تسبب حادث إطلاق نار، قبل أسبوعين، في تقويض الجهود التي بذلت، أخيراً، لتحسين العلاقات بين الهند وباكستان في مجال التجارة، وتسهيل الحصول على تأشيرات الدخول، وهو ما تم التوصل إليه في محادثات بين كبار القادة السياسيين من الجانبين. وقتل جنديان هنديان بنيران جنود باكستانيين، بالقرب من الخط الفاصل بين شطري إقليم كشمير المتنازع عليه، وجرى تشويه جثة أحدهما بشكل كبير. وقد يكون التصعيد بمثابة اختبار مبكر غير متوقع، للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، وفريقه للسياسة الخارجية. فقد تم التغاضي عن هذه القضية بالكامل خلال السباق الرئاسي، إذ تركزت الحملة على مناقشات السياسة الخارجية بشكل كبير على روسيا والشرق الأوسط. وقد أنشأ ترامب علاقة شخصية مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، المؤيد لقطاع الأعمال، لكنه أثار أيضاً الدهشة عندما قال لصحيفة هندية، الشهر الماضي، إنه يقبل أن يكون وسيطاً في حل نزاع إقليم كشمير، إذا طلب منه ذلك. وقد دفعت باكستان منذ فترة طويلة لتدخل دولي في النزاع، في حين رفضت الهند الوساطة الخارجية. وقد قال ترامب في المقابلة نفسها، إن كشمير «برميل بارود سريع الاشتعال». العنف الذي تشهده المنطقة هذه الأيام هو جزء من الاضطرابات في منطقة جبلية على الحدود بين الهند وباكستان. وفي السنوات الأخيرة، اكتسب الانفصاليون دعما من الشباب الكشميري الساخط. وقال مسؤولون باكستانيون، الأسبوع الماضي، إن الآلاف من سكان القرى القريبة من الحدود في كشمير فروا بعد يوم من القصف الهندي، وقتل سبعة جنود باكستانيين. والآن، يعتقد الكثيرون أن هذا الصراع سيزيد التوتر في المنطقة بشكل كبير. وفي ذلك يقول الأستاذ في جامعة كشمير المركزية، شيخ شوكت حسين: «تدور حالياً حرب بالوكالة بين البلدين»، موضحاً: «الحوادث في الأشهر الأربعة الماضية زادت الاحتقان في العلاقات أكثر فأكثر». ويتوقع أستاذ القانون الدولي أن يتزايد العنف، خصوصاً مع عدم وجود حل في الأفق: «لا شيء يجعلنا نعتقد أن الهند وباكستان ستجلسان معاً، للحديث عن قضية كشمير». العنف الذي تشهده المنطقة، هذه الأيام، جزء من الاضطرابات في منطقة جبلية على الحدود، شهدت ثلاث حروب بين الهند وباكستان. وفي السنوات الأخيرة، اكتسب الانفصاليون دعماً من الشباب الكشميري الساخط، فالبطالة والتوترات بين المواطنين والمسؤولين، وعسكرة الشرطة الموجودين في الأماكن العامة، إضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الجيش الهندي ضد الشباب الكشميري، كل ذلك دفع شباب المنطقة للمشاركة في احتجاجات مناهضة للهند. وبعد مقتل زعيم «حزب المجاهدين» الانفصالي، في اشتباك مع الجنود الهنود، في يوليو الماضي، عمت المنطقة موجة من الاحتجاجات وأحداث شغب. وخلال الأشهر التي تلت مقتله، تحدى المتظاهرون حظر التجوال، الأمر الذي أدى إلى غلق المدارس والشركات. وقد تم قطع خدمات الهاتف المحمول والإنترنت والتلفزيون بشكل متقطع. وأصبحت ظروف الحياة أكثر صعوبة، بسبب حظر التجوال والعنف والإجراءات الأمنية. يقول مزمل وسيم، وهو تاجر من مدينة «بارمولا»: «لم نفتح متجراً منذ يوليو»، مضيفاً «حاولنا أن نعيش بالمال الذي وفرناه من قبل»، موضحاً «عمالنا لا يستطيعون المجيء للعمل، لكننا ندفع لهم الرواتب». ويجد السكان أنفسهم في مأزق بين رجال الأمن من جهة، والمتظاهرين الغاضبين من جهة أخرى. في حين يؤكد غلام بانديت، 46 عاماً، أن الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد يوم: «منطقتنا متضررة بشكل كبير، والمواد الغذائية بدأت تنفذ في حين تراجع مستوى الخدمات الصحية»، ولأن السلطات تتهم كل من يريد الفرار من المنطقة بالإرهاب، فقد اختار الكثيرون البقاء رغم الظروف الصعبة. ومع أن الصراع في كشمير ليس جديداً، إلا أن الأحداث في الأشهر الأخيرة تنذر بحدوث كارثة. ويقول سكان في الجانب الهندي من الإقليم إن السلطات الهندية لا تعتبرهم هنوداً، وتوجه وسائل الإعلام لهم الاتهام بالوقوف وراء زعزعة استقرار البلاد.
مشاركة :