< شهدت مدينة سرت أمس مواجهات ضارية خلال محاولة قوات «عملية البنيان المرصوص»، الموالية للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، التوغّل داخل آخر الأحياء التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في هذه المدينة التي كانت سابقاً معقله الأساسي على الساحل الليبي. وتزامن ذلك مع عودة الاشتباكات بين قبيلتي القذاذفة وأولاد سليمان في سبها كبرى مدن جنوب البلاد. وتقود كتائب من مدينة مصراتة، وهي في تحالف فضفاض مع الحكومة التي تساندها الأمم المتحدة في طرابلس، الهجوم على سرت منذ بضعة أشهر، وقد تمكنت من طرد «داعش» من معظم أرجاء المدينة باستثناء حيّ آخر يقاوم فيه أفراد التنظيم حتى الرمق الأخير. وفقدت كتائب مصراتة منذ بدء الهجوم في أيار (مايو) الماضي أكثر من 670 قتيلاً ومئات الجرحى، في حصيلة يتردد على نطاق واسع أنها أعلى بكثير من ذلك. ونقل تلفزيون «النبأ» الليبي عن مصدر في «عملية البنيان المرصوص» أن خمسة من أفرادها قُتلوا و18 آخرين أصيبوا إصابات متوسطة أو بسيطة أمس في محاور الجيزة البحرية آخر أحياء «داعش» في سرت. وقال المصدر إن القتلى سقطوا «جراء تفجير انتحاري» نفّذه عنصر تابع لـ «داعش» ادعى أنه يريد «تسليم نفسه وعائلته قبل أن يقوم بتفجير نفسه وسط تجمع قوات البنيان». وتابع أن الجرحى يُفترض أن يكونوا قد نُقلوا للعلاج في مستشفى مصراتة المركزي. وعلى رغم ذلك، أكدت قوات «البنيان المرصوص» أنها واصلت تقدمها داخل الجيزة البحرية وسيطرت على مبانٍ جديدة تحت غطاء من القصف بالمدفعية الثقيلة والدبابات. ونقلت «النبأ» عن معاون آمر غرفة عمليات سرت، العميد الهادي دراه، «إن معارك ضارية» خاضتها قوات «البنيان المرصوص» في الجيزة البحرية أمس، مؤكداً «أن معركة الحسم باتت قريبة وسط التقدم الذي تحرزه قواتهم وسيطرتها على أجزاء واسعة مما تبقى من المدينة»، مضيفاً أن القوات المهاجمة «تخوض المعركة وسط تكتيك عسكري معدٍ له مسبقاً. وأوردت وكالة «رويترز» أيضاً معلومات عن تقدم جديد لـ «البنيان المرصوص» داخل سرت. وجاء تقدم أمس بعد تقدم مماثل يوم الخميس ضد مسلحي «داعش» الذين فقدوا السيطرة على 25 منزلاً ومستودع للأسلحة. ولاحظت «رويترز» أن القوات الليبية المهاجمة والمدعومة بغارات جوية أميركية قلّصت المنطقة التي يسيطر عليها «داعش» إلى «رقعة صغيرة من الأرض قرب واجهة سرت على البحر المتوسط بعد حملة مستمرة منذ أكثر من ستة أشهر». وأوضحت أن قوات «البنيان المرصوص» باتت تتقدم في الآونة الأخيرة «بحذر أكبر في حي الجيزة البحرية للحد من الخسائر في صفوف مقاتليها وبين الرهائن والأسر الذين لا يزالون محتجزين هناك». وأشارت إلى أن مجموعات عدة من المدنيين فرت أو أطلق سراحها في سرت في الأسابيع الأخيرة، ومن بينهم مهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء كان «داعش» قد أسرهم لدى محاولتهم شق طريقهم نحو أوروبا. وقال بيتر ميليت، السفير البريطاني لدى ليبيا، في تغريدة على «تويتر» أمس إنه قدّم «أوراق اعتماده لفخامة رئيس المجلس الرئاسي» فائز السراج في طرابلس، في خطوة تؤكد اعتراف لندن بحكومة الوفاق التي تتنازع على السلطة مع حكومتين أخريين في ليبيا هما الحكومة المدعومة من البرلمان في طبرق (حكومة الشرق) وحكومة خليفة الغويل في طرابلس المدعومة من «المؤتمر الوطني» المنتهية ولايته. ونقل موقع «ليبيا المستقبل» أمس عن مارتن كوبلر، مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا، قوله في تغريدة على «تويتر» إن منظمة الصحة العالمية استجابت نداء مركز سبها الطبي ووفرت معدات للطوارئ وأدوية لتخفيف الأزمة الإنسانية الناتجة من المواجهات الأخيرة، في إشارة إلى الاشتباكات الدامية بين قبيلتي القذاذفة وأولاد سليمان والتي تردد انها اندلعت بسبب خلاف على «قرد». وأبرمت القبيلتان قبل أيام اتفاق مصالحة برعاية أعيان من سبها، لكن تلفزيون «النبأ» أورد أمس أن الاشتباكات «تجددت بين طرفي النزاع» في المدينة، موضحاً أنها استمرت حتى ساعات الصباح الأولى.
مشاركة :