نتيجة حظر المركبات. ونشط استخدام "الحنطور"، على نحو ملحوظ، في تنقل سكان الموصل بين الأحياء السكنية، التي تم تحريرها مؤخراً، لا سيما الشرقية، للتبضع أو للوصول إلى مناطق أخرى للاطمئنان على الأقارب. وتحظر القوات العراقية حركة المركبات والدرجات النارية، خشية استخدامها من قبل "داعش" في شن هجمات انتحارية بالمناطق المحررة. ويشمل الحظر أحياء الزهراء، التحرير، والقادسية الثانية، وجيعها يقع شرق وشمال شرق الموصل، ولا تزال تشهد انفجار سيارات مفخخة يذهب ضحيتها المدنيين. وتعد الموصل، التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي منذ يونيو/حزيران 2014، ثاني كبريات مدن العراق (من حيث السكان) ذات الغالبية السنية. من بين أزيز الرصاص وسقوط قذائف الهاون والانفجارات، ومن بين مركبات ومدرعات الجيش ودباباته، يمضي قدماً "أبو تحسين"، صاحب "حنطور"، بدأ يستخدمه في نقل السكان بين حي الزهراء، شمال شرق الموصل، ومنطقة كوكجلي، التي تبعد كيلومترات. يقول "أبو تحسين" (44 عاماً)، في حديث للأناضول، "كنت أتجول بعربتي وحصاني لأبيع اسطوانات الغاز السائل، ولكن مع بدء العمليات العسكرية اضطررنا للبقاء بمنازلنا، ولا نتمكن من مزاولة أعمالنا بمرور الأيام، وما أدخرته من نقود بدأ ينفد ما دفعني بالتفكير بإيجاد عمل ما". ويضيف أبو تحسين، إن منطقة كوكجلي، شرق الموصل، أول الأحياء التي تحررت عادت الحياة فيها والأسواق وضعها أفضل من حي "الزهراء"، ما يجبر السكان هنا على الانتقال إلى منطقة "كوكجلي" للتبضع، ولكن عليهم قطع مسافة تقدر بأكثر من ساعة سيراً، لا يتحملها البعض". ويتابع: من هنا جاءت الفكرة أن أستخدم الحنطور لنقل المواطنين من وإلى الحي للتبضع. وعن أسعار التنقل يقول صاحب "الحنطور"، الشخص الواحد الذاهب إلى "كوكجلي" لشراء الخضار والمواد الغذائية، يتكلف ألف دينار عراقي (نحو 80 سنتا أمريكيا)، وأصبحت أجني يومياً أكثر من 25 ألف دينار (نحو 20دولاراً). قاسم الكعبي، الضابط برتبة ملازم ثاني في جهاز مكافحة الإرهاب (يتبع وزارة الدفاع)، يقول، للأناضول، "نقوم بأعمالنا في حي الزهراء، لكنه لا تزال بعض الأماكن ملغمة والطرق مغلقة، ولا نسمح بحركة المركبات خشية استهدافنا، فالوضع لايزال غير آمن". ويضيف الكعبي، "أبو تحسين وغيره طلبوا تقديم المساعدة لهم بالعمل بهذه الطريقة لتسهيل مهمة نقل السكان المحاصرين، فهم يفتقرون للمأكل والمشرب رغم سعينا لتوفيرها، لكننا نحاول التخفيف". وتواصل القوات العراقية حملة تطهير للأحياء السكنية في هذه المناطق، وتشمل تفجير سيارات مفخخة يتم العثور عليها داخل منازل، كان يستخدمها تنظيم "داعش" لشن هجماته وسبق له أن صادر هذه المنازل من الأهالي. كما تنتشر بشوارع الأحياء المحررة سواتر ترابية ومركبات، ووضعت عرضاً عند مدخل كل طريق فرعي من الحي، للحيلولة دون سير المركبات خشية الهجمات الانتحارية. زهير إلياس (25 عاماً) ، يجلس على العربة الخشبة مدلدلاً قدميه، قد لا تصل الأرض لارتفاع العربة، يقول، "كلفتني أمي بشراء الطماطم والبطاطا والخبز والبيض وأبلغتني بأنه عليَّ جلبها مشياً على الأقدام من منطقة كوكجلي". ويضيف: أسكن حي القادسية الثانية، ويجاورنا حي الزهراء، عندما وصلته، لاحظت وجود هذا الحنطور، فركبت العربة معهم لأقتصر الوقت وأتبضع من ثم أعود إلى منزلي. ويتابع إلياس، كل شيء متوفر في منطقة "كوكجلي"، أسواقها عامرة، بعكس الحال لدينا، فالأسواق مغلقة وشبه مهجورة ولم يقدم سكانها على فتحها، أعتقد بأنها أيام قليلة وستنتهي هذه المحنة. وتمكنت القوات العراقية من استعادة منطقة "كوكجلي" بعد قتال عنيف مع تنظيم "داعش" مطلع الشهر الجاري. و"كوكجلي" هو أول الأحياء السكنية، من الجهة الشرقية، للقادمين إلى الموصل، كما أن قريب كذلك من أربيل، عاصمة الإقليم الكردي. في أسواق صغيرة بمنطقة "كوكجلي" يقف صاحب متجر صغير، وهو يتوسط أعداداً من الزبائن لتلبية طلباتهم وتوفيرها، المحل عامر بالبضائع والمواد الغذائية على عكس المناطق الأخرى المحررة حديثاً. صاحب المتجر أطلق على نفسه اسم "أبو أحمد"، يقول للأناضول،: قربنا من مدينة أربيل جعلنا منطقة استراتيجية لتوفير الطعام لسكان المناطق المحررة التي لم يعد بمقدورهم الذهاب للموصل للتبضع، فتنظيم داعش يسيطر على أغلب أجزاء الموصل. ويشير "أبو أحمد"، إلى أن البضائع كانت قليلة في البداية، لكن بالتنسيق مع بعض الأشخاص، تمكنا من جلب البضاعة من أربيل وتأمين كل ما يحتاجه الزبائن. ويتابع "أبو أحمد"، أنه اتفق مع أحد الأشخاص على جلب البضائع عند آخر نقطة للقوات العراقية، المقابلة للبيشمركة، ومن ثم أتولى إدخالها إلى المنطقة، فالقوات العراقية تقدم لنا التسهيلات من أجل كسر الحصار عن السكان المحاصرين. ويوضح "أبو أحمد"، أنه بمرور الأيام بدأت تجارته تتسع، وأصبحت سكان الأحياء القريبة الأخرى تحضر إلى "كوكجلي" للتبضع، ويساعدهم في ذلك سماح القوات الأمنية باستخدام الحنطور في التنقل بين الأحياء. وانطلقت معركة استعادة الموصل 17 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، بمشاركة 45 ألفاً من القوات التابعة لحكومة بغداد، سواء من الجيش، أو الشرطة، مدعومين بالحشد الشعبي (مليشيات شيعية موالية للحكومة)، وحرس نينوى (سني)، إلى جانب "البيشمركة " (قوات الإقليم الكردي). وتحظى الحملة العسكرية بغطاء جوي من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. واستعادت القوات العراقية والمتحالفين معها، خلال الأيام الماضية، عشرات القرى والبلدات في محيط المدينة من قبضة "داعش"، كما تمكنت من دخول الموصل من الناحية الشرقية. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :