اللاجئون يصطدمون بحاجز اللغة الألمانية الصعبة

  • 11/24/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يرى مصطفى أن أصعب ما في اللغة الألمانية هو تعلم تصنيف الكلمات ما بين مؤنث ومذكر و"محايد"، ويقول رفيقه مجد المستاء أيضا من تعقيدات اللغة "والنقطتان فوق الحرف أيضا". غير أن شكوى الفتيين السوريين ليست جدية، فهما نجوا من المعارك الضارية في بلادهما ومن الرحلة الفظيعة التي قادتهما إلى أوروبا، وهما سعيدان بالعودة إلى مقاعد المدرسة، المحطة الأساسية للعودة إلى حياة طبيعية. مصطفى ومجد وأفراد عائلتيهما هم بين نحو 890 ألف لاجئ وصلوا العام الماضي إلى ألمانيا وثلثهم من القاصرين، وتواجه ألمانيا حاليا مهمة شاقة تقضي باستيعاب هؤلاء الوافدين الجدد في نظامها المدرسي، لقاء تكلفة قدرها 2.3 مليار يورو في السنة. والعقبات في وجه هذه المهمة هائلة، فمعظم الشبان لم يكونوا يتكلمون الألمانية إطلاقا عند وصولهم، وقد حرموا لأشهر بل لسنوات من الدراسة، وعديدون منهم في حال صدمة لما شاهدوه وعاشوه في سورية. وتقول إيلكا هوفمان العضو في مجلس إدارة أكبر نقابة للمدرسين الألمان، "إنه تحد هائل"، وترى أنه يتحتم على ألمانيا توظيف نحو 24 ألف مدرس جديد لمواجهة هذا التدفق، إضافة إلى الحاجة الماسة والعاجلة إلى أطباء نفسيين ومستشارين في المدارس. وقالت بحسب "الفرنسية"، "تظهر الصدمات بطرق مختلفة، ونحن غير مهيئين لذلك". ومصطفى ومجد منتسبان إلى مدرسة "هاينريك فون برينتانو" في مدينة هوكهايم إلى غرب فرانكفورت. في هذه المدرسة كما في جميع مدارس ألمانيا، يتخذ شعار المستشارة أنجيلا ميركل "سوف ننجح في ذلك" مغزى أكبر، ليصبح مهمة يومية. في صف مصطفى، الأجواء إيجابية، لكن التحديات كثيرة بالنسبة إلى المدرس ميكايل سميراجليا، إذ يترتب عليه التوجه إلى تلاميذ باتوا في مرحلة متقدمة في معرفتهم باللغة الألمانية، وآخرين ما زالوا في طور تعلم الأبجدية اللاتينية. ويضاف إلى صعوبة تعلم اللغة، تحدي التعامل مع فتيان في حالة صدمة، يكون سلوكهم داخل الصف صعبا أحيانا. ويقول سميراغليا فيما تلاميذه يقرأون حوارا بلغة ألمانية متلعثمة "سرعان ما أدركت أن تكثيف الدروس سيشكل صفا مكثفا بالنسبة إلي أنا أيضا كأستاذ". وكان سميراجليا يعمل في الماضي مستشارا عائليا وتعامل مع شبان يعانون صدمات، ما كان "مفيدا للغاية" له في عمله الحالي. ويقول المدرس بصوت عذب "لدي تلاميذ تراوح أعمارهم بين 12 و15 عاما، عرفوا شعور الخوف على حياتهم"، مشددا على أهمية توفير بيئة آمنة لهم تسمح لهم بالبوح بما لديهم. ويقول "حين يفاتحونني بما يشعرون به، إنها بمنزلة هدية لي، وهذا يسمح لي بأن أفهمهم بصورة أفضل وأن أتعاطى مع أي سلوك غير لائق". وسيحين الاختبار الحقيقي للتلاميذ اللاجئين عندما سيتحتم عليهم ترك الصفوف المكثفة وبيئتها "الآمنة" للالتحاق بالصفوف العليا، حيث للأساتذة برنامج يتحتم عليهم إتمامه، ولن يجدوا الوقت ولا الأدوات الضرورية لمساعدتهم بصفة فردية. ولتسهيل هذا الانتقال، يمضي اللاجئون في مدرسة برينتانو ساعات عدة في الأسبوع بصحبة رفاقهم الألمان لمتابعة دروس في الإنجليزية والرياضيات والقيام بنشاطات رياضية. غير أن اللغة تبقى حاجزا، ويقول مصطفى "الأساتذة يتكلمون بسرعة كبيرة ولا أفهم كثيرا مما يقولون". لكن هذا يساعد على كسر الجليد بين الوافدين الجدد والتلامذة الألمان. كما يحصل تقارب حين يلعبون كرة القدم معا خلال الاستراحات، ويقول مصطفى "نلعب معا، وبهذه الطريقة نحسن لغتنا الألمانية". ويقر فتيان الصفوف المكثفة "إنهم ما زالوا يميلون إلى البقاء فيما بينهم". وتقول مرجان وهي فتاة في الـ 14 من العمر قادمة من أفغانستان، "لست على اتصال كثير مع التلاميذ الألمان، لكن الجميع ودود جدا". وتذكر بين نقاط الاختلاف الرئيسية مع مدرستها السابقة، الاختلاط، وهو في رأيها "أمر جيد". وتوضح "إننا نتفاهم بصورة أفضل حين نتعلم معا". في مطلق الأحوال، تسمح العودة إلى المدرسة لهؤلاء الفتيان والفتيات بالشروع مجددا في وضع خطط لمستقبلهم. ويطمح مصطفى أن يصبح طيارا، لأنه يعتقد أنه من المستحيل العمل في المجال الذي هو شغفه الحقيقي: الكاراتيه، أما مرجان، فحائرة بين المحاماة والتجميل، في حين حسم مجد أمره: سيكون شرطيا.

مشاركة :