عملية «درع الفرات» التركية في المائة يوم الأولى

  • 11/29/2016
  • 00:00
  • 62
  • 0
  • 0
news-picture

بدأ العد التنازلي لمرور المائة يوم الأولى على عملية (درع الفرات) التركية في شمال سورية، والذي سينتهي في الأول من ديسمبر المقبل، حيث ظهرت لأنقرة جملة من النتائج والانعكاسات، استوضحت حجم التحديات التي تواجهها على الأراضي السورية. وقد جاءت آخر النتائج في 24 نوفمبر عند سقوط 3 جنود أتراك قتلى مع بداية الهجوم التركي على مدينة الباب وسط اتهامات تدور بين وقوعهم إثر غارة لطائرات النظام السوري وبين هجمات شنها مسلحو تنظيم داعش كي يصل إجمالي عدد ضحايا الجيش التركي إلى 15 قتيلا وعشرات المصابين منذ بداية العمليات العسكرية في 24 أغسطس 2016م. جاءت عملية (درع الفرات) في سياق تطورات تشهدها الساحة الداخلية التركية ما زالت مستمرة أبرزها مناقشات معاهدة لوزان (24 يوليو 1923) بخصوص حدود الجمهورية التركية، والتي لم تنته بالتوازي، وتجميد عملية المفاوضات مع الأكراد في الداخل وتصاعد الخطاب التركي القومي، واستمرار محاربة كيان جماعة فتح الله غولن (حيث تم تنحية ضباط الجيش التركي الذين اعترضوا مسبقاً على قرار الدخول إلى سورية في إطار محاربة جماعة غولن). وقد تجلت أبرز أهداف العملية للمتابعين في: إبعاد تنظيم داعش عن الحدود التركية وخاصة بعد تزايد سقوط الصواريخ على مدينة كيليس التركية الحدودية في النصف الثاني لعام 2016، وفصل أكراد شرق الفرات عن أكراد غرب الفرات- لما يمثله تواصلهم الجغرافي الأفقي من جدار عازل بين الأتراك في هضبة الأناضول والعرب في البادية لأول مرة في تاريخ المنطقة- وما قد يتبع هذا الجدار من نتائج أمنية وسياسية واقتصادية تعيش مع تركيا لعقود قادمة، وتعزيز التواجد التركي على الساحة السورية على غرار التواجد الروسي والإيراني، والوصول لأقصى عمق ممكن؛ كي تستطيع أنقرة ضمان مصالحها في أية اتفاق سياسي بعدما اتسم الدور التركي في سورية بنمط الخمول ورد الفعل مقارنة بالفترة نفسها عام 2015. تتضح التحديات التي واجهت وما زالت تواجه (درع الفرات) في تعدد الجبهات التي تحارب فيها أنقرة والقوات التابعة لها من المعارضة السورية حيث اشتبكت طوال الفترة السابقة مع مسلحي (داعش) ومع عناصر مقربة من قوات النظام السوري ومع مسلحي وحدات الحماية الكردية؛ مما أسفر عن فقدان الكثير من الجنود من القوات التركية، حيث لم تنجح أنقرة في الفصل بين الجبهات الثلاث. كما يبدو فإن تحدي ازدياد تعقيد المشهد السوري يوما بعد يوم مع استمرار العملية وارتباط التعقيدات بالتطورات الدولية (مثل فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتفاقم أزمة اللاجئين الإنسانية) والتطورات الإقليمية (التبدل المستمر في التحالفات العربية والعربية/‏ غير العربية) والتطورات الميدانية ومنها (عدم استقرار تموضع قوات النطام والمعارضة في أي موقع). وينجلي تحد آخر في مسألة إدارة التنسيق مع الفاعلين المؤثرين في الأزمة السورية حيث لم تفلح أنقرة في إثناء واشنطن عن دعم المسلحين الأكراد، وما زالت جهود إقناع موسكو بجدوى زيادة التوغل أكثر في الداخل السوري مستمرة، وفيما يصعب فصل مسار أحداث الساحة السورية عن مسار الساحة العراقية في المحادثات مع طهران. أخيرا وليس آخرا يظهر تحدي وضع إطار زمني محدد للعمليات العسكرية، حيث تعيش أنقرة نفس أزمة موسكو في غياب أي مدى زمني لعمليتها في الشمال السوري، بشكل يزيد التحديات السابقة حجما وتعقيدا مع طول المدى الزمني لبقاء القوات التركية داخل الأراضي السورية، ويرفع من التكلفة السياسية والاقتصادية والعسكرية والاقليمية لأنقرة. فستضطر الحكومة التركية عاجلا أو آجلا لخلق وسرد مبررات جديدة مُقنعة للداخل التركي ولدول الجوار العربي (الصديقة والمحايدة والمعارضة لها) حول استمرار تواجد قواتها على الأراضي السورية.

مشاركة :