الضبع: أنا شاعر مغرور.. والجموع تحدُّ من حريتي

  • 3/21/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حاوره : علي فايع انتهى زمن الحفظ.. والوقت اليوم للدهشة مهمة الكاتب الشاب في العالم العربي شاقة لا وجود لحريّة كاملة وأنت محاط بالجموع أقرأ كثيراً ولا أترجم إلا ما يبهرني فقط محمد الضبع شاعر شاب، ومثقف جميل، يعتقد أن الحوار مفتاح فعلي للحياة، ينصح أن تكون لكلّ منّا مرآة كي نشاهد فيها ذواتنا بين فترة وأخرى، ويعتبر الكتابة طريقة جيدة للتنفّس، لكنها ليست وقتاً لحفظ العلوم وجمع المعارف. لا يخجل محمد من أن يكون شاعراً مغروراً إذا كان الغرور يعني مزيداً من الكتابة والشغف والجنون! ولديه مدونة بعنوان «معطف فوق سرير العالم» أنشأها كما يقول، لترجمة النصوص والمقالات الأدبيّة التي كُتبت وتكتب إلى الآن، يعتبرها محاولة أسبوعية لاكتشاف مساحة جديدة يشعر فيها بالدهشة ويُشْعر بها القارئ معه! في حوارنا معه أشياء كثيرة عنه وعن تجربته في مجال السرد، فإلى نصّ الحوار: حاجة إلى مرآة بداية، حدثنا عن محمد الضبع: الولادة، النشأة، محمد الإنسان، ومحمد الشاعر. - أنا الابن الأوسط في عائلتي، ولدت في 13 مارس سنة 1991م، في مدينة جدة. وعشت ودرست في مدينة جازان التي أقيم فيها حتى الآن. لا أجيد الحديث عن نفسي لأن هذه تجربة مفخخة، كل منّا يحتاج إلى مرآة لينظر فيها بين فترة وأخرى، المرايا رائعة وبإمكانها أن تتحول إلى بحيرة تلتهمك، وبإمكانها أيضاً أن تتحول إلى بوابة تأخذك إلى سماوات أخرى في ذاتك لم تكن تعرفها من قبل. أحتاج إلى هذه المرآة دائماً، الكتابة هي مرآتي. طريقة للتنفس هل لنا أن نتعرّف أكثر على علاقتك بالكتاب والكتابة؟ - هي علاقة من يبحث عن طريقة ليتنفّس. يتنفس بطريقة جديدة في كل مرّة. أنا لا أقرأ كي أجمع أكبر قدر من المعارف، بل أقرأ ما يدهشني ويخطف قلبي. ليس هنالك وقت لجمع العلوم والمعارف انتهى زمن الحفظ، لا وقت إلا للدهشة. هذا الوقت المتبقي الأخير لنا قبل انتهاء العالم، علينا أن نستغلّه في الذهول، في الوصول إلى أعالي الجمال والاستمتاع بكل دقيقة وكل لحظة. إكمال فراغات لماذا قرّرت أن تكتب؟ - قررت أن أكتب في صغري استجابة لنداءات الإيقاع الذي كانت تسحرني به اللغة. كنت مأسوراً بموسيقى اللغة، برقصها الهادئ والصاخب في الوقت نفسه. أسرعت باتجاهها وحاولت أن أحاكيها، وأن أصبح جزءاً من هذه الحفلة المذهلة. وهكذا بدأت، لأجل أن أكمل فراغات ذاتي بحجارة اللغة السحريّة. غرور آخر قلت إنّك إنسان مغرور.. فهل يعني هذا، الغرور السائد في أوساط المثقفين، أم أن لك رؤية خاصّة في تعريف الغرور والتفاعل معه؟ - قلت سابقاً إن الغرور عندي هو الرغبة في مزيد من الكتابة، مزيد من الشغف، من الجنون. كلّما شعرت أنك تستحق أكثر، ستبحث عن الأكثر وسيصبح إنتاجك فريداً من نوعه. لدي مشكلة كبيرة مع المتواضعين، الذين يتوقفون عند حدود وأسقف متدنية. لا نريد هذا الضعف ولا هذا التواضع، نريد للعالم أن يشتعل بالكتابة والأصوات المتناغمة الفذّة. قد يحدث هذا بقليل من الغرور. تجربة أولى أنجزت على المستوى الشعري عملاً مطبوعاً بعنوان «صياد الظلّ»، حدثنا أوّلاً عن تجربتك كشاب مع الشعر ومع الطباعة والنشر. - التجربة علمتني كثيراً بالتأكيد لأنها كانت الأولى، ولأنني خضتها بمفردي. خرجت منها بعدّة دروس، وعرفت