أركون الذي أفصح عما سكت عنه الآخرون

  • 11/25/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كتاب المنظور التأويلي في أعمال محمد أركون يتناول بالبحث المقاربات الفكرية المعاصـرة للواقع العربي الإسلامي المتعثر بتراثه عند المفكرين العرب والمسلمين. العرب [نُشرفي2016/11/25، العدد: 10466، ص(15)] مقاربة أركون من المقاربات الجريئة التي تطرح الفكر الحداثي في الفكر الإسلامي المعاصر عمّان- يعدّ المفكر الجزائري محمد أركون، واحدا من المفكرين الحداثيين المعاصـرين، الذين جهدوا بحثا في قراءة التراث الفكري الإسلامي قراءة حداثيّة، تعتمد في أساسها الفكري على استخدام المناهج المُستحدثة، والعلوم الغربية المعاصرة، وتوظيفهما معا بغية إنتاج فكر إسلامي معولم المفهوم. والمنهج الأركوني هو في ذاتيته نتاج ثقافة فرانكفونية لازمته بحثا وفكرا ومعايشة. وقد اشتغل أركون بشكل أساسي على تأويل وقراءة النص القرآني قراءة معاصـرة. من هنا جاء اهتمام محمد الطوالبة بدراسة فكر أركون. الكتاب الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون” بعنوان “المنظور التأويلي في أعمال محمد أركون” يتناول بالبحث المقاربات الفكرية المعاصـرة للواقع العربي الإسلامي المتعثر بتراثه عند المفكرين العرب والمسلمين. ويرى الباحث الذي يعمل أستاذا للفلسفة في الجامعة الأردنية، أن هذه المقاربات تمحورت حول محاور فكرية ثلاثة، ينطلق الأول من المسلمات الإيمانية، وبالتالي يعدّ التراث -وخاصة الديني- هو المرجعية الأساسـية والوحيدة. أما المحور الثاني فينطلق من فهمٍ براغماتي للتراث، بمعنى ضـرورة أن نأخذ ما يخدم واقعنا وينسجم مع مقتضيات الحاضـر من التراث، ونترك ما يتعارض مع معطيات الواقع. ويتسم المحور الثالث بأنه حداثي الأهداف والمناهج، يرى ضـرورة نقد التراث ومناهجه والقطع معه إبستيمولوجيا، للانخراط بفهم حداثي يعتمد المنهجيات والعلوم الحديثة، بصفتها مرجعية له. ويرى الباحث أن مقاربة أركون من المقاربات الجريئة التي تطرح الفكر الحداثي في الفكر الإسلامي المعاصر من وجهة نظر نقدية وجذرية في الآن ذاته. ويلفت إلى أن المشـروع الأركوني يتمركز حول سؤالين أساسـيين: الأول وجودي يتعلق بماهية التراث، والثاني منهجي يتعلق بكيفية تأويل النص القرآني ومنتجاته اللاحقة فكريا وسـياسـيا. ويشير محمد الطوالبة في كتابه إلى أن المشـروع الأركوني يؤسس لقراءة إبستيمولوجيّة تجديدية للتراث، مغايرة للإبستيمولوجيا الماضوية، أو الكلاسـيكية الإسلامية من ناحية، وللإبستيمولوجيا الاستشـراقية من ناحية ثانية. ويؤكد أن أركون يحاول عبر مشروعه أن يقدّم قراءة نقدية تفكيكية حفرية للتراث الإسلامي اعتمادا على مجموعة من المناهج العلمية الحديثة المستمدة من العلوم الإنسانية. فالإبستيمولوجيا الجديدة التي يعمل أركون على تحقيقها، تهدف إلى هدم الحدود المرسّخة التي تفصل بين الثقافات المختلفة. كما أنها إبستيمولوجيا نقدية منفتحة ومتحركة، تعمل على إبراز البعد التاريخي للحقيقة والمعنى وكيفية إنتاجهما. لذا عمد أركون إلى فحص عمل آليات اشتغال العقل الديني الإسلامي بمختلف تجلياته (الفقهي، والتفسـيري، والتاريخي) وعمل على تفكيكها. يتكون الكتاب من مقدمةٍ وخاتمةٍ وخمسة فصول. جاء الفصل الأول بعنوان “التوجهات الفكرية عند محمد أركون”، وتناول أهم عناصـر المشـروع الأركوني الفكرية، والمنهجية المتمثلة بالحداثة، والعلمانية، والتاريخية، والتأويل، والمنهجية النقدية، والمناهج الأوروبية الحديثة. أما الفصل الثاني فجاء بعنوان “المنهجية النقدية”، وتناول فيه الباحث مفهوم العقل عند أركون، ونقده للعقل الإسلامي الذي تركّز حول آليات عمل هذا العقل بمختلف تجلياته، ونقده لمنهج الاستشـراق في مجال الدراسات الإسلامية، ومدى قصوره. وجاء الفصل الثالث بعنوان “التأصيل لنزعة التأويل في الفكر العربي الإسلامي”، وناقش فيه الطوالبة بحث أركون في الأفكار المغيبة واللامفكَّر فيها والمسكوت عنها في العقل الإسلامي، وأسباب ذلك من الناحية التاريخية. كما استعرض القراءات التأويلية، وأشكال الفهم عامة بشكل موجز، سواء في الفكر الإسلامي التأويلي، أو في الفكر الغربي. وتحدث الفصل الرابع “قراءة النص الديني” عن بنية النص القرآني الذي عدّه أركون وحدة واحدة، وذات طبيعة مجازية أسطورية وطبيعة تاريخية تحوِّل الواقع التاريخي المعيش إلى رموز ومفاهيم مطلقة لتحقيق غاية النص. وقدم الباحث في الفصل الخامس الموسوم “ملاحظات نقدية” وجهة نظره النقدية للمشـروع الأركوني على المستويات: الفكري، والمنهجي، والتأويلي، مبينا مدى تحقيق أركون لأهداف مشـروعه المعلنة، وكاشفا عن مضمرات الخطاب الأركوني المسكوت عنها، ومدى إمكانية تحقيق المنهجيات التي يقترحها أركون، ومدى ملاءمتها لقراءة الفكر الإسلامي، وإنتاجيتها وخدمتها للمشـروع النهضوي العام. :: اقرأ أيضاً الكاتبة العمانية ليلى البلوشي تضيء القصص بكائنات الهامش الكتابة الشعرية مرجل يغلي لا غطاء له ولا يتلاشى بُخاره الذات والتاريخ في الملتقى العربي الأول للرواية بالمغرب لوحات تخاطب العين ولا تصل إلى القلب

مشاركة :