أقر البرلمان العراقي أمس قانون الحشد الشعبي الذي سيحول بموجبه وضعية هذه الميليشيا المسلحة إلى قوة عسكرية منفصلة عن الجيش، وسط معارضة من مكونات عراقية مختلفة. وتعقّد الخلافات حول هذه الوحدات شبه العسكرية، وهي في أغلبها تحالف يضم مسلحين شيعة مدعومين من إيران، جهود توحيد طاقات العراق، فيما تقاتل القوات لهزيمة تنظيم داعش، الذي اجتاح نحو ثلث البلاد في 2014، وامتد إلى أجزاء من سوريا. وصوتت كل الكتل الشيعية في البرلمان لصالح القانون، في جلسة قاطعها النواب المنتمون للقوى السنية التي تعارض وجود قوات مسلحة خارج إطار الجيش والشرطة. وصوت 170 نائبًا من أصل 208 نواب حضروا جلسة البرلمان، الذي يبلغ عدد أعضائه 328 لصالح هذا القانون. ووجهت لوحدات الحشد الشعبي اتهامات بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين السنة في بلدات وقرى استعادتها من مسلحي «داعش»، وفقًا لما ذكرته جماعات دولية تدافع عن حقوق الإنسان ومفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، حسب وكالة «رويترز». وقال النائب رعد الدهلكي وهو من النواب السنة: «أنا لا أفهم ما الحاجة لبديل عن الجيش أو القوات الأمنية.. بصيغة القانون الحالية، سيكون ما يشبه الحرس الثوري الإيراني». وقال زعيم «اتحاد القوى» نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي في مؤتمر صحافي إنه «يجب أن تكون هناك شراكة حقيقية وتوافق الجميع في وطن الجميع». وأضاف أن «هذه السياسة مرفوضة، ويجب أن يعاد النظر فيها.. ما جرى هو إخلال بمبدأ الدولة والشراكة والتوازن، ومحاولة لخلق أجهزة موازية للدولة، وهذا يضعف الدولة العراقية، ويضعف الأمل في بناء عراق». لكن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، وهو من كبار القياديين السنة، قال إن مجلس النواب بكل كتله لا يختلف حول إعطاء المقاتلين حقوقهم. غير أن الجبوري أشار إلى أن «إقرار القانون لا يعفي من ارتكب أي انتهاك من المساءلة والقانون ولا يعطي الحصانة، وسيحاسب المسيء وفق القوانين العسكرية». وبدأت القوات العراقية هجومًا في 17 أكتوبر (تشرين الأول) لاستعادة الموصل آخر معقل حضري كبير لـ«داعش»، في العراق بدعم جوي وبري من تحالف تقوده الولايات المتحدة. وتساند قوات كردية وقوات الحشد الشعبي الهجوم. ولا يحدد القانون عدد المقاتلين الذين سيجندون رسميًا ضمن صفوف فيلق الحشد الشعبي ولا يحدد تقسيم أفراده من بين الطوائف المختلفة. وتقول قوات الحشد الشعبي إنها تضم حاليًا 110 آلاف مقاتل. وتقول الحكومة إن ما يتراوح بين 25 و30 ألفًا من الحشد الشعبي مقاتلون من عشائر سنية، بينما أغلبية القوات من الشيعة، ونسبة قليلة من الإيزيديين والمسيحيين. وللأكراد قواتهم المسلحة الخاصة وهي قوات البشمركة المنتشرة في إقليم كردستان شبه المستقل في شمال العراق. ويكفل القانون للحشد الشعبي أن يكون تحت السلطة المباشرة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وهو شيعي بموجب نظام الحكم العراقي القائم منذ الإطاحة بصدام حسين في 2003، وقسم المناصب العليا في الدولة بين الطوائف المختلفة في البلاد. ويأتمر الجيش بأوامر وزير الدفاع، والذي عادة ما يكون من السنة، على الرغم من أن المنصب بقي شاغرًا منذ إقالة البرلمان خالد العبيدي في أغسطس (آب) الماضي. وبموجب هذا القانون تعتبر فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي «كيانات قانونية تتمتع بالحقوق، وتلتزم بالواجبات، باعتبارها قوة رديفة وساندة للقوات الأمنية العراقية، ولها الحق في الحفاظ على هويتها وخصوصيتها، ما دام ذلك لا يشكل تهديدًا للأمن الوطني العراقي». ورحب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بإقرار القانون في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي. وأوضح البيان أن «الحشد أصبح على ضوء القانون تحت القيادة المباشرة للقائد العام للقوات المسلحة (العبادي)، وهو من يضع أنظمته، ويمثل كل أطياف الشعب العراقي ويدافع عن جميع العراقيين أينما كانوا». وأضاف أن هذا القانون «لم يكن ليحلو لجماعات الفوضى التي عرقلت تمريره طوال هذه المدة، ولكن انتصرت الإرادة الوطنية».
مشاركة :