وفاة كاسترو.. غياب آخر رموز الحقبة الشيوعية

  • 11/27/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بوفاة فيدل كاسترو غاب واحد من آخر عمالقة السياسة في الحقبة الشيوعية، حاكم قوي جعل من كوبا الواقعة في الكاريبي محور اختبار قوة بين القوتين العظميين الأميركية والسوفيتية، قبل أن ينسحب من السلطة لدواعٍ صحية. «لن أتقاعد أبداً من السياسة، السلطة عبودية وأنا عبدها»، هذا ما كان يؤكده كاسترو الذي تحدى جاره الشمالي الجبار على مدى نصف قرن قبل أن ينأى بنفسه عن الحكم اعتبارا من العام 2006. فمع الوقت، تحول الزعيم «صاحب اللحية» الذي رفض أن ينزع عنه بدلته الكاكة، والذي كان في الـ32 من العمر حين أطاح في 1959 بديكتاتورية الجنرال باتيستا وجسد آمال اليسار الثوري، إلى حاكم متسلط يقمع المعارضة بلا رحمة ويحكم كوبا مثل رب عائلة. كتب عنه صديقه الكاتب الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب غابرييل غارسيا ماركيز في 2008 «صبر لا يقهر. انضباط حديدي. قوة المخيلة تسمح له بقهر أي طارئ». بقي على خطه المتشدد الذي دفع الشعب ثمنه تضحيات فادحة وقد خضع في التسعينيات لـ «فترة خاصة في زمن السلم»، وفق تعبير كان رديفا لانقطاعات خانقة في المواد الأساسية، من غير أن يقبل يوما بتليين سياسة نظامه ولو قليلا. دخل ابن المهاجر الإسباني والتلميذ السابق للآباء اليسوعيين، التاريخ في الـ27 من عمره حاملا السلاح حين حاول السيطرة في يوليو 1953 على ثاني موقع عسكري في البلاد، ثكنة «لا مونكادا» في سانتياغو دي كوبا بجنوب شرق الجزيرة محاطا بمجموعة من مئة مناصر. وإن كانت العملية فشلت وأدت إلى سجن المحامي الشاب ونفيه، إلا أنها لم تضعف عزيمته. وبعد ثلاث سنوات على العفو عنه وإطلاق سراحه، باشر حرب شوارع استمرت 25 شهرا وأسقطت دكتاتورية باتيستا، وتكللت بانتصار ثورة «أصحاب اللحى» (باربودوس) في يناير 1959. وبات انطلاقا من ذلك الحين، يجسد ثورة سرعان ما أبدت تقاربها مع موسكو، على مسافة أقل من 200 كلم من الولايات المتحدة، في خضم الحرب الباردة. في 1961، عمد جون كينيدي الثاني بين الرؤساء الأميركيين الـ11 الذين تحداهم كاسترو، إلى إنزال كوبيين معادين له في جزيرة الخنازير، لكن العملية سجلت فشلا ذريعا للأميركيين وحولت فيدل كاسترو إلى بطل اشتراكي جعل من مكافحة الامبريالية ركيزة لسياسته. كان خطيبا لا يكل ولا يمل دخل التاريخ إلى جانب كبار الثوريين أمثال لينين وماو، بسيجاره ولحيته الكثة وبزته العسكرية الخضراء الزيتونية. عندها عمل على نشر الثورات ودعمها في العالم الثالث، متحديا واشنطن وحتى الكرملين أحيانا، فيما غادره رفيق سلاحه أرنستو «تشي» غيفارا للقيام بمهمة مستحيلة في بوليفيا حيث قتل عام 1967. كان فيدل كاسترو صاحب رؤية عميقة أكثر مما كان إداريا، أطاح في 1968 بآخر ما تبقى من الرأسمالية الكوبية، وربط البلد بصورة وثيقة بالاتحاد السوفيتي. وفي 1975، أرسل كاسترو قواته إلى ما وراء المحيط الأطلسي في مغامرة إفريقية استمرت 15 عاما شاركت خلالها في ساحات معارك في أنجولا وإثيوبيا. ومع سقوط الاتحاد السوفيتي، اضطر كاسترو في التسعينيات إلى تقديم تنازلات خجولة للرأسمالية، عاد وتراجع عنها ما إن وجد حليفا جديدا في الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز الذي توفي عام 2013 بعدما رفع على مدى سنوات شعلة حركة «كاستروية» جديدة. ورغم خيبة الكوبيين، بقيت شريحة كبيرة منهم وفية لكاسترو، متمسكة خصوصا بالإنجازين الاجتماعيين للنظام: الرعاية الصحية للجميع ومحو الأمية. وفي هذه الأثناء واصل كاسترو الحكم بقبضة من حديد فكم أي معارضة بنفيها أو سجنها. وفي فبراير 2008، نقل السلطة إليه رسميا بسبب سلسلة من النكسات الصحية، وتحول القائد الأعلى فيدل إلى «جندي أفكار»، مكتفيا بنشر «تأملاته» في الصحافة الكوبية وباستقبال بعض الشخصيات التي تأتي زائرة.;

مشاركة :