جنيف: «الشرق الأوسط» اتهم مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس إسرائيل بالتطهير العرقي في سعيها لإخراج الفلسطينيين من القدس الشرقية، وألقى شكوكا حول قبول الحكومة الإسرائيلية قيام دولة فلسطينية في ظل المناخ الحالي. جاء هذا في وقت يشهد تعثرا في محادثات السلام وتسارعا في التوسع الاستيطاني الإسرائيلي بالضفة الغربية والقدس الشرقية على نحو يقول الفلسطينيون إنه يضعف آمالهم في إقامة دولة تتمتع بمقومات البقاء. وتقول إسرائيل إن الرفض الفلسطيني للاعتراف بها كدولة يهودية هو العقبة الرئيسة. وحث الرئيس الأميركي باراك أوباما هذا الأسبوع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على المساعدة في كسر جمود الموقف قائلا إن الجانبين يجب أن يتحملا مجازفة سياسية قبل انقضاء مهلة لإبرام اتفاق إطاري في 29 أبريل (نيسان) المقبل. وقال ريتشارد فالك، مقرر الأمم المتحدة الخاص بشأن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، في مؤتمر صحافي، إن السياسات الإسرائيلية تحمل سمات غير مقبولة للاستعمار والتمييز العنصري والتطهير العرقي. وأضاف «كل زيادة في توسيع المستوطنات أو كل واقعة هدم منازل ما هي إلا سبيل لتصعيب الوضع أمام الشعب الفلسطيني والحد من الآفاق التي يمكن أن تنفتح أمامه نتيجة مفاوضات السلام المفترضة». وسئل عن اتهامه إسرائيل بالتطهير العرقي فقال إن أكثر من 11 ألف فلسطيني فقدوا الحق في العيش بالقدس منذ عام 1996 بسبب ما فرضته إسرائيل من قوانين إقامة تميل لصالح اليهود وتبطل تصاريح الإقامة الفلسطينية. وتابع قائلا «الأحد عشر ألفا ما هم إلا قمة جبل الجليد، لأن هناك عددا أكبر بكثير يواجه تحديات محتملة لحقوق الإقامة». وأضاف فالك خبير القانون الدولي والأستاذ الفخري بجامعة برينستون بالولايات المتحدة أن هذا «زاد من تعقيد محنة هذا الاحتلال الممتد الطويل». ومضى قائلا إن إسرائيل تبذل جهدا مستمرا لتغيير التركيبة العرقية بالقدس الشرقية من خلال جعل إقامة الفلسطينيين هناك أكثر صعوبة، بينما تشجع على انتشار المستوطنات التي تعتبر غير مشروعة بموجب القانون الدولي. وفي تقرير صدر الشهر الماضي قال فالك إن السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية تصل إلى حد التمييز والفصل العنصري من خلال الضم الفعلي لأجزاء من الضفة، مما يحرم الفلسطينيين من حق تقرير المصير. ولم يصدر من إسرائيل رد فعل على التصريحات التي أدلى بها فالك أمس. وقال مسؤولون بالأمم المتحدة في جنيف إن إسرائيل لم ترد رسميا على التقرير الذي رفعه فالك في فبراير (شباط) عبر رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وكانت إسرائيل قد نفت بقوة من قبل اتهامات باضطهاد الفلسطينيين، بل واتهمتهم بالتحريض على العنف وعدم الرغبة في إقامة سلام دائم معها. وقال فالك للصحافيين إن نشاطا استيطانيا مكثفا يواكب عادة مفاوضات السلام المباشرة. وتابع قائلا إن عملية السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة تبدو في الأساس مشروعا لوزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي لم يتلق سوى أدنى قدر من التأييد من أوباما نفسه. وأضاف «هناك أسباب أخرى تشجع فكرة أنه لا يزال بالإمكان التفاوض على تسوية على أساس نموذج الدولتين حتى رغم أن معظم المراقبين المطلعين يرون هذا أمرا بعيد المنال بشدة نظرا للتغيرات التي حدثت خلال فترة الاحتلال، ونظرا للتوقعات التي تحيط بحكومة نتنياهو». وقال إن الدخول في مفاوضات في حد ذاته يعتبر خيانة في نظر فصائل وأحزاب سياسية إسرائيلية تقف إلى يمين حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. واستطرد «قبل عدة سنوات كان من الصعب تخيل أن هناك شيئا إلى يمين نتنياهو. لكن شيئا فشيئا أوجد هذا التوجه صوب اليمين اتجاها جديدا تماما للجدل السياسي داخل إسرائيل.. هناك معارضة قوية داخل إسرائيل لأي شعور بأن الشعب الفلسطيني يستحق بأي قدر كان دولة خاصة به». وانتهت فترة عمل فالك - وهو أستاذ قانون أميركي يهودي - في هذا المنصب المستقل والتي امتدت ست سنوات، ومن المتوقع أن يعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن خليفة له قريبا. وكثيرا ما أثار فالك جدلا في إسرائيل. وفي عام 2008 شبه الضربات العسكرية الإسرائيلية لحركة حماس في غزة والتي تسببت في مقتل 1400 فلسطيني وفي دمار واسع بمناطق مأهولة بالسكان بهجمات النازية. وفي يونيو (حزيران) الماضي قال إن من وصفوه بأنه معاد للسامية يسعون لصرف الانتباه عن تمحيصه للسياسات الإسرائيلية. ومن المقرر أن يلقي فالك كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الاثنين، لكن من غير الواضح ما إذا كان المندوبون الإسرائيليون سيحضرون أم لا نظرا لإضراب العاملين بوزارة الخارجية الإسرائيلية. من جهة أخرى، قال متحدث عسكري أمس إن الجيش الإسرائيلي كشف عن «أكبر» نفق حفره مسلحون فلسطينيون من قطاع غزة ليصل إلى داخل إسرائيل. وكتب المتحدث باسم الجيش بيتر ليرنر على «تويتر»: «أؤكد أن قوات الدفاع الإسرائيلية كشفت عن أكبر نفق يمتد من قطاع غزة إلى إسرائيل». وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه «أكبر» نفق يتم حفره عبر الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس المسلحة. وأضاف المتحدث الإسرائيلي أنه تم الكشف عن ثلاثة من هذه الأنفاق العام الماضي.
مشاركة :