الدوحة - قنا: يسعى "المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد والاستثمار- تونس 2020" الذي بدأت أعماله في وقت سابق أمس، إلى حلحلة الوضع الاقتصادي، وجلب استثمارات خارجية تحتاجها تونس لدفع النمو. وشارك في أعمال الجلسة الافتتاحية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بحضور الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، وقد أعلن سموه في كلمته أمام المؤتمر عن قيام دولة قطر بتوجيه مبلغ مليار ومائتين وخمسين مليون دولار أمريكي إسهاماً منها في دعم اقتصاد تونس وتعزيز مسيرتها التنموية. ويشارك في المؤتمر وفود من 70 دولة ومنظمة وبنكا دوليا في مجال الاستثمار ومئات الشركات العالمية والعربية يستمعون على مدار يومين لـ 50 محاضراً في مجالات التنمية والاستثمار. وتعد دولة قطر - راعية المؤتمر إلى جانب فرنسا - هي الدولة الأولى عربياً والثانية عالمياً من حيث حجم الاستثمار في تونس، وبلغ حجم الاستثمارات القطرية في تونس نحو 4.125 مليار ريال قطري في نهاية عام 2015 ساعدت في توفير نحو 1124 فرصة عمل. تتركز هذه الاستثمارات بالدرجة الأولى في قطاعي الاتصالات والسياحة، حيث تعتبر شركة (أوريدو) من أكبر المستثمرين في تونس، حيث يمثل الاستثمار في مجال الاتصالات نحو 97 % من إجمالي الاستثمارات القطرية في تونس. كما استأثر القطاع الصناعي باستثمارات بلغت 7 ملايين ريال في حين أن الاستثمارات في القطاع السياحي بلغت 82.25 مليون ريال. وقال المدير العام لصندوق قطر للتنمية خليفة بن جاسم الكواري في تصريحات له أمس: "إن دولة قطر تكفلت بتمويل المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد والاستثمار في تونس وإنها حريصة على المشاركة في تمويل المشروعات ذات الأولوية لدى الحكومة التونسية" ، معرباً عن أمله في افتتاح أول مكتب للصندوق في تونس لمتابعة المشروعات المشتركة. كما تساهم دولة قطر في دعم الاقتصاد التونسي من خلال "صندوق الصداقة القطري" الذي يهدف إلى مساعدة ودعم مشاريع الشباب التونسيين، وقد وفر الصندوق تمويلا لحوالي 900 مشروع في مختلف المدن التونسية . ويقوم الصندوق على دعم ثقافة ريادة الأعمال من خلال توفير 100 مليون دولار في شكل هبة من دولة قطر إلى تونس لتوطيد علاقة الأخوة، والشراكة بين الشعبين وتعزيز ريادة الأعمال وتطوير اقتصاد المعرفة في تونس. وتركز أعمال مؤتمر ( تونس 2020) على أربعة محاور رئيسية وهي إعلام المجتمع الدولي بالخطة التنموية 2016-2020 وأهدافها المرسومة وتوجهاتها المختارة وتوازناتها الكبرى واحتياجاتها التمويلية إضافة إلى عرض برنامج إصلاح الحكومة التونسية الرامي إلى الرفع من أداء الإدارة والشركات العمومية الكبرى وتعزيز اجتذاب تونس للفعاليات الاقتصادية الخاصة. كما يسعى المؤتمر إلى حشد التمويل اللازم لتطوير مشاريع كبرى للبنى التحتية ولا سيما من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ويعرض مساعدة المستثمرين من القطاع الخاص على تحديد القطاعات والميادين ذات الآفاق الكبيرة في المدن التونسية. ويعاني الاقتصاد التونسي من حالة ركود بسبب الظروف الدولية والإقليمية والأوضاع في المنطقة ، فقد انخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بـ 7،6 % سنة 2016 ، وبلغ معدل البطالة 15،5 %، ولامس التضخم في البلاد حدود الـ 4% ، في حين بقيت نسبة العجز