شكّل المؤتمر العام الثاني الذي بدأه «تيار المستقبل» امس مناسبة أجرى خلالها رئيسه (الفائز بالتزكية) سعد الحريري «جردة» بمجمل التطورات التي حصلت منذ المؤتمر التأسيسي قبل 6 أعوام وصولاً الى التسوية الأخيرة التي شكّل الحريري «مفتاحها» عبر دعمه ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية ما سمح بانتخابه في 31 اكتوبر الماضي وإنهاء أخطر مرحلة فراغ عاشها لبنان واستمرّت نحو 29 شهراً. وفي كلمته امام المؤتمر الذي يُشارك فيه نحو 2400 مندوب من مختلف منسقيات «تيار المستقبل» والذي يستمر حتى مساء اليوم ويتخلله انتخاب 18 عضواً في مكتب السياسي (قبل ان يعيّن 11 آخرين بينهم ممثّل لكتلة «المستقبل») ليصار بعدها الى انتخاب الأمين العام، أجرى الحريري مراجعة شاملة للمرحلة السابقة وما تخلّلها من «تراجعاتٍ» سياسية في إطار الصراع الحاد في البلاد والذي يشكل انعكاساً للاشتباك الاقليمي الكبير، مطلقاً سلسلة مواقف جاءت بمثابة برنامج عمل لتياره وعكست ما ستتضمنه الوثيقة السياسية التي ستصدر عن المؤتمر. وتعاطت دوائر سياسية مع كلمة الحريري التي واكبها نحو 3000 شخص في «البيال»، على أنها كرّست النهج الذي سيتبعه «المستقبل» حيال الواقع اللبناني الذي فتح صفحة جديدة مع التسوية التي أفضت الى انتخاب عون وتسمية الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة، لافتة الى ان المؤتمر العام لـ «المستقبل» (اعتُبر من الأكبر في الشرق الاوسط) قطع الطريق على كل التشكيك الذي حصل بقدرة الحريري على الحفاظ على تماسُك تياره بعد «المخاطرة الكبرى» التي اعتمدها بتأييد عون للرئاسة. وفيما كان مسار تأليف حكومة الحريري يراوح في دائرة تعقيداتٍ «أوّل طرف الخيْط» فيها محلي ذات صلة بتوزيع بعض الحقائب وتحديد الأحجام وقد يكون «آخره» إقليمياً بحال حصل تمادٍ في عرقلة ولادة الحكومة لما بعد نهاية الشهر، أطلّ رئيس «المستقبل» معلناً ان «المبادرة السياسية التي أطلقناها وأنهت الفراغ في رئاسة الجمهورية بانتخاب فخامة الرئيس عون، نقلت لبنان من المراوحة في دوائر الخطر واليأس والتعطيل، الى دائرة إنقاذ الشرعية من الانهيار»، ومعتبراً «اننا نجحنا في تجنيب لبنان الانزلاق نحو المخاطر المحيطة، وقرّرنا أن نقوم بتسوية سياسية، لم يكن لها من هدف سوى العبور بلبنان من حقول الألغام الإقليمية والمحلية الى منطقة آمنة تحت مظلّة الوفاق الوطني». وأكد مجموعة من الثوابت بينها «نحن تيار هوية لبنان العربية، تيار الشرعية والدولة القوية التي لا يشاركها في سلاحها أيّ سلاح، تيار العيش المشترك والمناصفة التي لا رجوع عنها بين المسيحيين والمسلمين، تيار الاعتدال والحريات، وتيار الجامعات لا الميليشيات». وتوجّه الى المؤتمرين بأنكم «مكلّفون من القواعد بإجراء مراجعة نقدية لمسيرة تيارنا، وتحقيق كل مطالب تجديد قيادة التيار وإعطاء الفرصة لجيل الشباب والشابات»، داعياً «لتكريس دور المرأة في كل قطاعاتنا وهيئاتنا وفي قيادة تيارنا ومجتمعنا».
مشاركة :