بيروت: كارولين عاكوم مع وصول دفعة من اللاجئين السوريين إلى ألمانيا تنفيذا لتعهداتها باستقبالهم، بدأ العمل على خط تنظيم انتقال 5 آلاف نازح سوري من لبنان بعد موافقة ألمانيا على ذلك، بينما اتخذت الحكومة اللبنانية إجراءات «تدخل في إطار حماية سيادة الدولة اللبنانية والمواطن اللبناني وحماية النازح السوري والعلاقة اللبنانية - السورية، على حد سواء» وفق ما أكده وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور الذي أعلن أنه يتم العمل على عقد مؤتمر دولي في سبتمبر (أيلول) المقبل، كاشفا أنه وصل إلى لبنان 23 في المائة فقط من المساعدات التي يحتاجها وقد تسلمتها المنظمات الدولية العاملة في لبنان وليس الدولة. وذكرت صحيفة «دي فيلت» الألمانية أن الدفعة الأولى من اللاجئين وصلت إلى ألمانيا، واستنادا إلى بيانات وزارات محلية في الولايات فإن غالبية اللاجئين السوريين سيأتون من لبنان في أغسطس (آب) المقبل. وجاء في تقرير الصحيفة أن نسبة المسيحيين السوريين ضمن اللاجئين المقرر استقبالهم كبيرة، حيث ينتمون إلى حد كبير إلى الطبقة المتوسطة والعليا ويتوافقون مع معايير التعليم للحكومة الألمانية. وفي هذا الإطار، قال وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور لـ«الشرق الأوسط» إنه بالتعاون مع المفوضية العليا للاجئين بدأ العمل على استقبال طلبات لبعض العائلات التي ترغب في الانتقال إلى ألمانيا، مؤكدا أن اختيارهم سيتم وفقا لمعايير اجتماعية وليست سياسية أو طائفية كما تردد، بل وفقا للتعداد والنسبة المئوية لكل طائفة في سوريا. ولفت أبو فاعور إلى أن «بعض السفارات كانت قد طرحت خيار منح المسيحيين السوريين تأشيرات دخول وهجرة إلى دول غربية، لكننا حذرناهم من مغبة هذا الأمر، ولم نطرح الموضوع من خلفية طائفية، لأنه لا يجوز أن نخرب هوية سوريا». مع العلم أنه، وبحسب التقرير الأخير الصادر عن مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يستضيف لبنان حاليا 625 ألف لاجئ سوري، بينما تشير تقديرات أخرى، أبرزها صادرة عن «الإسكوا» خلال الشهر الجاري، إلى وجود نحو 1.1 مليون سوري في لبنان، من عمال ولاجئين وميسورين يقيمون على نفقتهم الخاصة. وقد أعلن بعد الاجتماع الوزاري الذي عقد أمس برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن سلسلة قرارات تم أخذها تتعلق بوضع النازحين؛ فقد تم تكليف قوى الأمن الداخلي بمعالجة كل حالات التسول وإزالتها من الشوارع ومكافحتها عبر المشغلين، أي عبر المافيات التي تشغل المتسولين، بما يحمي المواطن السوري والمواطن اللبناني. وتم الاتفاق على مجموعة إجراءات للتدقيق على الحدود يقوم بها الأمن العام، تضمن كل المعايير الإنسانية والأخلاقية والعمل كذلك على وقف المنافسة الاقتصادية بما يتوافق مع القوانين اللبنانية، ولفت أبو فاعور إلى أنه تم إحصاء نحو 377 نشاطا غير مرخص في البقاعين الغربي والأوسط.. الأمر الذي أثر سلبا على عمل اللبنانيين، كما اتخذ قرار بإزالة التجمعات تحت بعض الجسور في لبنان، بعدما باتت تستغل تحت لواء اللجوء السوري، والأمر نفسه ينسحب على الأسواق الشعبية حيث المنافسة غير مشروعة. وفي هذا السياق أكد وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس لـ«الشرق الأوسط» أنه لن يتم التساهل مع هذه القرارات، لا سيما أن نتائج هذه المنافسة غير المشروعة بدأت تنعكس بشكل كبير سلبا على اللبنانيين مسببة مشكلات اجتماعية واقتصادية لا يمكن حصرها إذا استمرت. كذلك، وتحت العنوان نفسه، استقبل ميقاتي المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي فريد بلحاج، وجرى البحث في الدور الذي يمكن أن يؤديه البنك الدولي في تفعيل المساعدات والهبات المقدمة من الجهات المانحة والمجتمع الدولي للبنان، وتنسيقها، لتدارك الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية للجوء السوريين إلى لبنان، وذلك عبر آلية بإشراف وتوجيه من السلطات اللبنانية. وترتكز الآلية أولا على إجراء تقويم شامل لحاجات لبنان ومتطلباته في كل المرافق والقطاعات، وثانيا على إنشاء صندوق ائتماني للمساعدات والهبات، يجري عبره التمويل والإنفاق ومتابعتهما بحسب المعايير الائتمانية المتبعة في البنك الدولي. وفي الإطار عينه، قال وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، خلال مشاركته في ندوة حملت عنوان «النزوح السوري إلى لبنان والانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية»، إن «ما أعاق الدولة اللبنانية في السنتين الماضيتين عن القيام بواجباتها في هذا الأمر هو أننا لم نقاربه بمنطق الدولة، بل قاربناه بمنطق اصطفافاتنا السياسية ورغباتنا السياسية». وكشف عن أن «عدد النازحين السوريين في تزايد وهم يتوزعون على أكثر من 1400 موقع بالمناطق اللبنانية، فهناك نحو 278 مخيما عشوائيا موجودة في المناطق اللبنانية ولا إمكانية للدولة لإدارتها، كما أن هناك أعباء اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية كبرى ولا يمكن لشمس الدولة أن تسطع في آن واحد على كل هذه الأزمة». ولفت إلى أنه يجري العمل حاليا على عقد مؤتمر دولي ربما يكون في شهر سبتمبر خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، لرفع الصوت عاليا وقرع الجرس أمام المجتمع الدولي بأن لبنان بدأ يتجاوز قدرة الاحتمال، وربما يتم طلب أن يكون هناك قرار دولي ما. ورأى أبو فاعور أن الهيئات الدولية والمنظمات أقوى من الدولة اللبنانية التي هي اليوم الطرف الأضعف، لأنها أحجمت منذ البداية عن أن تتخذ قرارا سياسيا واحدا واضحا في التعامل مع قضية النازحين.
مشاركة :