صور التطرف في الأعمال الروائية

  • 11/30/2016
  • 00:00
  • 39
  • 0
  • 0
news-picture

نعلم أن التطرف هو الآفة الأكثر قدرة على تفكيك المجتمعات وزرع الفتنة والبغضاء بين أفرادها، وعلى مدى التاريخ لم ينشط في جماعة إلا وانتهت إلى الهاوية. وفي العصر الحديث حضر التطرف بأبشع صورة، وطالت أعماله ونهجه بلدانا وجماعات عديدة، ولم يعد الدين أو المذهب هما الفكرة الأساسية التي ينطلق منها المتطرف ليمارس تطرفه، بل شمل أفكارا ومناهج أخرى لها مصطلحات حديثة تضاف إلى تلك القديمة المرتكزة على القبيلة والنوع والمنطقة والطائفة، لتأتي الليبرالية، العلمانية، وسواهما من المسميات، ولأنه بهذا القبح فقد وقع أثره عميقا في النفوس، وكثير من المبدعين أبدعوا في تصويره، فأحدهم رسمه كلوحة احتوت الشر ألوانا ورموزا، وآخر رواه قصة، وثالث فاض به فصولا وأجزاء في أعمال روائية استفاضت في إبراز ملامحه، خاصة من انجرف مع هذا التيار فترة ثم تدارك نفسه ليعلن التوبة، ومن ثم فضح ذلك المرض والمتسببين في نشره ووصف خطورته على المجتمع، وكشف بجلاء واضح المصالح التي يجنيها بعض المتطرفين من وراء اعتناق هذا النهج، وعلى الرغم مما حملته تلك الأعمال من حقائق يمكن للباحثين الاستفادة منها وهم يبحثون عن خبايا التطرف والمتطرفين، وكيف سلطتهم لتجنيد العقول والاستحواذ على فكر الناشئة، إلا أن أحدا لم يلتفت لها من قبل الباحثين، ولم تستهدف من خلال حلقات نقاش أو دارسات جادة بالرغم من وجود تفاصيل دقيقة عن التطرف والمتطرفين فيها. والحقيقة أن هناك أعمالا أدبية رائعة تناولت التطرف، بل أسهبت في الحديث عنه، ولعل من أكثرها عمقا ودهشة رواية "الإرهابي 20" لعبدالله ثابت، و"قبل أن تخون الذاكرة" لعبدالرحمن عايل، وهذان العملان بمثابة الخارطة التي توضح الطرق والمسالك والأساليب التي يدخل منها التطرف ليتمدد ويتطور إلى أعمال وجماعات إرهابية، والأهمية ليست في كشف التطرف وتعرية أصحابه وإنما في أن المؤلفين كانا ممن انجرف إلى هذا الطريق المظلم ووصلا إلى العمق، قد أوضح عبدالله ثابت ذلك من خلال عنوان روايته (الإرهابي 20)، كاشفا السر في أنه لو لم يتدارك نفسه لكان الرقم 20 في المجموعة التي نفذت اعتداءات 11 سبتمبر، وهذا للدلالة على ما وصل إليه في مسألة التطرف وكره الآخر، والحال كذلك مع عبدالرحمن عايل ورحلته الجهادية للعراق استجابة لتلك التعبئة التي شحن بها عقله وقلبه حتى إنه لم يعد يرى أو يسمع إلا نداءات الموت والقتل مقابل وعود وهمية زينها المتطرفون في فكره والمغرر بهم من أمثاله.

مشاركة :