تشير الأرقام إلى أن رئيسة كوريا الجنوبية، بارك غوين هاي، أصبحت الرئيس الأقل شعبية في تاريخ هذه الدولة، إذ إن نسبة مؤيديها باتت الآن 5%، وتصل هذه النسبة إلى صفر بين شريحة الشباب. واحتشد نحو مليون شخص في العاصمة سيؤول، مطالبين باستقالتها، في 12 نوفمبر الجاري، وهذه أكبر تظاهرة تحدث في العاصمة منذ عام 1987، عندما حدثت احتجاجات كبيرة ضد الحكم العسكري، والتي أدت إلى أول حكم ديمقراطي انتخابي في البلاد. واعترفت بارك بـ«خطورة الوضع»، لكنها قالت إنها ستواصل «إنجاز واجباتها كرئيس للبلاد». ومنذ أسابيع عدة، باتت إدارة بارك محاصرة بالاتهامات، حول نفوذ صديقتها المقربة تشوي سون - سيل. وكانت بارك قد طلبت من صديقتها النصح حول قضايا حكومية، على الرغم من أنها ليس لديها أي منصب رسمي. وبات شعب كوريا الجنوبية في حالة من السخط الشديد، نتيجة الشائعات التي مفادها أن تشوي تتمتع بنفوذ كبير على رئيسة البلاد، كما تتدخل في تشكيل السياسة وإعادة تشكيل الحكومة. وتم اعتقال تشوي سابقاً للاشتباه في أنها تتلاعب بالشركات، من أجل ضخ 80 مليار وان (70 مليون دولار) إلى اثنتين من المؤسسات التي تسيطر عليها. وأمر المدعي العام بحبس اثنين من المساعدين السابقين للرئيس، واللذين يعتقد أنهما نقلا أسرار الدولة إليها، الأمر الذي ساعدها على جمع الأموال. وقدمت بارك، التي بقي 15 شهراً على نهاية فترة حكمها، البالغة خمس سنوات، اعتذارها مرتين للأمة، وقبلت التحقيق في تصرفاتها، الأمر الذي يعتبر سابقة بالنسبة لرئيس جمهورية في كوريا الجنوبية وهو في منصبه. ويرغب المدعون العامون في التحقيق معها كشاهدة هذا الأسبوع. وفي جهودها لتخفيف التوتر في البلاد، عمدت الرئيس إلى طرد مساعدين لها، وفي لفتة لإرضاء المعارضة، قامت بتعيين رئيس حكومة جديد، كان يعمل لدى رئيس الدولة السابق الليبرالي روه مون - هايون. لكن البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة رفض قبوله. واضطرت بارك إلى إلغاء تعيينه، وتركت البرلمان يختار بديلاً عنه. وتزايدت الدعوات المطالبة برحيل بارك، وبعد يوم واحد من حدوث الاحتجاجات، قام عدد من أعضاء البرلمان من حزب رئيس الجمهورية «سائنوري»، بعقد اجتماع طارئ لمناقشة رحيل الرئيس بارك. وفي 15 نوفمبر الجاري تعهد مون جاي - ان الرئيس السابق لحزب المعارضة الرئيس «مينجو»، والذي يأمل في أن يصبح رئيساً للجمهورية، بالبدء «بحركة على مستوى الدولة، تهدف لطرد الرئيس بارك من المنصب»، واتفق الحزبان - إضافة إلى مجموعة صغيرة في المعارضة - في إجراء تحقيق من قبل جهة مستقلة، للوقوف على الادعاءات بارتكاب أخطاء من قبل تشوي، بالتوازي مع التي يقوم بها المدعي العام. لكنَّ الخصوم السياسيين لبارك لديهم أسبابهم للتردد في هذا الشأن، فإذا استقالت بارك يتعين أن يتم انتخاب خلفها في غضون شهرين. لكن على الرغم من أن نسبة تأييد الرئيس وصلت إلى الحضيض، إلا أن ذلك لم يشكل أي مكتسبات لحزب «مينجو» المعارض، وليس هناك أي مرشح يحظى بالإجماع. وحزب «سائنوري» ليس له مرشح قوي أيضاً، وإن كان البعض ينوي ترشيح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي ستنتهي فترة عمله نهاية العام الجاري. وثمة أعداد متزايدة من شعب كوريا الجنوبية يعتقدون أن الحل الأمثل، للوضع الحالي في البلاد، هو إقالة رئيس الجمهورية. وقال الزعيم السابق لحزب «سائنوري» كيم مون - سان: «إنه الحل المثالي للخروج من الأزمة»، وقالت شركة «ريلميتر لاستطلاعات الرأي» إن الدعم الشعبي لإقالة الرئيس بارك أو طردها ارتفع بنسبة كبيرة من 42 إلى 74%، خلال الأسابيع القليلة الماضية.
مشاركة :