وفاة الزعيم التاريخي للثورة الكوبية فيدل كاسترو عن 90 عاما

  • 11/27/2016
  • 00:00
  • 27
  • 0
  • 0
news-picture

هافانا – الوكالات : توفي فيدل كاسترو أب الثورة الكوبية الذي حكم بلاده بيد من حديد وتحدى القوة الامريكية العظمى اكثر من نصف قرن قبل ان يسلم السلطة لشقيقه راوول، مساء الجمعة في هافانا عن تسعين عاما. وأعلن راوول كاسترو في بيان تلاه عبر التلفزيون الوطني «توفي القائد الأعلى للثورة الكوبية في الساعة 22:29 هذا المساء» (03:29 ت غ السبت). ولم يوضح راول كاسترو أسباب الوفاة لكنه قال ان الجثة ستحرق. وقال «بناء على رغبة عبر عنها الرفيق فيدل، سيتم حرق جثمانه في الساعات الاولى» من يوم السبت. وأعلن مجلس الدولة في بيان مقتضب «الحداد الوطني تسعة ايام» اعتبارا من السبت حتى الاحد 4 ديسمبر. واضاف انه خلال هذا الاسبوع المخصص لذكرى الزعيم الكوبي الراحل سينقل رماد فيدل كاسترو ليجوب كل أنحاء البلاد على مدى اربعة ايام. وتنظم الجنازة الرسمية في الرابع من ديسمبر في سانتياغو دي كوبا، ثاني مدن البلاد (جنوب شرق) التي ترتدي رمزية كبرى لان فيدل كاسترو اعلن منها انتصار الثورة. وكان الزعيم الكوبي سلم السلطة في 2006 لشقيقه راوول، المسؤول الثاني في الحزب منذ تأسيسه في 1965، بعد اصابته بالمرض. وفي ابريل 2011 تخلى له عن آخر مسؤولياته الرسمية بصفته السكرتير الاول للحزب الشيوعي الكوبي. وغاب فيدل تماما عن الاضواء بين فبراير 2014 وابريل 2015، ما غذى حينها شائعات حول حالته الصحية. لكن منذ عام ونصف العام ورغم محدودية تنقلاته، عاد الى استقبال شخصيات وأعيان اجانب في منزله. وفاجأ فيدل كاسترو المراقبين بعدم استقباله رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، رغم الصداقة الكبيرة التي ربطته في الماضي بوالده بيار-اليوت ترودو، وذلك رغم أنه كان استقبل عشية وصول رئيس الوزراء الكندي الرئيس الفيتنامي تران داي كوانغ. وانتشر نبأ وفاة فيدل الذي اعلن نحو منتصف الليل بسرعة في شوارع هافانا حيث عبر الكثير من السكان عن ألمهم لرحيل «القومندنتي». وقال بائع السيجار ميشيل غونزاليز (30 عاما) «لقد فاجأنا النبأ جميعا، كنا نأمل حقا ان يعيش فترة اطول قليلا، لقد بدا في صحة جيدة في آخر ظهور له». من جانبه قال العامل في حانة ميغيل غونزاليز (24 عاما) «انا مثل آلاف الكوبيين أشعر بمرارة وحزين، لقد وقع الامر فجأة». وقبل رحيله شهد فيدل قبل عامين الاعلان التاريخي للتقارب بين كوبا والولايات المتحدة. وتطوي وفاته بذلك نهائيا صفحة الحرب الباردة التي أوصلت العالم الى حافة نزاع نووي أثناء ازمة الصواريخ في 1962. ومع وفاة فيدل يجد راوول نفسه للمرة الاولى وحيدا في القيادة وهو الذي كان أكد عند تعيينه انه سيستشير «القائد الاعلى» في كافة القرارات المهمة. وبدأ راوول (بلغ 85 عاما في يونيو) منذ عشر سنوات عملية بطيئة لنزع بصمة فيدل عن