مسؤولية مشتركة بين كافة الأطراف؛ سواء الأفراد أو الجهات الحكومية أو الشركات أو وسائل الإعلام المختلفة، لا في مجال التحكّم والمراقبة، ومواجهة الفتن والشائعات فحسب، بل في توظيفها في الوجهة الإيجابية، وهناك حاجة لتوفير البرامج التوعوية التي تحصَّن أفراد المجتمع من التأثر بمحتوى المواد المنشورة عبر هذه المواقع، إضافة إلى ضرورة تدريبهم على طرق التعامل معها، ما يؤدي إلى توفير بيئةٍ آمنةٍ وملائمةٍ للاستخدام السليم والمعتدل. وبيّن أبا الخيل: من هنا تأتي أهمية هذا المؤتمر المبارك الذي تقيمه جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود للسُّنَّة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة بعنوان ضوابط استخدام شبكات التواصل الاجتماعي في الإسلام وذلك بمشاركة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والذي يسعى لبيان الرؤية الشرعية التأصيلية في استخدام هذه الشبكات وأثرها في الأفراد والمجتمعات والإسهام في تحديد طرق الاستخدام الأمثل لها، وتعزيز سبل استثمارها، وبيان أثرها ودورها الخطير في نشر الأفكار المنحرفة وإثارة الفتن، وما إلى ذلك مما ازدادت الحاجة إلى بيانه ودراسته دراسةً منهجية تأصيلية.
مشاركة :