نفى زعيم "حزب الأصالة والمعاصرة" المغربي، إلياس العماري، أن يكون لحزبه علاقة بفشل غريمه "حزب العدالة والتنمية" في تشكيل حكومة جديدة. وقال العماري للصحافيين إن الحزب يرفض إقحامه في الأزمة الحالية، مطالبا بإبعاد حزبه عن هذه الإشاعات. تعثر المشاورات وبعد مرور ستة أسابيع على فوز "حزب العدالة والتنمية" الإسلامي في الانتخابات التشريعية، وإعادة تكليف رئيسه عبد الإله بنكيران بتشكيل حكومة جديدة؛ لم يتمكن الأخير حتى الآن من الحصول على النصاب القانوني اللازم لتشكيل ائتلاف حكومي. ويبدو أن الأمور تتجه نحو المزيد من التعقيد، وقد تتحول إلى أزمة سياسية غير مسبوقة في تاريخ المغرب. ورغم المشاورات المكثفة التي يقوم بها منذ العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لم يحصل بنكيران على أكثر من 183 مقعدا تمثل حصيلة حزبه إلى جانب كل من "حزب الاستقلال" و"حزب التقدم والاشتراكية" في البرلمان. وما زال بنكيران بحاجة إلى 15 مقعدا لكي يحصل على الغالبية البسيطة التي تسمح بالتصويت لمصلحة منح الثقة لحكومته في البرلمان وتمرير برنامجها. وتحدثت صحف مغربية عن دخول رئيس "حزب التجمع الوطني للأحرار" عزيز أخنوش على خط أزمة تشكيل الحكومة؛ حيث عقد جلسات تشاور مع بنكيران لم تأت بنتائج إيجابية، بل تحولت إلى مواجهة بين الرجلين. وقدم الرئيس الجديد لـ "حزب التجمع الوطني للأحرار" طلبات حزبه المتمثلة في منحه عددا من الوزارات السيادية وتخصيص حقائب لحليفه "حزب الاتحاد الدستوري"، واستبعاد "حزب الاستقلال" من التشكيلة الحكومية المنتظرة، وهي المطالب التي يصعب على بنكيران القبول بها، خاصة أن "حزب الاستقلال" يعدُّ أول الأحزاب التي أعلنت عن استعدادها للدخول في تحالف مع "العدالة والتنمية" بعد انتخابات 7 أكتوبر/تشرين الأول. كما أن بنكيران يرفض التفاوض حول نوع الحقائب الوزارية، ويفضل مراعاة مستوى التمثيل البرلماني. ويعدُّ عزيز أخنوش واحدا من أبرز رجال الأعمال في المغرب، ويتمتع بنفوذ واسع بسبب علاقته الوطيدة بالملك الذي يرافقه في زياراته الحالية إلى إفريقيا. وتبدو الخيارات محدودة أمام بنكيران الذي لوح بفشله في تشكيل الحكومة. إذ يستطيع اللجوء إلى "حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" و"حزب الحركة الشعبية" لاستكمال النصاب القانوني لتشكيل الحكومة. وكان رئيس "حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" إدريس لشكر قد أبدى استعدادا مشروطا للمشاركة في الحكومة المقبلة؛ لكن لقاءاته مع بنكيران لم تخرج بنتائج حاسمة؛ ما يجعل احتمال رفضه التحالف مع بنكيران واردا. في انتظار الملك ويدرك رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران أكثر من غيره أن حالة الجمود التي تسبب فيها فشل مشاوراته قد تكون بداية أزمة سياسية حادة. وظهر بنكيران منتصف الشهر الجاري وهو يتحدث عن مؤامرة تحاك ضد حزبه؛ ويدين ما وصفه بـ "الانقلاب" و"عرقلة" مسار تشكيل الحكومة فيما بدا وكأنه اعتراف صريح بوصول المشاورات إلى طريق مسدود واتهام للأحزاب المقربة من القصر الملكي بالتورط في إعاقة مسار تشكيل الحكومة. وبات من شبه المؤكد أن أزمة تشكيل الحكومة تقترب من لحظة إعادة الأمور للملك من أجل الحسم فيها. وتنتظر الساحة السياسية المغربية عودة الملك محمد السادس مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل من جولة يقوم بها حاليا في القارة الإفريقية. ويجري الحديث عن عدة سيناريوهات للخروج من الأزمة. آخرُ تلك السيناريوهات هو تكليف شخصية من "حزب الأصالة والمعاصرة" الذي حل ثانيا في الانتخابات بتشكيل الحكومة، وهو السيناريو الذي أثار جدلا واسعا في المغرب. وقد أعلن رئيس "حزب الأصالة والمعاصرة" إلياس العماري رفض حزبه تشكيل الحكومة في حال فشل "حزب العدالة والتنمية" في ذلك، قائلا: "لا وجود لأي شيء يبرر اللجوء إلى الحزب الثاني دستوريا". ويتوقع مراقبون أن يقوم الملك بتعيين شخصية أخرى من "حزب العدالة والتنمية" ومنحها فرصة إجراء مشاورات جديدة؛ أو أن يتدخل بنفسه لدى بعض الأحزاب لكي تشارك في الحكومة لتجنيب البلاد أزمة سياسية؛ أو أن يدعو إلى إعادة الانتخابات التشريعية. ويؤكد خبراء قانونيون أن الدستور المغربي لم يتضمن مخرجا لمسألة عدم الحصول على الغالبية، وهو ما قد يدفع الملك إلى استخدام نفوذه لإخراج البلاد من هذا المأزق. سيد المختار
مشاركة :