تزايد غضب المصريين من نقص الأدوية بسبب تراجع الجنيه شن عدد من المستثمرين في مصر، هجوما ضاريا على قرارات تحرير سعر صرف العملة، وأكدوا أنها تسببت في رفع تكاليف الإنتاج بشكل كبير، بسبب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، بنسبة تصل إلى 77.5 بالمئة. العربمحمد حماد [نُشرفي2016/11/24، العدد: 10465، ص(11)] الدواء يبتعد عن متناول فقراء المصريين اتسع الجدل في قطاع الاستثمار المصري بدرجة غير مسبوقة بشأن قرار تعويم سعر صرف الجنيه منذ الثالث من نوفمبر الجاري، الذي ترك لقوى السوق حرية تحديد السعر العـادل لمختلف العمـلات أمـام الجنيه المصـري. وتسبب الانخفاض الكبير في قيمـة العملـة المحلية في نفاد البعـض من الأدوية من الصيدليات في مختلتف أنحاء مصر ومنها أدوية مهمة لإنقـاذ حياة المرضى، ما دفع المستثمرين إلى التحذير من أن هذه المشكلة، التي هي جزء من مشكلات أخرى ستؤدي إلى توقـف نشاطهـم. وتفجرت المشكلة بشكل أوسع بعد قرار مصلحة الجمارك، بتحديد سعر الدولار في المنـافذ الجمركيـة، وفق الأسعار اليومية المعلنة من البنك المركزي، بعد أن كانت تثبته عند السعر الرسمي السابق البالغ 8.88 جنيه، والذي يعرف بالدولار الجمركي. وأدى قرار التعويم إلى رفع أسعار المواد الخام المستوردة من الخارج، بنسب تصل إلى 77.5 بالمئة، ما رفـع الضـريبة الجمـركية وتكلفـة الإنتـاج، ومن ثـم رفـع أسعـار المنتجـات. ورغم أن المستوردين كانوا قبل تحرير سعر الصرف يشترون الدولار من السوق الموازية بنفس الأسعار الحالية أو أكثر، إلا أنهم باتوا يتوقعون “رِدة اقتصادية” غير مسبوقة في حركة الاستثمار والتجارة العالمية. علي عيسى: الدولار تراجع في البنوك بنسبة 15 بالمئة وحجج رفع الأسعار واهية ويطالب المستوردون حاليا بتحديد قيمة منخفضة للدولار في الجمارك، كي لا يتحملوا ضريبة جمركية كبيرة، وأصبحوا يلوحون بإغلاق مصانعهم بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج. لكن رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين علي عيسى أكد أن حديث المنتجين عن موجة ارتفاع جديدة في الأسعار بسبب التعويم، أمر مجحف للغاية. وأضاف لـ“العرب” أن موجات تضخم الأسعـار كانـت قـد بـدأت بالفعـل منـذ شهـور، بسبب تحميل المستوردين لفـروق تدبير العملة الحرة من السوق الموازية، على المستهلكين. وأكد أن الأسعار الحالية للدولار في البنوك، تقل بنسبة 15 بالمئة عما قبل التعويم، وبالتالي فإن حجج رفع الأسعار بسبب التعويم، هي حجج واهية. وبلغت المشكلة ذروتها في قطاع الدواء، حين كشفت غرفة الصناعات الدوائية في مصر عن تداعيات سلبية كبيرة على صناعة الـدواء، بسبب تحرير سعر صرف العملة أمام العملات الرئيسية العالمية. وأوضحت “أن المصانع تستورد أكثر من 90 بالمئة من المواد المستخدمة في تصنيع الدواء من الخارج، وأن توفير العملة الصعبة بأسعار مناسبة وملائمة يمثل الآن ضرورة قصوى”. وكان ارتفاع سعر الدولار حتى قبل قرار تعويم الجنيه قد أدى إلى اختفاء نحو 1471 