الديمقراطية "الزائفة".. الشكل الاستعماري الجديد!

  • 11/23/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

عمان/ حلمي الأسمر/ الأناضول لا تتوافر أرقام دقيقة عن حجم التمويل الأمريكي والأوروبي لمنظمات المجتمع المدني العربية، إلا أن ما يمكن التقاطه هنا أو هناك من إحصاءات يعطي دلالة على أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وبقية "الدول المانحة" الآسيوية، تولي أهمية قصوى لنشر ثقافة حقوق الإنسان، و"تعليم" الشرق "ثقافة" الديمقراطية، في المنطقة العربية، ولا تبخل على المنظمات الأهلية بسخاء منقطع النظير، في توفير كل ما من شأنه تدريب الجيل الصاعد على هذه الثقافة، حتى إذا اقتربت دولة ما من الديمقراطية الحقيقية، تم الانقلاب عليها! ويبدو أن بريق الملايين التي يصرفها الغرب في هذا المجال فتح شهية مقتنصي الفرص، لفتح مزيد من "دكاكين" حقوق الإنسان والديمقراطية، ففي مصر مثلا، زاد عد ما يسمى منظمات حقوق الإنسان من منظمة واحدة عام 1983 ( المنظمة العربية لحقوق الإنسان ) إلى أكثر من 110 منظمات حقوقية عام 2011 بعضها حصل على الموافقة والتسجيل في وزارة الشئون الاجتماعية المصرية ( 75 منظمة ) والكثير منها لم يسجل قانونياً، وزاد عدد المنخرطين في البعثات العلمية والدورات التدريبية من مصر وحدها منذ عام 1974 حتى عام 2010 أكثر من 120 ألف كادر علمي وإداري واقتصادى مصري وفقاً لأكثر التقديرات تحفظاً، سواء بالسفر عبر المحيط إلى هناك أو عبر البرامج والدورات التي تنظمها الأذرع الفكرية لهذه المنظمات في مصر ( منح فولبرايت ، فوردفونديشن ـ هانس زايدل ـ فردرييش ايبرت ـ فردريش نيومان .. وغيرها ). وثمة إحصاءات تتحدث عن أكثر من 220 ألف شاب وفتاة في مقتبل العمر نظموا وتلقوا تدريباً وتثقيفاً يعزز من قيم ما يسمى "الليبرالية" في حقليْ السياسة والاقتصاد، ويعلى من نماذج الحلول والنظم السياسية الغربية على حساب ابتكار صيغ وطنية حقيقية لبناء مجتمعاتنا العربية، كما يقول عبد الخالق فاروق الخبير المعروف في الشؤون الاقتصادية، في أحد مقالاته. وفي هذا السياق، نستذكر "مبادرة الشراكة مع الشرق الاوسط" التي أطلقتها الخارجية الامريكية في 2002م وتسمى اختصارا "ميبي"، وتقوم بدور مساعدة المنظمات الاهلية، كما هو معلن، وفي 2008م أعلن مكتبها في تونس عن بدء تقديم المساعدات " 3 ملايين دولار " . وقد ركزت على الجمعيات النسائية والمنظمات المهنية "، ومنحت مساعدات ب 430مليون دولار في 17بلدا، وفي 2008م اطلقت السفارة الامريكية في تونس برنامج " ميبي " تحت عنوان "المبادرة للتحول في تونس" وتم تخصيص 50مليون دولار له . هذا البرنامج يشمل ادارة برامج في كل من الجزائر ومصر ولبنان وليبيا وتونس واسرائيل .ينظم هذا المكتب بتونس مؤتمرات اقليمية وأخرى لنساء الاعمال وقادة الطلاب، ودورات لتدريب سيدات الأعمال الشابات، وفي 2011م مولت " ميبي " منظمة تدعى "منتدى المواطنة" في برنامج شراكة مع نادي اليونسكو بتونس، من اجل تكوين القيادات الشبابية بحسب الرؤية الامريكية . وفي هذا البرنامج تم تسويق للأجندات الأمريكية المتعلقة بالمنطقة ومنها اهم نقطتين في المشروع وهما:* ترسيخ التشارك في الحكم * التسوية النهائية للصراع العربي الاسرائيلي واعلنت مسؤولة البرنامج حينها تخصيص 20مليون دولار لدعم التحول في تونس . وفتحت "ميبي"، ثلاثة مكاتب إقليمية الأول ويشمل لبنان وشمال أفريقيا والثاني في أبو ظبي وهو موجه لبلدان الخليج العربي والثالث في القاهرة مخصص لمصر. ومن المنظمات المختصة بتسويق الديمقراطية أيضا، الوكالة الامريكية USAID : * تقوم هذه الوكالة بممارسة نشاطاتها تحت واجهات تنموية وخيرية وانسانية في معظم البلاد العربية، وأخطر أعمالها تمويل ما يسمى "مدارس المواطنة" وهي نواد يتم فيها ابتعاث النجباء من التلاميذ إلى بلاد الغرب، وتقول الإحصاءات أن 95% من التلاميذ يبقون في اوروبا او امريكا ولا يعودون . وقد أطلقت هذه الوكالة برنامج " شبكات المجتمع المدني الاقليمية " من اجل جمع اكبر قاعدة بيانات حول حياة الناس في البلاد مع الترويج للمفاهيم والقيم الغربية والحلول السياسية الامريكية كالتطبيع وحوار الأديان . وتقول هيفاء زنكنة وهي روائية ومؤلفة ورسامة عراقية كردية، إن معظم منظمات المجتمع المدني في العراق المحتل، إما منظمات وهمية تتلقى الدعم بلا خدمات، او ملحقات بأحزاب تستظل بالاحتلال أو منظمات تتلقي الدعم والتمويل من ادارة الاحتلال مباشرة لتقوم بمهمة معينة تخدم سياسة الاحتلال، حيث بلغ عدد المنظمات المتكاثرة بسرعة الأرانب الآلاف من بينها 2000 منظمة نسوية وهمية، أو لتخدم استراتيجية الاحتلال على المدى البعيد كما هو حال منظمات عهد العراق وأصدقاء الديمقراطية الامريكية، وتقول أيضا في سياق مقال لها، إن الدراسات الاكاديمية والبحوث العديدة في مجالات التنمية ومراحل ما بعد الاحتلال الأمريكي، بان احد اوجه الكولونيالية الجديدة هو السيطرة على منظمات المجتمع المدني من خلال التمويل الخارجي والذي يؤدي بالضرورة الى فرض شروط العمل ومواصفاته على هذه المنظمات وبدرجات متفاوتة. وتعتبر المساعدات الامريكية، خاصة الحكومية منها وهي الاكبر عالميا ومن خلال وكالة "العون"، الأكثر تحديدا لنوعية العمل. وتعتبر الوكالة وتفرعاتها هي الانشط في العراق المحتل وان لم تكن الوحيدة، اذ تشاطرها المهام نفسها الجهات المانحة البريطانية والاوربية. الا ان نموذج الوكالة الامريكية هو المتميز، وتنسب لرئيس الوكالة السابق اندرو ناستيوس قوله بان على المنظمات ان تعلن صراحة تأييدها للسياسة الامريكية والا قام بنفسه بتمزيق العقود، كما تنسب لكولن باول، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق قوله في خطاب له بان منظمات المجتمع المدني ذراع للسياسة الامريكية! -------------------------------* الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب الخاصة، ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لوكالة الأناضول. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :