أخطاء الآباء في حق الأبناء بعد الطلاق

  • 11/25/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لقد أباح الله تعالى الطلاق إذا استحالت العشرة بين الزوجين، وباءت محاولات الإصلاح جميعا بالفشل، وأصبحت المفاسد والأضرار المترتبة عليه أقل من الأضرار الحاصلة إذا استمرت رابطة الزوجية مع وجود المشاحنات والنزاعات المستمرة، ولكنه يظل بغيضا إلى النفوس، ولعل من أهم أسباب ذلك هو تأثيره على نفسية الأبناء الذين هم معقد آمال الأمة وجيل المستقبل، فمهما كان تأثيره شديدا على الزوجين فلن يكون بفداحة تأثيره على الأطفال الذين سيرثون علة نفسية متمكنة، واضطرابا عاطفيا خطيرا، إن لم ينتبه الوالدان لتلافي آثاره منذ بداية وقوعه، حيث إن الطلاق تجربة نفسية قاسية ومريرة تؤثر سلبا في بناء شخصية الطفل، وأحيانا يقع الوالدان في بعض الأخطاء التي تؤثر على شخصية الأبناء تأثيرا يستمر معهم طوال حياتهم، نستعرض فيما يلي أبرز الأخطاء التي يقترفها الآباء بعد الطلاق وتؤثر سلبا نفسية الأبناء. - أن تجعلي طفلك رسولا بينك وبين مطلقك: إقحام الطفل في أمور الكبار يعرضه للضغوط النفسية، حاولي جعل الاتصال بينك وبين والد طفلك مباشرا، وركزي أثناء اللقاء على الموضوع الأساسي مهما حاول أن يحيد عنه، وإن كان لا بد من اللجوء إلى وسيط فليكن شخصا غير الطفل. - التماس الدعم النفسي لدى الأطفال: بأن تحكي له مثلا عن تفاصيل الطلاق وحالتك النفسية ومشاعرك السلبية نحو مطلقك، فقد يجعله ذلك يشعر بالذنب عندما يذهب لقضاء وقت مع الطرف الآخر، أو في بعض الأحيان عند تركك للذهاب إلى أي مكان كالمدرسة مثلا. وقد يشعر بالذنب لانحيازه إليك، أو بالغضب على أبيه لأنه يتحمل هذا العبء وحده، كما أن الطفل يحتاج أن يرى أنك ما زلت مسيطرة على الأمور ليشعر بالأمان، فطاقته النفسية لا تحتمل مساعدة البالغين على اجتياز مشاعر الحزن والفقد، لذلك استندي إلى العائلة والأصدقاء حتى تكوني قوية بالدرجة التي تجعلك سندا لطفلك. ابحثي عن مجموعات المساندة النفسية، واطلبي المشورة النفسية إن احتجت إلى ذلك. - وضع الأبناء في محل الكبار في حالة غياب الأم: فالأطفال يحتاجون إلى الشعور بطفولتهم، والشعور بالأمان استنادا إلى قدرة آبائهم على تولي مسؤوليات البالغين. - توجيه الأسئلة الكثيرة بعد لقاء الطفل بأبيه: ليس المقصود تجاهل الأمر، ولكن في الوقت نفسه تجنبي الإسراف في الأسئلة، حتى لا يشعر الطفل بالتوتر والقلق. اجعلي أسئلتك عامة قدر الإمكان، تحدثي معه كما لو كان في زيارة لأحد الأقارب. - انتقاد الوالد ورواية مواقف تهز صورته أمام الأبناء: فهذا يهز الطفل نفسيا بتشويه أول قدوة له في الحياة وهما الأب والأم، وقد يجد نفسه مضطرا للدفاع عن أبيه، فيشعر بالذنب للانحياز نحوه، أو قد يشعر نحو أبيه بالغضب والكره والخوف، وبالذنب لأنه يحمل نحوه تلك المشاعر السلبية. تلك المشاعر السلبية المتضاربة والمتراكمة تجعل من الصعب عليه استقبال وإرسال الحب. وقد ييأس الأب من إقامة علاقة مع طفله فيقطع تلك العلاقة فيتأثر الطفل. تجنبي أيضا الحديث بشكل سلبي عن أهل الطفل من ناحية أبيه، فسوف يُحدث شرخا في العلاقة تصعب معالجته، والناس يتغيرون مع الزمن، فلا داعي للقضاء على أي أمل في إقامة علاقة جيدة بعائلته. - مناقشة الأمور الخاصة بالأبناء في حضورهم: حتى ولو كان النقاش بطريقة متحضرة، فقد يعتقد الطفل أنه السبب فيما يحدث، أو أنه عبء على أحد الوالدين، مما يشعره بالرفض والذنب. - أخذ الأبناء بذنب أبيهم: كأن يشبه الطفل أباه في بعض الصفات الجسمانية أو الشخصية، مما يذكرك بمطلقك ويثير مشاعرك المكبوتة فتنفجري فيه. وقد تشعر الأم أن أبناءها هم نقطة ضعفها وسبب قهرها وكسرها، خصوصا إن تزوج الأب ولم تستطع هي حرصا على حضانة الأبناء. والحل أن تعرفي ما يثيرك فتنتقلي من خانة رد الفعل إلى خانة الفعل. تذكري أن طفلك لا علاقة له بما بينك وبين أبيهم، واصنعي علاقتك الخاصة به. - استخدام الطفل لمضايقة الطرف الآخر: كإطعامه وجبات سريعة عندما يهتم الطرف الآخر بالأكل الصحي، أو الحرص على الذهاب به إلى أماكن معينة أو مقابلة أشخاص معينين فقط لأنه يعلم أن الطرف