واشنطن - نظرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الثلاثاء في قانونية حكم بالاعدام صادر في حق رجل مصاب بقصور ذهني في ظل اعتبار فريق الدفاع أن هذا الحكم يتناقض مع مندرجات الدستور الاميركي. ويعيد هذا الوضع الى الاذهان رواية الكاتب الاميركي جون شتاينبك "مايس اند من" (فئران ورجال) الصادرة قبل ثمانية عقود والتي تروي قصة ليني وهو طفل في جسد رجل ضخم يعاني ضعفا في مؤهلاته الذهنية وينتهي به المطاف قتيلا على يد رفيقه جورج. وعلى غرار ليني، حكم على بوبي مور بالاعدام على رغم القصور الذهني الحاد الذي يعانيه. ففي سن الثالثة عشرة، لم يكن مور المتحدر من ولاية تكساس يعرف كيفية قراءة الساعة ولا التمييز بين عمليات الجمع والطرح الحسابية. وفي سن العشرين العام 1980، قتل مور موظف الصندوق في متجر كبير خلال عملية سطو فاشلة، وبعد بعضة اشهر، حكم عليه بالاعدام. ويبلغ مور حاليا 57 سنة ولا يزال تحت تهديد الموت بحقنة قاتلة في ولايته تكساس التي تحمل الرقم القياسي لاكبر عدد احكام اعدام في الولايات المتحدة. ويؤكد محاموه أن الحكم عليه بالاعدام من القضاء في تكساس يمثل انتهاكا للدستور الاميركي. ويشير هؤلاء الى ان التأخر الذهني الذي يعانيه موكلهم كفيل بتجنيبه العقوبة القصوى. ويأمل وكلاء الدفاع ايضا في ان يحظوا بتأييد المحكمة العليا الاميركية في قرار من شأنه تشكيل نكسة للنظام القضائي في ولاية تكساس وتقديم اطار قانوني جديد للاعفاءات من عقوبة الاعدام بالنسبة للولايات الاخرى. وفي قرار قضائي بالغ الرمزية صادر سنة 2002، حكمت المرجعية القضائية الاعلى في الولايات المتحدة بعدم قانونية انزال عقوبة الاعدام في حق اشخاص "متخلفين عقليا"، وهو مصطلح استخدمته المحكمة العليا وبات يعتبر سلبيا حاليا. واعتادت المحاكم الاميركية بعدها على الاستناد الى سلسلة خبرات طبية معاصرة لتقييم امكان العفو عن قاتل او عدمه. مع ذلك، تواصل تكساس اعتماد معاييرها الخاصة بحجة عدم وجود معايير وطنية في هذا الموضوع، وذلك بالاستناد الى كتيب طبي صادر سنة 1992. وبذلك، لا يكفي ان يكون للشخص المحكوم معدل ذكاء منخفض لكي يفلت من عقوبة الاعدام وفق معايير تكساس. ويوضح جوردان ستايكر استاذ الحقوق في جامعة تكساس أن ولاية تكساس "تمثل بلا شك حالة فريدة. انها المرجع التشريعي الوحيد الذي سعى حقيقة الى فرض تعريفه الخاص للقصور الذهني والذي يختلف كثيرا عن التعريف المهني للاطباء". ويلفت الى ان الهدف المنشود يكمن في "الحد من حالات العفو" وبالتالي زيادة عدد الاعدامات. مع ذلك، يشير ستايكر الى ان القصور الذهني لدى بوبي مور "يندرج بوضوح في التعريف السريري. تحصيله العلمي ضعيف للغاية وقد خرج من المدرسة بعدما فشل في مستويات عدة وهو يظهر مشكلات بديهية في التكيف". وحتى في الولايات الاميركية التي لا تزال تنفذ فيها عقوبات الاعدام، تظهر استطلاعات الرأي ان الرأي العام يعارض اجمالا تطبيقها على الاشخاص الذين يعانون محدودية فكرية كبيرة. وفي المسار القضائي الطويل لقضيته، استفاد بوبي مور من قرار قضائي مؤيد له سنة 2014 قضى بسحبه من رواق الموت الذي قبع فيه على مدى 36 عاما بانتظار انزال عقوبة الاعدام في حقه. لكن تم الطعن بهذا القرار في السنة التالية من جانب المحكمة الجنائية في تكساس بالاستناد الى اجتهاد قضائي صادر سنة 2004 يتضمن اشارة واضحة الى رواية "فئران ورجال". وقد طعن القضاة في تكساس بالاعاقة الذهنية لبوبي مور مشيرين الى انه تكيف مع الحياة في الشارع بعدما طرده والده من المنزل العائلي خلال المراهقة. وفي اليوم الذي نفذ فيه عملية السطو، كان مور يضع شعرا مستعارا لاخفاء هويته وفق القضاة. ويقول ستايكر "اعتقد انه في حال محاكمة ليني في تكساس، سيكون تجنيبه الاعدام موضع معركة كبرى".
مشاركة :