بوتين يحكم سيطرته على الشبكة الروسية وينشئ أخرى خاصة بالقوات المسلحة

  • 11/29/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أثارت الخطوات التي يتخذها الكرملين للتحكم بالإنترنت، وما يمكن المستخدمين مشاهدته عبر الشبكة الدولية للمعلومات، غضب منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان الدولية والمحلية في روسيا، ودفعت حتى مسرّب معلومات الاستخبارات الأميركية إدوارد سنودن الذي حصل على اللجوء السياسي في موسكو بعد فراره من بلاده، إلى وصف هذه الممارسات بأنها «خطأ، وستكون خطأ في أي مكان في العالم»، وقال: «ما اكتشفته من أساليب للتحكم بالإنترنت وانتهاكات لحقوق الإنسان في روسيا مخيب للآمال» ويجعله محبطاً. وكانت الموسوعة الإلكترونية (ويكيبيديا) أوقفت عمل نسختها الروسية لمدة يوم واحد، احتجاجاً على ما سمته «خططاً يسعى الرئيس بوتين من خلالها إلى تقييد حرية الرأي وتصفح الإنترنت». وأقر البرلمان الروسي (الدوما) قانــوناً رأى ناشطون أنه يهدف إلى الرقابة علـــى شبكات التواصل الاجتـــماعي، وهـــو ما نفاه الكرملين الذي شدد على أن غرضه هو حماية البيانات الشخصية. وسيتحتم على مواقـــع الإنترنت التي تقوم بتخزين بـــيانات شخصية تخص المواطنين الروس بأن يفعلوا ذلك داخل روسيا، ما يعني أن على جميع شركات الإنـــترنت نقل البيانات الروسية إلى خـوادم مقرها روسيا، أو مواجهة احتمـــال حظرها وحجبها عن الشبكة. ورأى محللون أن ذلك سيؤثر في مواقع أميركية للتواصل الاجتماعي مثل «فايسبوك» و «تويتر» وغيرهما. قبل ذلك، كانت السلطات الروسية وضعت قواعد جديدة تلزم المدونات التي تجذب أكثر من 3 آلاف زائر يومياً، بأن تسجل ذاتها لدى هيئة للرقابة على الاتصالات، إضافة إلى إجراءات تسمح بإغلاق المواقع الإلكترونية من دون حكم من المحكمة، ما دفع ناشطين إلى اعتبار هذا «القانون جزءاً من عملية رقابة أوسع نطاقاً». ونقلت وكالة «رويترز» عن خبير الإنترنت أنطون نوسيك قوله: «إن الهدف من هذا القانون هو إيجاد... ذريعة شبه قانونية لإغلاق مواقع فايسبوك وتويتر ويوتيوب وغوغل وجميع المواقع المماثلة الأخرى». وأضاف: «إن الهدف النهائي هو تكميم الأفواه، وفرض الرقابة على الرأي في البلاد وتهيئة وضع لن تكون فيه شبكة الإنترنت قادرة على الوجود والعمل على نحو سليم». ووفق الرئيس بوتين فإن «الإنترنت هي مشروع تابع لوكالة المخابرات المركزية الأميركية». فيما قال محللون أمنيون: «إن هذه الإجراءات ستوفر لأجهزة الاستخبارات الروسية طريقاً أسهل بكثير للوصول إلى بيانات مواطنيها، من دون الحاجة لبذل جهود معقدة ومثيرة للجدل للتجسس على مراكز البيانات التي مقرها في الخارج». ووجهت ويكيبيديا انتقادات لاذعة لروسيا لتشريعها هذا القانون الذي اعتبرته «الخطوة الأولى لإنشاء منظومة شاملة لمنع المواطنين من نشر المعلومات وتبادلها بحرية»، ورأت «أن روسيا على وشك ابتكار نظام يشبه (الجدار النازي العظيم) الذي ابتكرته الصين للحد من وصول مواطنيها إلى شبكة الإنترنت بحرية».   محاكمة الحرية الرقمية صنف تقرير صادر عن منظمة «فريدوم هاوس» التي ترصد حرية الإنترنت في 65 دولة، روسيا بأنها «دولة غير حرة». وقال مدير أبحاث الحرية على شبكة الإنترنت في المنظمة أدريان شهباز: «لقد شهدنا تدهوراً مستمراً في حرية الإنترنت في روسيا على مدى السنوات الخمس الماضية» ورصدنا «تراجعاً حاداً في الحرية الرقمية لدرجة أنها تتقلص في شكل مضطرد». وأردف: «القوانين الروسية تعرقل الوصول إلى المعلومات، وتتضمن بنوداً عقابية مثل مقاضاة الناشطين على الإنترنت وزيادة الرقابة على المواقع الإخبارية ومدونات المعارضين للسلطة»، وترافق ذلك مع إصدار سلسلة من القوانين حول «التطرف والمنظمات غير الحكومية وتحديد مواقع البيانات التي نظراً إلى طبيعتها الواسعة وإشكاليات تطبيقها، أحدثت تأثيراً سلبياً هائلاً في مستخدمي الإنترنت ومنظمات حقوق الإنسان». في تقرير آخر حول «حرية الإنترنت»، أشارت منظمة «أغورا» وهي إحدى منظمات المجتمع المدني الروسي إلى «حصول زيادة مقدارها خمسة أضعاف في عدد القيود المفروضة على حرية الإنترنت في روسيا خلال عام 2015»، ورصدت 