العين: هديل عادل اخترع الباحثان البروفيسور عبد المحسن محمد، ود. مايسة الجمل، تركيبة خرسانية جديدة صديقة للبيئة. واختار الباحثان أن تكون المواد المستخدمة في هذه التركيبة من المخلفات النفطية والصناعية، باعتبارها حلاً أمثل لتطبيقات إدارة وعزل النفايات. وبالفعل أكدت التجارب مقاومة الخرسانة الجديدة للتآكل، ليمثل هذا الابتكار، الذي بلغ مراحل متقدمة في التنفيذ، ودخل مرحلة التصنيع، خطوة مهمة على طريق التنمية المستدامة في دولة الإمارات. حصل هذا الابتكار على شهادة براءة اختراع من مكتب براءات الاختراع لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومكتب براءات الاختراع الأمريكي، ومكاتب براءات الاختراع الدولية لدول الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا، ما يمثل ولا شك اعترافاً إقليمياً ودولياً بقيمة هذا المنتج. سلبيات تقليدية في بداية حديثه، يؤكد البروفيسور عبد المحسن محمد، نائب مدير الجامعة المشارك ورئيس الشؤون الأكاديمية بجامعة زايد، أهمية البحث عن تركيبة خرسانية جديدة أكثر مقاومة لعوامل التعرية والتآكل، مقارنة بالخرسانة التقليدية التي تتميز بارتفاع نسبة الكلوريد فيها. يقول: عالجنا سلبيات الخرسانة التقليدية من خلال ابتكارنا الجديد، الذي يهدف إلى إعادة تدوير المخلفات الصناعية، والملوثات البيئية كالكبريت، والتي تنتج من عمليات استخراج وتكرير النفط والصناعات الإسمنتية، ومعالجتها كيميائياً، ليتم تحويلها إلى منتجات قابلة للاستخدام، وبذلك يتم التقليل من تلوث البيئة، بدلاً من التخلص من هذه المخلفات عن طريق الدفن، وعدم استنزاف المواد الطبيعية المستخدمة في هذه الصناعات، والمحافظة على الصحة العامة. ويضيف: بواسطة توظيف خبراتنا البحثية في مجال بحوث البيئة والبنى التحتية والإنشاءات والاستدامة، توصلنا إلى طريقة مبتكرة لتحضير خرسانة جديدة من الكبريت، كناتج ثانوي من تكرير النفط، إضافة إلى الرمل والرماد وأنواع مختلفة من المخلفات الصناعية، وكلها متوفرة في البيئة المحلية في الإمارات. وبعد اختبار الخرسانة الكبريتية المبتكرة، ومقارنتها بمثيلتها المنتجة من قبل الشركات اليابانية، أثبتت التجارب أن مقاومة الأولى للتآكل كبيرة جداً على العكس من الخرسانة العادية، كما أن مقاومتها للأحماض عالية على المدى الطويل، وأداءها الميكانيكي مرتفع، فضلاً عن أنها مواد آمنة وصديقة للبيئة. يتابع البروفيسور عبد المحسن: يعد هذا الابتكار هو الخيار الأمثل للتطبيق في إدارة وعزل النفايات، ونظم الحواجز، واحتواء وتثبيت وتجميد النفايات. ويشير إلى أنه تم إنجاز المرحلة الأولى من هذا الابتكار في جامعة الإمارات، حيث تم تنفيذ مشروع للصرف الصحي من قبل جامعة الإمارات، باستخدام الخرسانة الكبريتية، وبالتعاون مع شركة أبوظبي لخدمات الصرف والمؤسسة الوطنية للنفط، وبتمويل من مركز التعاون الياباني للبترول. وستكون الخطوة التالية لهذا الابتكار في مركز البحوث في جامعة زايد، برعاية الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وزيرة الدولة للتسامح ورئيسة جامعة زايد، ود.رياض المهيدب مدير جامعة زايد، ضمن الخطة الاستراتيجية والمستقبلية للجامعة، التي تحرص على توفير بيئة تعليمية تشجع على الابتكار والإبداع، من خلال تبني أفضل الممارسات العالمية في التعليم وتطوير البحوث. وعن مزايا الاستثمار في هذا الابتكار يقول: من أهم مزايا الاستثمار في هذا المجال، أنه يجمع بين الفوائد المادية الاقتصادية، من حيث التكلفة المنخفضة لإنتاجه، والمزايا البيئية حيث إنها مواد آمنة وصديقة للبيئة، وإنتاجها يؤدي إلى إعادة تدوير المخلفات الصناعية والملوثات البيئية كالكبريت، وبذلك يتم التقليل من تلوث البيئة، بدلاً من التخلص من هذه المخلفات عن طريق الدفن. مقاومة للتآكل تؤكد الباحثة د.مايسة الجمل، الأستاذ المساعد بجامعة زايد، ما سبق أن أشار إليه البروفيسور عبد المحسن من مزايا الخرسانة الكبريتية مقارنة مع الخرسانة التقليدية، قائلة: بعد إتمام إجراء تجارب مكثفة على الخرسانة الكبريتية المبتكرة، أثبتت مقاومتها الكبيرة للتآكل، على عكس الخرسانة العادية، التي ترتفع في تركيبتها نسبة الكلوريد، وخصوصاً المستخدمة في صناعة أنابيب الصرف الصحي وغيرها؛ إذ تمثل هذه المواد أهم مصادر تدهور الهياكل الإنشائية والبنى التحتية. تضيف: وفضلاً عن كونها، أي الخرسانة الكبريتية، صديقة للبيئة، فإنها ذات تكلفة منخفضة جداً، حيث تعتمد أساساً على توظيف واستغلال الكبريت، الذي ينتج بكميات هائلة كمخلفات صناعية من عمليات استخراج وتكرير النفط في الدولة. إلى ذلك نجد أن صناعة الإسمنت العادي، المستخدم في صناعة الخرسانة التقليدية، تصنف ضمن الصناعات الثقيلة والخطرة التي تتخوف العديد من المنظومات الدولية البيئية من مخاطرها البيئية والصحية، والتي تنتج عنها ملوثات صلبة، إضافة إلى كميات الغبار التي تنطلق من مداخن مصانع الإسمنت، والملوثات الغازية التي تنتج من عمليات حرق الوقود في الأفران، مثل غاز ثاني أكسيد الكربون، وهو غاز ذو تأثير رئيسي في المناخ، حيث يؤدي إلى تسخين جو الأرض. وتشير د. الجمل إلى أن التجارب المختبرية والتطبيقات الحقلية، أكدت مقاومة الخرسانة الكبريتية للظروف البيئية القاسية، مثل درجات الحرارة العالية ودرجات الملوحة العالية. واشتملت آليات اختبار فعالية الخرسانة الكبريتية، تجارب وقياسات مختبرية كيميائية وفيزيائية، وتم اختبار التطبيق الحقلي للخرسانة الجديدة في آبار الصرف الصحي في مدينة العين لفترات تجاوزت 30 شهراً. وعن الخطوة المقبلة لتطوير هذا المنتج، تلفت د.الجمل إلى أنه تم إعداد دراسة شاملة، من أجل تطوير الخرسانة الكبريتية، من خلال توظيف مخلفات صناعية جديدة، يتم الإفصاح عنها لاحقاً، تنتج بكميات كبيرة في الدولة، واستخدامها بعد معالجتها في صناعة هذا النوع من الخرسانة، لتتضاعف بذلك المزايا البيئية والاقتصادية للمنتج الجديد.
مشاركة :