النظام، ترجمت في ابريل باعتماد مؤتمر تاريخي للحزب الشيوعي الكوبي مجموعة من الاجراءات الاقتصادية الهادفة إلى انقاذ كوبا من الافلاس. كما رتب بعيدا عن الانظار تقاربا تاريخيا مع الولايات المتحدة اعلن في منتصف ديسمبر، ليكشف بذلك عن نزعة برغماتية تناقض مناهضة شقيقه فيدل العميقة للولايات المتحدة. لكن هذ التقارب قد يشهد توقفا إثر انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة. وكان ترامب أبدى تحفظا على هذا التقارب، مؤكدا انه سيبذل ما بوسعه «للحصول على اتفاق متين» مع هافانا، ملمحا الى احتمال حدوث انتكاسة. وفيدل كاسترو نجل أحد كبار ملاكي الاراضي من ذوي الاصول الاسبانية، وقد فاجأ حتى انصاره بتقربه من موسكو بعيد توليه الحكم في يناير 1959. وتحدى فيدل كاسترو 11 رئيسا امريكيا ونجا من مؤامرات لا تحصى لاغتياله بلغت رقما قياسيا بـ638 محاولة بحسب موسوعة غينيس، اضافة الى محاولة فاشلة لإنزال منفيين كوبيين مدعومين من وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي آي ايه) في خليج الخنازير (جنوب كوبا) في ابريل 1961. وفرض جون كينيدي بعيد ذلك في فبراير 1962 حظرا تجاريا وماليا على كوبا، لا يزال ساري المفعول حتى الآن ويؤثر بشدة على اقتصاد كوبا رغم سلسلة من إجراءات التخفيف التي اعتمدتها ادارة الرئيس باراك اوباما. وفي اكتوبر 1962 وقعت أزمة الصواريخ التي تسبب فيها نصب صواريخ نووية سوفياتية في كوبا ما ولد مزايدات وضعت العالم على حافة التهديد الذري. وقررت واشنطن فرض حصار بحري على كوبا، وانتهى الامر بسحب موسكو صواريخها مقابل وعد أمريكي بعدم غزو كوبا. وأراد فيدل كاسترو رفيق سلاح القائد الثوري الارجنتيني ارنستو تشي غيفارا ان يكون بطل تصدير الثورة الماركسية في امريكا اللاتينية، وكذلك في افريقيا وخصوصا في أنجولا التي انخرطت فيها قوات كوبية مدة 15 عاما. وأثارت تلك الثورة حينها نوعا من الاعجاب، وافتخر النظام الكوبي بأنه قضى على الامية وأقام نظاما صحيا ناجعا وفي متناول جميع سكان كوبا البالغ عددهم 11,1 مليونا، وهو انجاز نادر في بلد فقير في أمريكا اللاتينية. لكن انهيار الاتحاد السوفيتي، أهم ممول لكوبا، في 1991 سدد ضربة قوية للاقتصاد الكوبي. وواجه السكان نقصا كبيرا في التزويد. واعلن فيدل كاسترو عندها «فترة خاصة في زمن السلم» وتكهن الكثيرون بنهاية نظامه. غير أن فيدل بطل الاستمرارية السياسية، وجد مصدرا جديدا للدخل مع السياحة وخصوصا مع حليفين جديدين هما الصين وفنزويلا في عهد الرئيس هوغو تشافيز الذي قدمه فيدل كاسترو باعتباره «ابنه الروحي». وأبقى فيدل كاسترو باستمرار حياته الخاصة بمنأى عن الاضواء. وشاركته حياته مرافقته داليا سوتو ديل فالي منذ ستينيات القرن الماضي وأنجبا خمسة اطفال. ويتوقع ان تحضر جنازة رفيقها فيدل كاسترو الذي لديه ثلاثة اولاد آخرين، من بينهم ابنة تعيش في ميامي، من ثلاث نساء اخريات.

مشاركة :