يبرر الآن عودة الكلام عن الهبة السعودية للجيش اللبناني والذي سبق وجمدت نتيجة للفراغ الرئاسي وتصرفات «حزب الله» وأتباعه في الحكومة، وبعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتكليف رئيس الوزراء السابق سعد الحريري بتأليف حكومية وفاق وطني، ما الذي يمنع مملكة الخير من فك قرار تجميدها الهبة وإعادة العمل لتسليمها الى الجيش اللبناني الذي يجب أن يكون قوياً ومزوداً بأفضل الأسلحة والتقنيات لمواجهة الإرهاب الذي يقف كغيمة سوداء فوق سماء المنطقة العربية. الرهان يبقى على الأيادي البيضاء في المملكة العربية السعودية التي لطالما كانت وستبقى الأخ الأكبر لكل بلد عربي وإسلامي، فهل ستحمل زيارة الرئيس عون الى المملكة البشائر بإعادة الهبة الى الجيش اللبناني وتذهب أحلام الولي الفقيه وأتباعه سراباً باستضعاف الدولة اللبنانية ومؤسساتها العسكرية. المملكة ستعيد النظر بقرار التجميد شدد العميد المتقاعد نزار عبدالقادر في تصريح لـ«اليوم» على ان «الافراج عن الهبة هو قرار سعودي كما كان توقيفها قرارا سعوديا»، لافتاً الى انه «لا أحد لديه معلومات عن ماهية القرار الذي من الممكن أن تتخذه السعودية، لكن الآمال كبيرة لكي تعيد النظر في وصول السلاح الى الجيش اللبناني». وأوضح أنه «جرى إطلاق مشروع صنع هذه الأسلحة داخل الشركات الفرنسية، لذلك هناك التزام تجاري ـ مالي ـ معنوي من المملكة العربية السعودية تجاه الدولة الفرنسية والشركات الفرنسية، والمملكة لن تتملص منه، الا ان السؤال هو الى أين ستذهب هذه الأسلحة، ولهذا أرجح أنه في نهاية المطاف، أن السعودية ستعيد النظر بقرار التجميد، وأن يكون المصب النهائي لهذه الأسلحة هو لبنان وليس المخازن السعودية أو جيوش أخرى كما جرى الترويج له في بعض وسائل الاعلام اللبنانية التي اعتادت أن تقرأ في الغيب دون أي ركيزة لها علاقة بالحقيقية أو بالواقع». الهبة السعودية لم تسحب من جانبه أكد الكاتب والمحلل السياسي يوسف دياب في تصريح للصحيفة ان «كل المعلومات تشير إلى أن الهبة السعودية لم تسحب، أي أن المملكة لم تسحب الأموال التي أعطتها لفرنسا من أجل تصنيع الأسلحة الحديثة للبنان، وكل ما جرى هو تجميد الاتفاقيات التي وقعت مع الشركات الخاصة التي تصنع الاسلحة»، مشدداً على انها «كانت وسيلة ضغط على السياسة القائمة في لبنان، فالسعودية تعلم قبل غيرها لا بل أكثر من اللبنانيين أن مصلحة لبنان بالدرجة الاولى أن يكون هناك جيش قوي، وهذا الجيش القوي ليس بالإمكان تحقيقه على أرض الواقع الا من خلال تسليحه تسليحاً عالياً، وان يكون لديه اكتفاء داخلي، بحيث لا يكون بحاجة في المهمات الداخلية لمساعدة»حزب الله«أو لأجهزة أمنية لصيقة بالدولة أو دخيلة عليها». وأوضح دياب ان «السعودية تعلم ان التجارب التي خاضها العرب واللبنانيون، ومشاهدتهم لدور حزب الله الإقليمي يقتضي ألا يكون هناك رفع يد عن لبنان، بل يجب أن يكون هناك دعم للمؤسسات العسكرية اللبنانية، من هنا عاد الكلام في المملكة عن اعادة تحريك الهبة للجيش اللبناني، لأن عماد الإستقرار في لبنان هو الأمن، فعندما يكون هناك إستقرار أمني يتولاه الجيش والاجهزة الأمنية التي رصد لها مبالغ لدعمها وتقويتها وتسليحها وتدريبها، عندها يعزز الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي»، مشدداً على أن «لبنان الآن أكثر من أي وقت مضى يحتاج الى هذه الهبة والى تسريعها»، لافتاً الى ان «الزيارات المتبادلة بين السعودية ولبنان وزيارة الرئيس ميشال عون الى المملكة ستتطرق في بندها الاول لهذا الموضوع، وستعود السعودية حاضنة أساسية للبنان في المرحلة المقبلة». خلط أوراق وفي السياق، أكد مستشار الرئيس العماد ميشال سليمان بشارة خيرالله في تصريح لـ«اليوم» ان «عودة المؤسسات الدستورية إلى الانتظام بعد انتخاب رئيس للجمهورية، ستخلط الكثير من الأوراق وستحرك الكثير من الملفات العالقة، وفي مقدمها -الهبة الاستثنائية- لدعم الجيش اللبناني التي منحت إلى لبنان في أواخر عهد الرئيس ميشال سليمان، ثم جمدت في ظل الفراغ الرئاسي والفلتان الأمني في لبنان، الذي عانى ما عاناه من هستيريا سياسية من دون رئيس يضبط إيقاع المؤسسات الدستورية». وشدد بشارة على ان «خيوط التواصل بين الرئيس سليمان وقيادة المملكة العربية السعودية قديمة وهي بحالة جيدة جداً ولم ولن تنقطع، وهي مبنية على الاحترام المتبادل، إيماناً من حرص الرئيس سليمان الدائم على أفضل العلاقات مع الأشقاء العرب وجامعة الدول العربية، ومن محبة المملكة للبنان واللبنانيين من دون أي تفريق، ومن حرصها الدائم على دعم المؤسسات، سيما مؤسسة الجيش اللبناني الذي يحارب الإرهاب ويحقق انتصارات عدة منذ الضنية عام 2000 ونهر البارد 2006 في الشمال اللبناني وصولاً إلى المعارك الأخيرة على الحدود الشرقية اللبنانية السورية». عودة العلاقات وفي هذا الإطار، أمل رئيس التجمع «الدستوري الديمقراطي» محمد سلهب ان «تعود العلاقات اللبنانية ـ السعودية في عهد الرئيس عون إلى ما كانت عليه أيام الرئيس سليمان، لأنه في ظل الفراغ الرئاسي وتعطيل أعمال الحكومة والمجلس النيابي، تراجعت علاقة لبنان مع الدول العربية بفعل غياب المرجعية الدستورية القادرة»، آملاً ان «تتشكل الحكومة سريعاً، ولا بأس من تطعيمها ببعض الوزراء التكنوقراط لتعزيز شأنها وتحسين إنتاجيتها».
مشاركة :