يحتل السعودي المرتبة الأولى عالمياً في استهلاك الخبز، مع توقعات حكومية بزيادة الواردات من القمح، فيما بدأت المملكة تتجه إلى تقليل فاقدها الكبير منه، بتعديل لائحة الغرامات الخاصة بهذا الهدر، خصوصاً مع انخفاض سعره. يأتي ذلك في وقت كشفت المؤسسة العامة للحبوب في تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، عن وجود هدر سنوي بكميات كبيرة من المخبوزات، خصوصاً من عجينة «السمبوسة»، يصل إلى أكثر من67 ألف كيس سنوياً، أي ما يعادل مليون و300 ألف ريال، ويتضاعف أكثر في المواسم، عازية الأسباب إلى «سلوكيات خاطئة ينتهجها كل من المستهلك والمنتج». وجاء ذلك بعد دراسات مسحية تبين من خلالها وجود هذه السلوكيات الخاطئة، إذ قسمت الدراسة سلوكيات المستهلك إلى ثلاثة أقسام، الأول: «الواعي» وهو من يشتري بقدر الحاجة ويحسن التصرف في الفائض، والثاني: «غير المبالي»، وهو من يشتري من دون تخطيط ولا يحسن التصرف في الفائض، أما الثالث: فهو «المسيء للاستخدام» أي من يشتري بشراهة ويسيء التصرف في الفائض. وذكر مدير إدارة التسويق في المؤسسة العامة للحبوب زيد الشبانات، أن المؤسسة تنتج أكثر من 60 مليون كيس دقيق، ويُقدم دعم سنوي يصل إلى بليوني ريال، ليصل الخبز إلى المستهلك بأقل كلفة عبر مطاحن ضخمة قيمة الواحدة منها 200 مليون ريال، مشيراً إلى أن الهدر في عجينة «السمبوسة» يعادل كيساً من كل ثلاثة أكياس أي 30 في المئة منها. ويستهلك الفرد السعودي العادي نحو 235 غراماً من القمح يومياً، والكعك أو أنواع الخبز الأخرى. وتقدم الحكومة دعماً كبيراً لقطاع القمح، ما جعل الخبز أرخص من التفاح والبرتقال والطماطم، وفقاً لتقرير صادر عن وزارة الزراعة الأميركية في آذار (مارس) 2015، نشره موقع «أم بي سي». هذا الهدر الكبير في استهلاك الحبوب، دعا أحد أعضاء مجلس الشورى إلى المطالبة بتقليص الدعم على المواد الغذائية، مثل الدقيق، ليصبح سعرها في المملكة مثل نظيره العالمي، وذلك «لترشيد الإسراف»، وقال أن ارتفاع «سعر الخبز» ريالين لن يؤثر في المواطنين. وأوضح عضو المجلس الدكتور سامي زيدان لـ«الحياة»، أن رفع الدعم عن المواد الغذائية مثل الدقيق والرز وغيرهما من المواد المدعومة، يساهم في توافر مبالغ إلى الدولة، وعدم إساءة استخدام الدقيق، خصوصاً بعد تحويله إلى خبز بسبب كثرة استهلاكه زيادة عن الحاجة، لافتاً إلى وجود بعض الأشخاص الذين يسيئون استخدامه، فمنهم من يقدمه علفاً للماشية، وكميات كبيرة منه ترمى في سلال القمامة. وأضاف زيدان: «إذا تم رفع الدعم عن القمح أو الدقيق، فإنه من المتوقع أن يزيد سعر الخبز من ريال إلى ريال ونصف الريال أو ريالين، وهي ليست بالزيادة الكبيرة على الأغنياء الذين لا يؤثر فيهم رفع الدعم من عدمه»، مقترحاً في الوقت نفسه تقديم الدعم إلى الفقراء بمبالغ مالية تقيسها الدولة وفقاً لأعداد الأسرة والمنطقة والراتب وحجم السوق والحاجة. إلا أن هذه الدعوات لاقت استهجاناً من كتاب وجدوا فيها إجحافاً للفقراء الذين يحصلوا على الخبز بريال فقط، ويعتمدون عليه في وجبات العشاء في شكل أساس، لافتين إلى أن تطبيق الأسعار