أن مهمة الكاتب الشاب في العالم العربي شاقة لدرجة كبيرة. الأعمال التي يتم التسويق لها متوسطة المستوى إلى ضعيفة، وهناك أعمال رائعة لا يتم التسويق لها. هذا سببه أن أصحاب دور النشر لدينا يهتمون بالكتاب الذي يبيع ولا علاقة لهم بجودة الكتابة أو الأدب، من المفترض أن يكون لكل دار لجنة من المحررين تقوم باستقبال الكتب والحكم بعدها إن كان الكتاب يستحق النشر أم لا. بهذه الطريقة ستجد الأعمال الجيدة طريقها للقارئ وستكون هناك دائرة ثقة متبادلة بين الكاتب والناشر والقارئ. ما القصيدة الأقرب إليك؟ - القصيدة التي لم أكتبها. التي لم توجد بعد. لأن البعيد دائماً أقرب إليّ. بمن تأثرت في الشعر؟ - بأسماء كثيرة، يصعب حصرها، كل شاعر قرأت له وعشقت شعره أضاف لي بالتأكيد. حوار وشعر لماذا تميل إلى الحوار حين تكون في لقاء ثقافي أكثر من حبّك لقراءة الشعر. هل هذا يعني أنك تفضّل الحوار على الشعر؟! - نحن بحاجة للأمرين معاً، لأن الحوار هو الحياة، هو التجربة التي نعيشها كلّ يوم. ودون هذه التجربة لا يمكن لنا أن نكتب الشعر وستتحول قصائدنا إلى كتابة عن الشعر وستصبح نظريّات في الفراغ. نحن بحاجة للحياة وبحاجة للشعر. المهم.. كتابة حقيقية يرى مبدعون أنّنا بحاجة إلى أن نوقظ الذاكرة في الكتابة والإبداع، فيما يرى آخرون أننا بحاجة إلى تنشيط الذاكرة بأشياء جديدة ومختلفة. ما رأيك أنت؟ - هذا يعود للكاتب نفسه، أي ذاكرة أقرب إليه؟ استرجاع ذاكرة الماضي، أم استقراء ذاكرة المستقبل؟ الأمر في كل الأحوال لا يهم طالما أنه يقود إلى كتابة جيّدة وحقيقية غير مدعية. تفاعل في «تويتر» تغرّد في «تويتر» بأشياء غريبة تتصادم مع كثير من القناعات المسبقة لدى الناس، هل تعتقد أن هذا التفكير أصبح سائداً لدى شباب اليوم، أم أن هذه رؤية محمد الضبع وتفكيره فقط؟ - بالطبع لكل شخص رؤيته المختلفة، ومن خلال قراءتي لما يكتبه أصدقائي أعرف تماماً أن لكل منهم زاوية نظر حادة ومتجاوزة، وأنا شخصياً أستفيد منهم كل يوم حين أقرأ لهم. هذا التفاعل الذي يحدث بيننا كل يوم في شبكات التواصل يجعلنا نفكّر معاً بطريقة رائعة تنجب مزيداً من الأفكار المختلفة التي نحتاجها في مثل هذا الوقت. في الإبداع، هل نحن بحاجة إلى أشرار وأصحاب نيات حقيقيّة بالغة الشرّ كما كتبتَ في إحدى تغريداتك، أم نحن بحاجة إلى أصحاب نيات حسنة كما يؤمن كثير من الناس؟ - كانت تلك تغريدة من النوع الذي يأخذك لأقصى الجهة المقابلة، كي تتوقف عن الكلام الجميل والمعسول وتبدأ بالتفكير في الجوهر. أعتقد أنه لا فرق بين النيات الحسنة والسيئة، الفرق يكون فقط بين النيات الحقيقية والمزيّفة. تتحدّث كثيراً عن الأفكار وأهميّة تفجيرها بدلاً من الاكتفاء بتدوينها، هل يعني هذا أننا نحتاج إلى أسئلة توقظنا أكثر من حاجتنا إلى إجابات معلبة تقتلنا؟ - بالضبط. هذا ما قصدته. لنبحث عن حياة الأفكار وليس عن موتها. حرية مختلفة أنت تكتب عن الحريّة بشكل مغاير، فأنت ترى أن الحرية في الهمس لنفسك ولأذن تستلقي بجانبك، ألا ترى أن هذا مفهوم رومانسي للحريّة؟! - كانت تلك شريحة لونيّة واحدة للحريّة. قصدت بها التوضيح أنه لا وجود لحريّة كاملة وأنت محاط بالجموع، مهما كانت درجة تقبّل الآخرين لك، إلا أنك ستحتاج لشيء من المساومة. هذه المساومة هي مشكلة كل مجتمع، وهي السبب الدافع للعزلة. وربما إن وجدت تلك الأذن