سارع مسعفون عسكريون عراقيون إلى نقل رجل هشمت شظية من قذيفة مورتر فكه إلى عيادتهم الميدانية المؤقتة على المشارف الشرقية لمدينة الموصل. وقام المسعفون بتضميد الجرح وحقنوا المصاب بالمورفين بعد أن كان يلهث من شدة الألم وينزف بغزارة على سرير ميداني وضع في الفناء الخلفي لمنزل مهجور. وبعد ثوان أدخل على محفة طفل مصاب بثقب كبير في ساقه وذراع تغطيها جروح أصيب بها جراء انفجار قذيفة. وقال المسعف "يوجد بالفعل أكثر من 30 اصيبوا بجروح يوم الثلثاء (22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)... وقتيلان". وجاء جميع المصابين من المناطق الأقرب إلى وسط الموصل التي تحاول القوات العراقية استعادتها من تنظيم داعش منذ أسبوعين لكن الصعوبة تكمن في تأمينها تماما إذ أن المدنيين مازالوا في مرمى قذائف المورتر التي يطلقها المتشددون ورصاصات قناصيهم. وطوال الصباح كانت مركبات مدرعة سوداء تابعة لقوات مكافحة الإرهاب تسرع إلى العيادة وهي تنقل الضحايا ومن بينهم رجل مسن أصيب برصاصة في ركبته وآخر بجرح في ساقه وفتاة أصيبت في الصدر. وتواجه القوات المدعومة من الولايات المتحدة مقاومة شرسة من مقاتلي داعش في محاولتها لطردهم من معقلهم الحصين في الموصل حيث نشروا سيارات ملغومة واستخدموا مدنيين كدروع بشرية لإعاقة تقدم خصومهم. وقال المسعف محمد (23 عاما) في منطقة كوكجالي "معظم الضحايا هنا مدنيون... تنظيم داعش يقصف بعشوائية أو يستهدف المدنيين بقذائف المورتر ورصاص القناصة. معظم المصابين هم جراء قذائف المورتر". كما شاهد مراسل لرويترز نقل جندي مصاب من الجبهة الأمامية التي تقع على بعد كيلومترات قليلة غربا. وكانت قذائف المورتر التي يطلقها مقاتلو داعش تنفجر بشكل متقطع في المنطقة بينما كان المسعفون من وحدة مكافحة الإرهاب يعالجون المصابين. وقال محمد "جزء من المشكلة يكمن في تأمين المناطق التي استعادتها القوات الخاصة... لو حضرت وحدات أكبر من الجيش أو من الشرطة الاتحادية إلى المناطق التي تستعيدها قوات مكافحة الإرهاب بعد تقدمها لربما صار عدد المصابين أقل وعملنا أكثر سهولة العشرات يصابون يوميا وقال الطبيب العسكري النقيب نزار إن زملاءه يعالجون بين 50 و200 مدني مصاب يوميا. واضاف قائلا "كان لدينا 25 قتيلا مدنيا أمس". ولم تتمكن رويترز من التأكد من حصيلة القتلى من مصدر مستقل لكن على مدى ساعتين شاهد مراسل رويترز وصول جثة وستة جرحى على الأقل اثنان منهم في حالة خطيرة. ورفع المسعفون علما أبيض عليه علامة الصليب الاحمر على مقربة من العيادة التي تضرر مبناها جراء القذائف وكان خاليا إلا من الأسرة الميدانية المستخدمة لعلاج المصابين. وقال النقيب نزار إن الحالات الخطرة تنقل إلى المستشفى الذي يبعد في بعض الأحيان ساعة بالسيارة في أربيل عاصمة إقليم كردستان شبه المستقل. لكن في بعض الحالات كان يبدو واضحا للمسعفين أن هذه الخطوة لن تجدي. وفي وقت سابق كان أحمد حسين يقف وهو ينتحب فوق جثة ابنه أيمن (17 عاما) الذي قتل برصاصة في ظهره قبل نصف ساعة في حي الزهراء في الموصل. وكان أيمن يرقد ملفوفا ببطانية على محفة خارج العيادة بعد أن حاول المسعفون دون جدوى إنقاذ حياته. وقال حسين (48 عاما) بصوت مرتجف "كان قناصا على ما اعتقد... اخترقت الرصاصة جسده مباشرة إلى قلبه".
مشاركة :