الجاري مرتفعة بنسبة8،7 % من الناتج الداخلي الخام لسنة 2015، ووصل العجز التجاري إلى ما نسبته 11،3 % من الناتج الداخلي لسنة 2015 وهي أرقام تعود إلى ضعف الأسعار الدولية للطاقة، وانخفاض عدد السياح وتراجع عائدات السياحة وأيضا تراجع حجم تحويلات العاملين بالخارج. وتتضمن خطة (تونس 2020) المطروحة على المشاركين في المؤتمر 65 مشروعاً كبيراً تتطلب استثمارات بقيمة 60 مليار دولار، وتشمل هذه المشاريع، أغلب القطاعات الرئيسية ومنها البنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والاقتصاد الأخضر والتربية، و33 مشروعاً في إطار الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص، إضافة إلى 45 مشروعاً في القطاع الخاص. وبحسب الأرقام الرسمية لسنة 2015، فإن الاستثمارات الأجنبية في تونس بلغت أكثر من 2.5 مليار دينار تونسي. وتستهدف الحكومة التونسية من خلال خطة 2016- 2020 تحسين جاذبية الاقتصاد الوطني بهدف دعم دور القطاع الخاص كدافع للنمو مع تحفيز الاستثمارات الوطنية والدولية، وتحقيق معدل نمو يناهز 4 % مقابل 1،5 بالمائة خلال الفترة من 2011 / 2015. كما تطمح إلى الارتقاء بدخل الفرد من 8 آلاف دينار حاليا إلى 12،520 دينار في 2020 وتوفير ما لا يقل عن 400 ألف فرصة عمل جيدة وتقليص معدل البطالة إلى ما دون 12 % بالإضافة إلى تنفيذ سياسات وبرامج اجتماعية من شأنها خفض معدل الفقر في البلاد إلى 2 % بحلول عام 2020 مقابل 4،6 بالمائة في 2010. وقد حظي "المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد والاستثمار في تونس" باهتمام بالغ من قبل المؤسسات والبنوك والهيئات الدولية وانعكس ذلك في حجم الحضور وتصريحات المسؤولين عن تلك الكيانات بشأن مستقبل الاقتصاد التونسي. حيث أكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس التزام بلاده بالوقوف إلى جانب تونس لمساعدتها على استكمال مسارها الانتقالي، الذي قال "إنه أصبح نموذجا في المنطقة" . وأبرز أهمية الوفد الفرنسي المشارك في المؤتمر، مشيرا إلى أنه علاوة على الشخصيات السياسية والمسؤولين الاقتصاديين، فإن حوالي عشر مؤسسات فرنسية ستكون حاضرة في المؤتمر، مشيراً إلى نية بلاده تحويل مزيد من الديون التونسية إلى مشاريع تنموية. كما أعرب نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حافظ غانم، عن حرص البنك واستعداده لمواصلة دعم تونس بما يساعدها على تحقيق انتقال اقتصادي ناجح على غرار الانتقال الديمقراطي، مشيراً إلى مواصلة دعم البنك لتمويل البرامج التنموية العمومية بالإضافة إلى دراسة سبل المساهمة في تشجيع الاستثمار الخاص، خاصة في إطار الشراكة بين القطاعين لا سيما في مجال البنية التحتية. تصريحات مماثلة أطلقها رئيس بنك الاستثمار الأوروبي فرنار هوير، لافتاً إلى أن تونس دولة مشجعة على الاستثمار بفضل تجربتها الديمقراطية الواعدة والمتميزة في منطقة جنوب المتوسط بما يجعلها قادرة على التغلب على التحديات التي تواجهها، مبرزا أن البنك الأوروبي للاستثمار واع بهذه التحديات وملتزم بدعم هذه التجربة الرائدة وكشف رئيس البنك أنه سيتم توقيع اتفاقيات تمويل لمشاريع متعددة مع الحكومة التونسية بقيمة 400 مليون يورو تمس كافة المجالات الحيوية للمواطن وستدخل حيز التنفيذ في القريب العاجل في مجالات لها علاقة بمشاريع تستهدف الشباب والطفولة والمدارس والبنية التحتية.
مشاركة :