لوحة غرافيتي تحول «حي القمامة» من كآبة العشوائية إلى جمالية المشهد

  • 11/27/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كتب: أحمد مصطفى الغر 2016/11/24 الفن وحده هو القادر على تحويل القبح إلى نوع خاص من الجمال، هذا ما ينطبق تماماً على الغرافيتي الضخم الذي أنجزه فنان تونسي شاب على 50 منزلاً في منطقة أبعد ما تكون عن الجمال، وأقرب ما تكون على القبح والعشوائية وعدم النظام. أما الفنان.. فهو «فوزي آل سيد»، فنان تونسي مولود في فرنسا، يبلغ من العمر 34 عاماً، أما المنطقة فهي منطقة «الزرايب» الواقعة في قلب جبل المقطم شرق القاهرة، منطقة سكنية تتكدس فيها أكوام وأجولة القمامة التي تملأ كل شوارعها تقريباً، حيث يعيش أغلب سكانها على جمع القمامة من مختلف مناطق القاهرة ثم فرزها وبيعها مرة أخرى لمصانع إعادة تدوير المخلفات. الفنان «آل سيد» الذي صمم هذا العمل الضخم، وعمل على تنفيذه بمساعدة بعض العمال المصريين معه، يقول: «ذهبت للمكان لأول مرة في الصيف وعندما وصلت له أحسست نفسي مخطئاً، إذ كنت أعتقد أنهم فقراء ويعيشون في وسط القمامة، لكن وجدت أنهم لا يعيشون في القمامة، بل هم يعيشون من القمامة، ففكرت وقلت: كيف يمكن الذهاب لهذا المكان وإضفاء جمال عليه برسم فني؟»، جديرٌ بالذكر أن أهل المنطقة يعتمدون على جمع وفرز القمامة كمصدر دخل لقوتهم. لم يكن في مخيلة أكثر المتفائلين أن تتحول مشاهد القمامة وعشوائية المنازل في تلك المنطقة إلى مشهد جمالي ضخم، بفضل لوحة غرافيتي ضخمة، غطت أجزاء من جدران نحو 50 منزلاً فيها، استغرق تنفيذ الرسم ثلاثة أسابيع لكن الإعداد له قد استغرق عاماً كاملاً، تخللته زيارات متتالية من الفنان «آل سيد» للقاهرة. الغرافيتي الضخم يحمل اسم «إدراك»، وهو بحسب صاحبه يريد أن يختبر به مدى الفهم الخاطئ والأحكام المغلوطة التي قد يصدرها مجتمع على مجتمع آخر، فكرة المشروع لاقت استحسان أهل المنطقة، بل إن عدداً كبيراً قد ساعده في استخدام جدران منازلهم لإنجاز المشروع، يقول الفنان عن مشروعه الضخم بعد أن أتمّه: «إن الفائدة ليست في المال أو العائد من ورائه، فالفائدة في الهدف منه وكيف يشعر به الناس، فمثل هذا العمل وسط كل الأخبار السيئة يعطي رسالة أمل، لقد أحببت من هذا المشروع أن أخبر الشباب في العالم كله، فكرة بسيطة وهي أن أي مشروع قائم على رسالة للأمل والسلام.. مستحيل ألا ينجح ذاك المشروع»، جديرٌ بالذكر أنه قد استوحى مشروعه هذا من رسوم غرافيتي على الجبال في «بيرو» بأمريكا الجنوبية. جديرٌ بالذكر أن «آل سيد» قد بدأ علاقته بالغرافيتي كفنان هاوٍ في شوارع فرنسا في التسعينيات لكن الأمر تطور وأخذ منحى آخر بعد بضع سنوات، حيث نفذ عديداً من رسوم الخط العربي أو ما يطلق عليه (الكاليغرافيتي) في مناطق مختلفة من العالم، وقبل أشهر أصبح زميلاً لمؤسسة «تيد» المعنية بنشر الأفكار الجديدة والمبتكرة بوصفه سفيراً للثقافة العربية باستخدام فن الخطوط، وقدم «آل سيد» رسوماته من قبل في مدن عديدة حول العالم منها باريس ونيويورك والدوحة وجدة ودبي إضافة إلى مدينته الأصلية تونس. في يونيو من العام الماضي.. قام «أل سيد» بتنفيذ عديد من رسوم الخط العربي والغرافيتي على جسر الفنون في باريس وذلك بعد أن تمت إزالة أقفال الحب التي كانت موجودة عليه، ويقول «آل سيد» عن أعماله: «أسعى دائماً عبر أعمالي الفنيّة الرسالة التي يجب تبليغها على عكس ما كنت عليه سابقاً عندما كنت أميل نحو ذكر أسماء الشعراء.. عندما أرسم فوق هذه الحيوط الضائعة فإنّني أسعى إلى استنطاقها، إلى جعلها تتكلّم، من أجل إظهار ثراء بلادنا».

مشاركة :