15,022 حالة تعرض خلالها مواطنون روس لمحاكمات بتهمة خرق هذه القوانين بعد قيامهم بـ «التعبير عن آرائهم ووجهات نظرهم على الإنترنت، وصدرت بحق 18 منهم أحكام مختلفة بالسجن»، إضافة إلى ارتفاع ملموس في عدد الاعتداءات بالضرب المبرح التي تعرض لها صحافيون لديهم مدونات وناشطون على الإنترنت، حيث بلغت أكثر من 90 حالة خلال السنوات الخمس المنصرمة. وكانت هذه المنظمة ضحية للرقابة الرسمية القاسية، وأصبحت أول منظمة في روسيا يتم غلقها بموجب بنود قانون العملاء الأجانب. ويشكل حجب المعلومات على الإنترنت أداة مفضلة تستخدمها السلطة الحاكمة في روسيا لتضييق الحرية في الإنترنت. وأعربت «أغورا» عن ارتياحها لقيام الناشطون الرقميون بابتداع طرق جديدة للالتفاف على الموانع والحواجز التي تضعها السلطة على الوصول إلى المعلومات في الإنترنت، وقالت: «إن الهيئات المعنية سارعت إلى وضع استراتيجية جديدة لتقييد مستخدمي الإنترنت والناشطين بملاحقتهم وممارسة ضغوط شديدة ومختلفة الأشكال عليهم لتقييد حرياتهم الشخصية»، وكشفت «أن عقوبة السجن أخذت تفرض حتى على علامات الإعجاب (Like) وإعادة نشر المعلومات (Share) في فايسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى». يلوذ معارضو الكرملين بوسائل الاتصال الاجتماعي فايسبوك و«تويتر» وموقع التواصل الروسي «فكونتاكت» لنشر معلومات ضد بوتين والنظام، وتنظيم الاحتجاجات. واعتبرت الناشطة المعارضة ناتاليا بيليفين القوانين والإجراءات الرامية إلى الرقابة على الإنترنت «محاولة لتقويض آخر معقل للمعارضة وهو الإنترنت».   إنترنت عسكري عقدت الحكومة الروسية اجتماعاً خاصاً برئاسة بوتين حضره رؤساء الأجهزة الأمنية للبحث في الخطوات الممكنة لفك اتصال الروس بالإنترنت في حالات الطوارئ. وذكرت صحيفة «فودومستي» أن «روسيا تسعى لتعزيز سيطرتها في الفضاء الإلكتروني» وقالت: «إن الحكومة تتجه إلى وضع المواقع كافة مع دوت ريو (ru) تحت إشراف الدولة». وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف في رده على سؤال للصحيفة: «لا يمكن الحديث حول فصل روسيا عن شبكة الإنترنت العالمية واستعدادها لمثل هذه الخطوة: مستدركاً: «نقوم بإعداد إجراءات دفاعية رداً على خطـــوات الغرب». وزاد: «أنتم تعرفون المدير الرئيسي للإنترنت العالمية»، لهذا فإن «روسيا مضطرة للعمل من أجل ضمان أمنها القومي». في السياق، قامت روسيا بتأسيس شبكة إنترنت خاصة بالجيش لضمان سرية مراسلات المؤسسة العسكرية ومواجهة هجمات محتملة من «قراصنة» غربيين. ووفقاً لما ذكرته صحيفة «أزفيستيا» فإن الجيش الروسي أسس شبكة مغلقة للتواصل، ليست مرتبطة بشبكة الإنترنت العالمية. ونقلت عن مسؤول في وزارة الدفاع أن الشبكة التي سميت (القطاع المغلق لنقل البيانات)، تضم خدمة بريد إلكتروني يمكن استخدامها لنقل بيانات سرية، بما في ذلك «وثائق مهمة جداً». بدأت هذه الشبكة العمل أواخر الصيف الماضي بعد اكتمال تأسيسها، وتخطط وزارة الدفاع لمواصلة توسيعها ووضع أجهزة كومبيوتر إضافية متصلة بها، في القواعد والمؤسسات العسكرية. وتضم الإنترنت العسكرية مواقع إلكترونية خاصة بها، لا يمكن الوصول إليها إلا عبر أجهزة كومبيوتر مسجلة لدى هيئة «مصلحة حماية أسرار الدولة». وقالت الصحيفة: «لا يمكن استخدام أي وسائط إلكترونية غير مرخصة على تلك الأجهزة، كما وستسجل أي محاولة لانتهاكها على الفور». يعدّ وزير الإعلام السابق المقرب من بوتين ميخائيل ليسن الذي عثر عليه مقتولاً في أحد الفنادق الأميركية العام الماضي، عراب سيطرة الدولة على الإنترنت. ويتحدث كتاب ألفه أندريه سولداتوف وإرينا بورغان في عنوان «الإنترنت الحمراء: الصراع بين ديكتاتوريي روسيا الرقميين وثوريي الإنترنت الجدد»، عن ظروف ظهور الإنترنت في روسيا، ويؤرخ سيطرة الدولة عليه في السنوات الثماني الأخيرة من عمر الاتحاد السوفياتي، ويشير إلى أن بوتين ناقش مع مستشاريه في اجتماع عقده في 28 كانون الأول (ديسمبر) 1999، خطة ليسن للسيطرة على أسماء النطاقات، والتي تتضمن إنشاء جهاز وطني لتسجيل أسماء هذه النطاقات، بل السيطرة على (RU) أي روسيا، ووضع ضوابط لاستخدام الإنترنت.

مشاركة :