قلب وليد المعلم النابض «بعثاً»

  • 3/22/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

النسخة: الورقية - دولي قلب وزير الخارجية السوري وليد المعلم يحمل أهمية استثنائية، فهو إلى جانب وظائفه البيولوجية المعتادة لإبقاء الديبلوماسي البعثي الخارق على قيد الحياة يحمل هماً وطنياً جامعاً يربط بين حب البعث والتزود بعقيدته في الوحدة والحرية والاشتراكية وبين حب الرئيس مدافعاً عنه في قاعات مؤتمر «جنيف 2» شاهراً إصبعه في وجه من يريد عزله من الدول الكبرى. والقلب الذي يحضر في لغتنا ملاذاً للمشاعر الإنسانية الرقيقة فنضعه في مواجهة العقل كلما شعرنا بنقص في حضورنا العاطفي، يصبح لدى الوزير السوري الناشئ في مدرسة حافظ الأسد ماكينة لضخ الدم تعمل مثل أي مؤسسة حكومية أكلها الروتين والبيروقراطية. ليست الشرايين الثلاثة التي اصابها الانسداد سوى نتيجة طبيعية لمكننة القلب ودخوله زمن التعفن البعثي. مشاهد القتل اليومي والتعذيب والاغتصاب المرتكبة من قبل القوات النظامية لا تحدث أي تأثير في سرعة النبض المبرمج على إيقاع عقائدي صلب لا تشوبه أي عاطفة. المسافة بين البيولوجيا والايديولوجيا تكاد تنعدم في الجسد البعثي فتكتسب الأعضاء الجسمانية وظائف موازية لتلك التي تمارس في شكل يومي. الأيدي التي تحمل الهراوات والعصي داخل المعتقلات لتنهال على أجساد المعتقلين تصبح جزءاً من آلة النظام القمعية. مهمات المصافحة واللمس لا تلبث أن تغدو هامشاً لدى هذه الأعضاء مقابل الحمولة البعثية التي تثقلـها وتحدد مجرى تحركاتها القمعية. بهذا المعنى، فإن النظام الاستبدادي – الأسدي ليس سوى نظام أعضاء خرجت عن وظائفها البيولوجية وتحولت إلى أدوات تعمل ضمن منظومة البعث القمعية. جسد أخطبوطي تضرب أذرعه في جميع الجهات وتدمر بقصد البقاء. غالباً ما تشتغل الديكتاتورية على تطويع أجساد محكوميها عبر إعادة قولبتهم ليصبحوا جزءاً صلباً من جهازها المتعدد الأذرع. قد يوجب ذلك ضرورة الانتباه إلى الظواهر التي برزت مع انطلاقة الثورة حين بالغ المتظاهرون في التعبير عن أجسادهم رقصاً وحركةً وابداعاً. هناك من اختار لأعضائه وحواسه الحرية فخرج للتظاهر طمعاً في ذلك، ليبقى آخرون أسرى الأوضاع السابقة. لا يعني ذلك أن التمييز بين البعثي الموالي للنظام والمتظاهر المعارض له، يحمل أي نازع جوهراني يتعلق بصفات ثابتة تنعكس على الأجساد ووظائفها. التمييز هنا في قدرة النظام على التأثير بمحكوميه، تنميطهم وقولبتهم وتسخير أجسامهم لخدمة بقائه. قلب وليد المعلم تجاوز مرحلة التأثير، بات جزءاً من الجسد الكبير المسؤول عن الموت اليومي الذي يحصد أرواح السوريين ويفنيهم. لذلك وجب ترميم تصدعاته ليعود من جديد إلى ممارسة مهماته كقلب بعثي يهجس بحب العقيدة والقائد. لقد استغل النظام السوري خلال الفترة الماضية، لتدعيم روايته الهادفة إلى أبلسة المعارضة، قصة ذلك المقاتل في الجيش الحر الذي أكل قلب جندي نظامي، من دون أن ينتبه النظام إلى أن القلب الذي جرى التهامه سبق لمنظومته العقائدية أن ابتلعته منذ وقت طويل وبات يتفنن في ضخ الكراهية والحقد. القلب البعثي يصعب علاجه بفتح ما استغلق من شرايينه. مهما أجريت له عمليات جراحية فإنه يحتاج إلى أكثر من ذلك. يحتاج، ربما، إلى العودة إلى وظيفته الأساسية كقلب.     * كاتب سوري

مشاركة :