مستحضراً من الصيدليات، منها 366 مستحضراً ليس لها بديل محلي. وتراجع عدد الأدوية المتداولة في السوق المصرية إلى نحو 7010 أدوية، ما يعني أن أكثر من 20 بالمئة من الأدوية غير موجودة حاليًا، بسبب المشكلات التي تواجه صناعة الدواء. ويتم تسعير الدواء في مصر من خلال “لجنة التسعير” التابعة لوزارة الصحة، وتشهد هذه اللجنة صراعاً مستمراً مع الشركات، حيث تسعى الشركات دائماً للتشكيك في حسابات اللجنة، ومستويات الأسعار التي تحددها. ونفى أحمد عماد الدين، وزير الصحة المصري، حدوث أي زيادة على الإطلاق في أسعار الأدوية، وأكد أن الأدوية موجودة، وأن ما يتردد في الشارع حول وجود نقص، هو مجرد شائعات. وتستورد مصر نحو 20 بالمئة من احتياجات سوق الدواء تامة الصنع، بينما توفر المصانع المحلية نسبة اكتفاء ذاتي تقدر بنحو 80 بالمئة. وقال أحمد العزبي، رئيس غرفة صناعة الدواء، رغم أن قرار تعويم الجنيه كان حتمياً فإن وزير الصحة غابت عنه عدة نقاط في مجال صناعة الدواء. وأكد قرب عقد اجتماع مع رئيس الوزراء شريف إسماعيل، لضمان توفير الدواء بمستويات سعرية عادلة، سواء للمريض أو للمنتج، في ظل تحرير سعر الصرف. ويبلغ عدد المصانع المصرية العاملة بصناعة الدواء نحو 154 مصنعا، إلى جانب 50 مصنعاً مازالت قيد الإنشاء. أحمد العزبي: تعويم الجنيه حتمي، ونتفاوض مع الحكومة لوضع سعر عادل لبيع الدواء وأكد محيي عبيد، نقيب الصيادلة، أن الدواء سلعة مسعرة إجباريا، وأن قرار تحرير سعر الصرف تسبب في تراجع هامش الربح للصيدليات. وكشف لـ“العرب” أن عددًا كبيرًا من الصيادلة، أصبحوا مضطرين إلى بيع صيدلياتهم، التي لم يعد هامش ربحها يتعدى 7 بالمئة فقط. وقال حسام عمران، مدير التصدير في شركة “بيكو” الدولية للصناعات الدوائية، إن “عدم استقرار سعر الدولار وارتفاعه، بعد تحرير سعر صرف الجنيه، دفعا العديد من الشركات، إلى الامتناع عن شراء مواد خام جديدة”. وأضاف أن “الشركات التي تصنع المواد الخام، أصبحت ترفض تزويد مصانع الأدوية، لأنها ترى أن مستويات الأسعار ستشهد المزيد من الارتفاعات”. واقترح في تصريحات لـ“العرب”، ضرورة إنشاء شركة مصرية مساهمة، لتصنيع المواد الخام للأدوية، لتفادي الوقوع تحت رحمة “الدولار”، والاستيراد من الخارج. وأشار عاملون في شركات الأدوية إلى أن البعض سوف يخرج من السوق، بسبب الضغوط والاشتراطات الكثيرة التي تضعها وزارة الصحة، فضلاً عن عدم زيادة هامش الربح منذ فترات طويلة، ورجحوا عدم استمرار الكثير منهم، وبقاء الشركات الكبيرة فقط. وأكد محمود شاهين، مدير مصنع دواء تابع لإحدى الشركات الحكومية لـ”العرب” توقف الشركة بالفعل عن شراء المواد الخام، وأنها تستخدم الآن ما لديها من مخزون، بانتظار ما ستفعله وزارة الصحة خلال الفترة المقبلة. :: اقرأ أيضاً بريطانيا تحاول ترقيع التداعيات الاقتصادية للبريكست انتكاسة خطط فيسبوك لربط العالم بالإنترنت واشنطن تسمح لإيران بشراء طائرات أيرباص منتجو الألومنيوم الخليجيون يستهدفون التصدير لأميركا رغم ترامب
مشاركة :