بغداد: حمزة مصطفى فتح مسلحو داعش عدة جبهات في نحو خمس محافظات عراقية (صلاح الدين، ديالى، كركوك، بابل، كربلاء)، وذلك عشية قيام قوات عراقية بغلق مدخلي مدينة الفلوجة الجنوبي والشمالي بالحواجز الكونكريتية تمهيدا لاقتحامها عسكريا بعد حصار طال لنحو ثلاثة شهور بعد أن وقعت تحت سيطرة التنظيمات المسلحة. وبينما أسفر القصف العسكري على الفلوجة خلال اليومين الماضيين عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، ففي ديالى أدى تفجير صهريج مفخخ إلى مقتل آمر لواء الشرطة الاتحادية في محافظة ديالى العميد راغب التميمي، وهو أرفع ضابط رتبة يخسره الجيش العراقي بعد مقتل قائد الفرقة السابعة في الجيش العراقي اللواء الركن محمد الكروي في وادي حوران غرب الرمادي قبل شهور في تفجير وكر مفخخ استهدفه مع مجموعة من الضباط والجنود، في المعارك الدائرة منذ شهور مع تنظيم دولة العراق الإسلامية في العراق والشام «داعش». وكان مصدر في عمليات الأنبار أعلن أمس أن «القوات المشتركة من الجيش والتدخل السريع (سوات)، وأفواج الطوارئ أغلفت بشكل كامل مدخل ناحية الصقلاوية إلى مدينة الفلوجة شمالا ومدخل النعيمية جنوبا بالحواجز الكونكريتية والأسلاك الشائكة لمنع هروب عناصر تنظيم داعش»، مؤكدا أن «عملية اقتحام الفلوجة ستكون قريبة». وأضاف المصدر أن «القوات الأمنية عززت وجودها بالدبابات والمدرعات مع نشر أسلحة خفيفة ومتوسطة حول محيط المدينة، فضلا عن استدعاء قوة إضافية لإسناد القطاعات العسكرية، لاقتحام الفلوجة وتطهيرها من تنظيم داعش»، مشيرا إلى أن الجيش والشرطة وبدعم من العشائر سيعملون على دك معاقل الإرهاب وملاحقة المطلوبين مع ضمان سلامة المدنيين. من جانبه، أكد الشيخ حميد الكرطاني، أحد شيوخ الفلوجة، أن «الحصار المفروض على المدينة منذ شهور لم يؤد إلى نزوح كل أهاليها منها لأسباب مختلفة، يقف في المقدمة منها أن بعض الأسر لا تملك ما يكفي من أموال للمغادرة، فضلا عن أن بعضها الآخر آثر البقاء في المدينة وحتى الموت فيها عندما شاهد المعاناة الأكثر مأساوية لمن نزحوا سواء من الرمادي أم من الفلوجة، وهناك عامل آخر أن الكثيرين قاموا بتسفير عوائلهم لكنهم بقوا في المدينة لأنهم لا يريدون ترك منازلهم»، مشيرا إلى أن «أي عملية اقتحام عسكري للمدينة سوف يسفر عن خسائر كبيرة قد تصل إلى مجزرة بشرية». في سياق ذلك، وسع المسلحون المعارضون للحكومة العراقية نطاق مواجهتهم معها لتشمل محافظات صلاح الدين وديالى وكركوك، بالإضافة إلى الأطراف الشمالية الغربية من محافظتي كربلاء (عبر قضاء المسيب) وبابل (عبر ناحية جرف الصخر)، في مسعى منهم لفك الحصار المفروض على الفلوجة وتشتيت القدرات العسكرية للجيش العراقي. ففي سامراء اضطرت الحكومة المحلية هناك إلى فرض حظر شامل للتجوال في القضاء على أثر المواجهات الخاصة بمحاولة اقتحام لواء العسكريين ومركز شرطة الرصاصي جنوب تكريت، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة 21 من عناصر الشرطة بينهم أربعة ضباط، فضلا عن خطف سبعة منتسبين آخرين ونسف مقر سرية. واعتبر عضو البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين (قضاء سامراء) شعلان الكريم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك تأخيرا في تشكيل قيادة عمليات صلاح الدين التي من شأنها توحيد الجهد والقضاء على مسألة تقاطع الصلاحيات بين قيادة عمليات سامراء وعمليات دجلة وشرطة صلاح الدين، وهو أمر تم استغلاله بشكل جيد من قبل المسلحين». وأضاف الكريم أن «قضاء سامراء وفي ظل هذا الخلل الأمني وتقاطع الصلاحيات سيظل معبرا للمسلحين للمحافظات الأخرى مثل ديالى وكركوك والموصل وبغداد، وهو الحلم الذي يراود تنظيمات القاعدة والجماعات الساندة لها في الوصول إلى تخوم بغداد»، معتبرا أن «ما حصل خلال هذه الفترة في أكثر من محافظة ومنطقة من ترد أمني وتوسيع لنطاق الضربات من قبل هذه الجماعات المسلحة يدل على أنها تستفيد بشكل جيد من التخبط الأمني والصراعات السياسية». وفي سياق توجه الجماعات المسلحة إلى توسيع نطاق مواجهاتها فإنه وعلى أثر الاشتباكات التي وقعت بين الجيش وعناصر «داعش» قرب جبال حمرين جنوب كركوك، فقد جرى قطع الطريق بين العاصمة بغداد ومدينة كركوك. كما سيطر المسلحون على قرية سرحة التابعة لقضاء طوزخورماتو والقريبة من ناحية سليمان بيك بعد اشتباكات خلال الساعات الماضية السيطرة على القرية. وقال شلال عبدول، قائمقام طوزخورماتو، في تصريح صحافي أمس، إن «اشتباكات عنيفة اندلعت بين قوات الجيش العراقي وعناصر مسلحة تنتمي إلى تنظيم داعش بالقرب من قرية سرحة وجبال حمرين»، مبينا أن «المسلحين تمكنوا من تفجير جسر (قرية الاخضير) الذي يربط القرى مع طريق بغداد الرئيس». وأضاف عبدول أن «المعلومات المؤكدة لدينا تفيد بأن قرية سرحه هي الآن بيد تنظيم (داعش)»، مشيرا إلى أن «طريق بغداد كركوك بالقرب من قرية مفتول جنوب كركوك انقطع نتيجة الاشتباكات المستمرة حتى الآن». ومع تكرار الإخفاقات الأمنية فقد دعت المرجعية الشيعية العليا الحكومة العراقية إلى اعتماد خطط جديدة لضبط الأمن في البلاد والسيطرة على الانفجارات التي تجتاح البلاد وتخلف أعداد كبيرة من الضحايا والأرامل واليتامى. وقال الشيخ عبد الهدي الكربلائي، أمام آلاف من المصلين الشيعة خلال خطبة صلاة الجمعة في صحن الإمام الحسين بكربلاء «لا تزال دوامة العنف والانفجارات في أنحاء البلاد تخلف مزيدا من الدماء والمآسي والأيتام دون أن يكون هناك عمل جدي لمعالجة الأسباب».
مشاركة :