الآخر سيكره ذهاب الأبناء إلى تلك الأماكن ومع هؤلاء الأشخاص، أو تعليمه كلمات يعلم أنها تضايق الطرف الآخر.. إلخ. أو استخدام الأم للطفل لاستغلال الأب ماديا خصوصا إن كان يحب الطفل، فيكبر استغلاليا أو يشب مهانا منكسر النفس. - تدليل الطفل بشكل زائد لاستقطابه نحوك: فينشأ الطفل استغلاليا يعرف إلى أي الوالدين يذهب للحصول على ما يريد ضد رغبة الطرف الآخر. بالإضافة إلى ما للتدليل من أضرار أخرى على شخصية الطفل، كإضعاف ثقته بنفسه وتنشئته شخصا اعتماديا. - إفساد المناسبات المهمة الخاصة بالطفل: يتشوق الأطفال لرؤية والديهم في المناسبات المهمة لهم مثل أعياد الميلاد والبطولات وحفلات التكريم، المشكلة أن الوالدين غالبا لا يستطيعان الحضور في غرفة واحدة دون أن يملأ التوتر الأجواء، والأطفال حساسون جدا لتعبيرات الوجه ونبرة الصوت ولغة الجسم. والحل في الصبر وتحمل التوتر، فهي مجرد ساعة، اجلسي بعيدا عن مطلقك، تجنبي التحدث معه في أي أمور شائكة، اجعلي تركيزك منصبا على طفلك. وإذا كان الصدام حتميا فيمكن أن تقللي وقت حضورك أو تتركي المكان كل حين ثم تعودي وهكذا. وأضعف الإيمان يتم التنسيق بحيث يحضر كل من الوالدين بعض الفعاليات. - الاستسلام لمشاعر الذنب: قد تعتقدين أنك السبب في تفكيك الأسرة لأنك طلبت الطلاق، أو لاعتقادك أن تقصيرك وأخطاءك هما السبب الذي دفع بالأمور إلى ذلك الوضع. قد تجدين أنه من الصعوبة أن تفرضي القواعد والحدود في حين تشعرين بالرغبة في الاعتذار لأبنائك عن الفوضى التي تعتقدين أنك سببتها في حياتهم. قد تلجئين إلى تدليل طفلك بشكل زائد رغبة في تعويضه عما تعتقدين أنك السبب في حرمانه منه. يستطيع الأطفال التعامل بشكل أفضل مع الطلاق إذا شعروا بالاستقرار الذي يأتي من الاستمرار في فرض الحدود والقواعد كالمعتاد. والأهم أن تتعاملي مع مشاعر الذنب تلك. قد تكوني ظالمة لنفسك فيكون عليك أن تنصفيها، وقد تتحملين نصيبا مما حدث فيكون عليك أن تتعلمي من أخطائك وتسامحي نفسك وتتجاوزي الأمر. وفي جميع الأحوال من المهم أن تتحرري من مشاعر الذنب. الأمر ليس سهلا بالطبع ويتطلب وقتا. خذي وقتك. تحدثي مع صديقة أمينة وحكيمة تساعدك على التبصر بالأمور أو اطلبي المشورة المتخصصة. - وضع الطفل في موضع الاختيار بين الوالدين: كاختيار مكان الإقامة أو البيت الذي يريد أن يقضي فيه العيد مثلا. فالطفل في الأوضاع الطبيعية لديه ولاء صحي تجاه الأبوين. ووضعه في محل الاختيار يدفعه إلى نقل ولائه من طرف إلى آخر، مما يتركه فريسة لمشاعر الذنب والحزن. - إلقاء كلا الوالدين بمسؤولية الأبناء على الآخر: فيكبر الأبناء شاعرين بالرفض وبأنهم عبء على من حولهم. - تعليق نجاحك على أبنائك: كثيرا ما تشعر الأم بعد الطلاق أنها في تحد وموضع اختبار من المحيطين. فتضع لطفلها معايير عالية في كل المجالات لتثبت نجاحها في تربيته. فلا ترضى بأقل من أعلى الدرجات في المدرسة، وأعلى المراكز في المسابقات الرياضية، ولا تقبل منه أخطاء سلوكية، فتنتقده بشكل دائم أو تقسو عليه. وهذا يثقل كاهل الطفل ويضعف ثقته بنفسه. - إشعار أبنائك أنهم عبء عليك: بالشكوى الدائمة والتحدث عن تضحياتك من أجلهم، مما يضعهم تحت وطأة مشاعر الذنب والرفض التي تحول بينهم وبين الاستمتاع بطفولتهم، وتدفعهم إلى محاولات مرضية لإرضاء الأم على حساب أحلامهم وحياتهم وصحتهم النفسية، فتصبح العلاقة ملغمة بالضغائن وتصير كالقنبلة الموقوتة التي يمكن أن تنفجر في أي وقت. - الدنيا ليست وردية والأمور لا تسير بشكل مثالي دائما، ولكننا نجتهد في القيام بما هو في صالح أبنائنا في حدود الظروف المتاحة. فالطرف الآخر قد يصعّب الأمر عليك حينما يصر على التصرف بحمق. وفي تلك الحالة عليك بالصبر، ومحاولة دفع السيئة بالحسنة، وتوسيط أهل الأمانة والحكمة ومن تتوسمين فيهم التأثير على مطلقك. - كذلك قد يصعب التفكير بشكل واضح والتصرف بشكل سليم حينما تكون المشاعر مضطربة والتفكير مشوشا، لذلك من المهم أن تكون لديك شبكة دعم تساندك في هذه الفترة الحرجة، قاومي مشاعر الذنب حينما تجدين أنك ترتكبين بعض هذه الأخطاء المذكورة، تسامحي مع نفسك وواصلي مسيرتك.;

مشاركة :