اعتادت مها (24 عاماً) أن تبيع مخصصات الإعانة التي تتلقاها مع زوجها وطفليها من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) لتحصل على مئات قليلة إضافية من الشواكل تسد بها حاجات رضيعها وشقيقه البالغ من العمر أربعة أعوام. وتعرض مها للبيع مواد غذائية، مثل السكر والزيت والرز والفول وغيرها، على فقراء مثلها بأسعار أقل من أسعارها الحقيقية في السوق لـ «ترغيبهم» والحصول على المال اللازم. وتحتاج مها إلى أموال إضافية لراتب زوجها الموظف في الحكومة، البالغ ألف وثمانمئة شيكل، يدفع نصفه مقابل قرض مصرفي حصل عليه قبل سنوات للزواج منها. وتقضي مها، التي أصيبت بمرض فقر الدم (أنيميا) بسبب سوء التغذية الناجم عن الفقر، أياماً، وأحياناً أسابيع في منزل والديها، نظراً لعدم وجود طعام في منزلها. وعلى رغم أن والدها يعاني بدوره من البطالة منذ سنوات طويلة أصيب خلالها بمرض السرطان والفقر، إلا أنه يفتح باب بيته على مصراعيه لاستقبال ابنته البكر وحفيديه الأولين بسعادة ظاهرة. تعتمد عائلة مها على شقيقها الشاب الذي يعمل في ورشة صغيرة لإصلاح الأجهزة الكهربائية كان والدها يديرها قبل إصابته بالمرض الخبيث. مها ليست الوحيدة التي تعاني الفقر والمرض وعدم القدرة وزوجها على الإيفاء بمتطلبات الحياة في غزة، الخاضع للحصار الإسرائيلي الخانق، الذي يعيش فيه أكثر من 1.8 مليون فلسطيني 70 في المئة منهم من اللاجئين. وحسب «أونروا»، فإن نحو 800 ألف لاجئ غزي يتلقون مساعدات غذائية من المنظمة الدولية، التي تعاني عاماً بعد عام من عجز كبير في موازنتيها العامة والطارئة، فيما تقدم 80 ألف لاجئ فقط بطلبات للحصول على مساعدات غذائية عام 2000. وتتوقع «أونروا» أن تزداد أعداد الفقراء من اللاجئين في القطاع بنسبة ترواح بين 10 إلى 20 في المئة العام الجاري، ليصل العدد إلى مليون. وفي أحدث إحصاءاتها قبل شهر، ذكرت «أونروا» أن معدل البطالة ارتفع من 28 الى 38 في المئة خلال النصف الثاني من العام الماضي، الذي شهد إغلاق أنفاق التهريب تحت الحدود مع مصر، التي كان يعمل فيها نحو 30 ألفاً، فيما كان يعمل في قطاع الإنشاءات القائم على تهريب مواد البناء حوالى 40 ألفاً آخرين. وبالإضافة إلى مشاكل غزة من البطالة والفقر والأمراض نتيجة الحصار، تعتبر مياه الشرب أزمة مستفحلة في القطاع، إذ تقول منظمة الصحة العالمية إن أكثر من 90 في المئة من مياه القطاع غير صالحة للاستخدام الآدمي. وللمساهمة في حل أزمة المياه، وضع الاتحاد الأوروبي وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أمس حجر الأساس لمحطة تحلية مياه البحر على شاطئ مدينة دير البلح وسط القطاع، لتزويد 75 ألفاً في مدينتي رفح وخان يونس، جنوب القطاع، بمياه صالحة للشرب. وتعتبر تحلية مياه البحر خياراً استراتيجياً لتقليل الاستخراج المفرط للمياه الجوفية، وحماية الخزان الجوفي الوحيد في غزة من الانهيار التام. ووفق دراسة مقارنة أجريت عام 2011، فإن هذا الخيار أفضل حل عملي لتوفير إمدادات ثابتة من مياه الشرب الآمنة لأهالي القطاع، خصوصاً أن تقريراً للأمم المتحدة عام 2012 حذر من أن الاستخراج المفرط للمياه الجوفية يمكن أن يجعل الحوض الجوفي الساحلي غير صالح للاستعمال بحلول 2016. فلسطينأونروا
مشاركة :