العالمية قد يجوز على الطاقة والبيئة، إلا أنه لا ينطبق على الخبز لأنه القوت اليومي الذي لا غنى لأحد عنه. وتسعى المؤسسة العامة للحبوب إلى زيادة الناتج المحلي من الدقيق لسد حاجة الاستهلاك الداخلي، وتحقيق الأمن الغذائي في المملكة، إذ نجحت في زيادة إنتاجه في العام الماضي ليبلغ أكثر من 2.670 مليون طن بزيادة عن العام 2014 بنحو 126.4 ألف طن. وأرجع التقرير السنوي للمؤسسة عن العام المالي الماضي 1436هـ هذه النتائج إلى افتتاح فرعي المؤسسة في محافظة الجمجوم والخرج، ما كان لهما الأثر الإيجابي في زيادة الإنتاج، لافتاً إلى أنها تنشئ حالياً فرعاً متكاملاً في محافظة الأحساء يضم صوامع لتخزين القمح بطاقة 60 ألف طن ومطحنة لإنتاج الدقيق بطاقة 600 طن قمح يومياً. وبينت المؤسسة في تقريرها، أن إجمالي طاقة تخزين القمح يبلغ 2.910 مليون طن متري موزعة على 12 فرعاً تابعاً لها في كل من: الرياض، جدة، الدمام، القصيم، خميس مشيط، تبوك، حائل، الجوف، المدينة المنورة، الجمجوم، الخرج، ووادي الدواسر. ووفق التقرير، أنشات المؤسسة مطاحن الدقيق في 11 فرعاً موزعة على أنحاء المملكة في المناطق التالية: الرياض، جدة، الدمام، القصيم، خميس مشيط، تبوك، حائل، الجوف، المدينة المنورة، الجمجوم، والخرج، وتبلغ الطاقة الإنتاجية الإجمالية لمطاحن الدقيق 12 ألفاً و750 طن قمح يومياً. وفي إطار جهودها الرامية الى سد الطلب المتزايد على الحبوب داخلياً، أرست «مؤسسة الحبوب» الدفعة الخامسة من القمح المستورد للعام الحالي، بكمية 610 آلاف طن من القمح الصلب، موزعة على المناشئ الأوروبية والأميركية (الشمالية والجنوبية) والأسترالية، ليصل بذلك ما تعاقدت عليه المؤسسة خلال هذا العام الى أكثر من 3.1 مليون طن. وأوضح محافظ المؤسسة المهندس أحمد الفارس، أن التعاقد يأتي في إطار تغطية الاحتياجات المحلية والحفاظ على الاحتياط الاستراتيجي من القمح، مبيناً أن الدفعة الخامسة لهذا العام ستصل خلال الفترة من كانون الأول (ديسمبر) 2016 إلى كانون الثاني (يناير) 2017، وبواقع عشر بواخر، موزعة بواقع ست بواخر إلى ميناء جدة الإسلامي، بكمية 370 ألف طن، وثلاث بواخر إلى ميناء الملك عبدالعزيز في الدمام بكمية 185 ألف طن، وباخرة واحدة إلى ميناء جازان بكمية 55 ألف طن، مضيفاً أنه بانتهاء ترسية الدفعة الخامسة تكون المؤسسة تعاقدت هذا العام حتى اليوم على كمية تقدر بنحو 3.1 مليون طن. ولفت المحافظ إلى وجود 20 شركة عالمية كبرى متخصصة في تجارة الحبوب تنافست خلال المناقصة التي طرحتها المؤسسة، وهو ما أتاح الحصول على أسعار تنافسية، إذ تمت الترسية على خمس شركات كانت عروض أسعارها هي الأقل في ضوء المواصفات المعتمدة من المؤسسة. يذكر أنه في تقرير نشرته «مؤسسة الحبوب» على موقعها الرسمي، بلغ إجمالي ما تعاقدت عليه المؤسسة على استيراده من القمح منذ العام 2008 وحتى العام 2016، نحو 19 مليون و730 ألف طن، بمتوسط 280.9 دولار للطن، فيما توقعت أن يتزايد استيرادها من القمح خلال السنوات التسع المقبلة وصولاً إلى أعلى معدل له في العام 2025 بنحو 4.5 مليون طن من القمح.
مشاركة :