التي تستمع لك وأنت تعبّر عن ذاتك بكامل حريّتها، ستصبح عزلتك أقلّ وحشة. تفكير خاص تُصادم في كتاباتك النثرية مفاهيم سائدة كالنسيان، على سبيل المثال، الذي تجزم بأنّه ليس هبة ولا هدية. هل تتعمد هذه المصادمات أم أن لك فلسفة خاصّة في فهم الأشياء؟! - هذه ليست مصادمات، هذه طريقة أفكّر بها وأتحدث بها وأنا مقتنع تماماً بحقيقتها. الأفكار حينما تُختصر في جملة واحدة تظهر على أنها غريبة وشاذة، لكن إن عادت إلى سياقها أو تناقشت مع صاحبها ستجدها مبررة ومنطقية. أنت تدرس الهندسة. هل أضاف لك تخصصك العلمي كشاعر وكاتب في الأفكار أو في الكتابة ذاتها؟! - لا أظن أن للتخصص علاقة بالكتابة، هما طريقان منفصلان. هذا حدث وذلك حدث. بين النثر والتفعيلة إلى أيّ قصيدة تنجذب روحك وأنت تكتب: إلى قصيدة النثر، أم التفعيلة؟! - الأمر يشبه الحاجة إلى التوازن، أشتاق إلى إيقاع قصيدة النثر، وأشتاق أيضاً إلى إيقاع قصيدة التفعيلة. لكل منهما سحره الخاص. وهنا يكمن جمال الشعر وتنوّع طرق الدهشة فيه. حضور الأصدقاء علاقتك كشاعر بالأصدقاء ظاهرة بشكل لافت، حدثنا عن تأثير الأصدقاء فيما تكتب، وألا تخشى يوماً ما أن تندم على حضورهم الطاغي في نصوصك وكتاباتك بهذا الشكل؟! - الندم هو النتيجة الحتمية لكل شيء نفعله ولا نفعله في الحياة. لذلك لا أفكّر بشأن الندم إطلاقًا. والأصدقاء هم حياة وألوان كثيرة وموسيقى للصباحات، هذا شيء لا يقدّر بثمن. تجربة الترجمة لك تجربة في الترجمة من خلال مدونتك «معطف فوق سرير العالم» لاقت كثيراً من الإشادة والتفاعل. حدثنا عن الفكرة كيف انبثقت؟ - فكرة الترجمة بدأت معي حينما وجدت كثيراً من المقالات والنصوص المعاصرة التي أثارت إعجابي وأردت مشاركتها مع متذوقي الجمال. هنالك محتوى رائع من الأدب الجميل الذي يكتب اليوم ولا يجد من ينقله إلى العربية، أردت أن أقبض على هذه اللحظة الكتابية وأنقلها دون الحاجة للانتظار عدة سنوات أو عقود لحدوث ذلك. ماذا حققت من خلالها؟ - حققت من خلال هذه الفكرة عديداً من النتائج التي لم أكن أتوقع حدوثها، قراء المدونة في ازدياد وتصلني رسائلهم دائما وهم قراء واعون جدا، وعلى اطلاع ووعي جيد. من أجمل ما حدث لي خلال المدونة هو تمكني من التواصل معهم والاقتراب من ذائقتهم. هل هناك نية لتحويل هذه الترجمات التي تضعها في مدونتك إلى كتاب؟! - بالنسبة لنية تحويل المدونة إلى كتاب، هذه فكرة موجودة وما زلت أعمل عليها، وربما أصدرها في سلسلة كتب، تحمل اسم سلسلة «معطف فوق سرير العالم». ما المعايير التي تعتمد عليها في الترجمة؟ - المعايير التي أعتمد عليها في الترجمة، ترتكز على الذائقة المحضة. لمن تترجم؟ - أقرأ كثيراً ولا أترجم إلا ما يبهرني فقط. ترجمت في المدونة لعديد من الكُتاب والروائيين والشعراء وأصحاب المدونات والرسائل. هنالك بعض الأسماء ذات الصيت الأدبي مثل، أناييس نن، هنري ميلر، تشارلز بوكوفسكي، ڤيرجينيا وولف، وغيرهم. - وهنالك أسماء غير معروفة ولكنها معاصرة وتكتب بطريقة جميلة جدا، مثل، إريل ليڤ، جانيت لوبلانك، وآخرون. مواصلة الكتابة ماذا لديك في المستقبل القريب يمكن أن تعد به محبي شعرك وكتاباتك؟! - في الفترة الحالية سأستمر في القراءة والكتابة، سأحاول إنجاز بعض الأعمال، لا أستطيع التحدث عنها الآن لأنني لا أعلم ماذا سيحدث معي، لننتظر ونكتشفها معاً.

مشاركة :