أيام قليلة تفصلنا عن انتخابات مجلس الأمة الكويتي، وهي فرصة للناخب لتصحيح الأخطاء السابقة وإصلاح الخلل الذي كان منتشراً ومستشرياً، وأكبر مثال على ذلك موضوع التعيينات وملف العلاج في الخارج. ولا يخفى على أحد حجم الاحتقان السياسي الذي كان موجوداً. نعيش أوقاتاً صعبة وعصيبة، داخلياً وخارجياً... داخلياً، أسعار النفط لا تسر مع الأسعار الحالية التي وضعتنا في وضع صعب وعجز بعد أن كانت فوائض، بسبب اعتمادنا في شكل أساسي على مصدر دخل واحد وهو النفط، والحديث أصبح في الصحف عن فرض ضريبة 5 في المئة في قادم الأيام، وكثر الكلام عن التقشف. أما التنمية فما زلنا نقف من دون حراك حقيقي لكي نكون في المقدمة. أما خارجياً، فلا يخفى على عاقل ما يحدث في العالم العربي من مخاض يبدو أننا ما زلنا في بداياته، ولا نعلم متى وأين سينتهي. وهذه فرصة مناسبة لنا لتصحيح الوضع والمشاركة بفعالية، وليكون اختيارنا للكويت بعيداً عن الطائفية والقبلية، وإنما لنختار الأكفأ والأفضل. والاختيار يجب أن يكون على أساس موضوعي عقلي بعيد عن العواطف، واختيار «القوي الأمين». الكويت بلد يستحق الحب وليس الحلب! الكويت بلد جميل يستحق منا الكثير من التضحيات، وأن نقدم الواجب على الحق، وهذه فرصة لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، حتى لا يكون المجلس يمثل لونا واحدا واتجاهاً واحداً. هناك أسماء شابة من مختلف التيارات والكتل على قدر كبير من الأمانة والمسؤولية، ولديها فكر مستنير يستحق الدعم والمساندة، والمجلس يحتاج دماء جديدة من الشباب لديهم رؤية اقتصادية قادرة على القيام بالعمل التشريعي، وايجاد حل للانسداد السياسي والاختلالات المالية الكبيرة. ومن الأمور غير الحسنة في هذه الانتخابات وكانت ملفتة، تدخل بعض الوعاظ والقراء وتزكية بعض المرشحين الذين مع كل أسف لا يستحقون هذه التزكية من الوعاظ. وشاهدنا بعض هؤلاء الوعاظ على منصات المرشحين وسط سخط وامتعاض الناس. فهل الدعوة إلى الله تعالى، تكون بهذه الطريقة الممجوجة المتحيزة لطرف ضد طرف آخر أكفأ منه بكثير؟ وهل سنلوم بعد ذلك وزارة الأوقاف لو أنها منعت الوعاظ من اعتلاء المنابر السياسية؟ الخطاب الديني يجب أن يجمع ولا يفرق. يبني ولايهدم ولا يتسبب بالتفريق بين أبناء الوطن الواحد. يوحد ولا يشتت. وهل يستحق منصب دنيوي زائل أو جعلك عضو لجنة وهيئة، أن تزكي من لا يستحق؟ نحن لا نطلب من الداعية أن يعتزل الحياة ويراقب من بعيد، ولكن نطلب منه أن يتحدث عن حسن الاختيار والتصويت للأفضل، وللأمين صاحب اليد البيضاء. أما رأيه الشخصي فهو حر فيمن يصوت له في السر وليس العلن، خاصة إذا كان لا يمارس العمل السياسي ولا يعلم عنه اي شيء إلا وقت التصويت. الخلاصة أن المجلس القادم قد يكون من أهم المجالس النيابية في العصر، لحجم التحديات الداخلية والخارجية التي تحيط بنا، ولا حل إلا بحسن الاختيار، وعلى الحكومة مد يد المساعدة لهذا المجلس، وتطعيمه بحكومة شبابية اقتصادية حتى نستطيع أن نعبر بسفينة الكويت إلى بر الأمان. akandary@gmail.com
مشاركة :