شهد اليوم الثاني لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية "ويش "عددا من الجلسات التي استعرضت أبرز التحديات التي تواجه القضايا الصحية الملحة في جميع أنحاء العالم وآليات مواجهتها. ففي جلسة الأمراض المعدية شدد المتحدثون على ضرورة اتخاذ عدة تدابير لمواجهة التحديات المتعلقة بانتشار الأمراض الانتقالية.. وأوضحوا انه على الصعيد المحلي لكل دولة يجب توفير العلاج المناسب بأقصى سرعة وابتكار لقاحات جديدة وتطوير اللقاحات الحالية واتخاذ جميع السبل لحصر المرض وعدم تفشيه داخليا، إضافة إلى اتباع إجراءات صارمة على الحدود والتعاون الوثيق مع دول الجوار والمنظمات الإقليمية والدولية لتبادل التجارب والخبرات والعينات وكذلك تأسيس لجان من متخذي القرارات وواضعي السياسات والسلطات المحلية والجهات ذات الصلة لوضع مناهج وقوانين لمواجهة الأمراض العابرة للحدود والحد من آثارها الكارثية والمدمرة للاقتصاد والمجتمع ككل وتنفيذها على الأرض. أما على الصعيد الدولي فقد أكد المشاركون ضرورة توفير بنية أساسية عالمية وتغذيتها بكل ما يلزم مع الاستخدام الأمثل لمكونات منظمة الصحة العالمية ومكاتبها الإقليمية، وتوفير التمويل اللازم لها لتستطيع التدخل السريع لمواجهة أي مرض يظهر في أي بقعة من العالم ومنع انتشاره وتفشيه وانتقاله إلى بلد آخر. واتفق المجتمعون على أن 75 بالمائة من الأمراض المعدية مثل الطاعون وزيكا وإيبولا ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية "كورونا" تأتي من الكائنات الأخرى كالحيوانات والحشرات والطيور وغيرها مما له صلة بالإنسان.. مشيرين إلى وجود أسباب أخرى مثل الحروب والتغير المناخي وانحسار الغابات والتلوث وقلة التهوية والعادات الصحية غير السليمة. وحث المشاركون في الجلسة الدول والأفراد على الاستثمار في المقومات الصحية وتمويل تطوير اللقاحات والتعاون مع هيئات المراجعة الأخلاقية وتوفير البنية المحلية لكل دولة لإكمال عمل الهيئات الأممية، مشيرين إلى أن اللقاحات هي التدخلات الأقل كلفة والأعلى نتيجة وفعالية. من ناحية أخرى ناقش نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال الرعاية الصحية كيفية تقديم الرعاية لمرضى السرطان بأسعار معقولة. وأكد المتحدثون أن بحوث السرطان أحرزت تقدما بارزا أدى إلى تحسين أساليب فحص المرض وتشخيصه وعلاجه وتعزيز مستوى المتابعة اللازمة للمرضى كما أصبحت الخبرة أكبر في توجيه الأنظمة الصحية بحيث تركز على احتياجات المرضى باتباع نهج المسار الموحد في الرعاية. وأشار الخبراء إلى أن الدول تخصص موارد كبيرة لمنع انتشار مرض السرطان من خلال اعتماد الابتكار والتكنولوجيا في تقديم الرعاية الموجزة للحالات المرضية الحادة وتتراوح النسبة المخصصة للرعاية الصحية لمرضى السرطان في الدول المتقدمة عالية الدخل بين 5 و7 في المائة من تكاليف الرعاية الصحية إذ بلغت قرابة 290 مليار دولار عام 2010 وحده ويعد مرض السرطان في العديد من بلدان العالم أحد المجالات الثلاثة الأكثر إنفاقا في مجال الرعاية الصحية. ويتوقع أن تزداد هذه التكاليف بسبب ارتفاع معدلات الإصابة بهذا المرض وكذلك التحسن الذي يطرأ على حياة المصابين جراء العلاج وما يقترن بذلك من إطالة في فترات العلاج والمتابعة يضاف إلى ذلك الارتفاع المتزايد في تكاليف العلاج نفسه. وتم خلال الجلسة اقتراح خطة عمل تضم أربعة مجالات ذات أولوية /مدعومة بدراسات حالات/ لتوجيه عملية تقديم قيمة أفضل في توفير الرعاية الصحية لمرضى السرطان. كما اقترح الخبراء على النظم الصحية والممارسين الذين يواجهون هذا التحدي أن يعملوا على الاستفادة من الإصلاحات والابتكارات الناشئة وأن يستفيدوا من الإنجازات الكبيرة التي تحققت في مجال رعاية المرضى والتحكم بالمرض.. وشدد المشاركون على ضرورة توجيه الجهود نحو الهدف الجوهري الجديد المتمثل في توفير الرعاية لمرضى السرطان بأسعار معقولة. وأوصى المتحدثون بضرورة إيجاد أدوات وأنظمة لصنع القرار تشارك المرضى في خيارات العلاج وتكاليفه إلى جانب تمكين مجموعات من المرضى الخاضعين للعلاج عبر توفير الإرشاد المهني، من المبادرة إلى جميع المعارف المتعلقة بالتكاليف وكيفية تحملها. وتضمنت جلسة حول "المقاربات المبتكرة للوقاية ومواجهة العبء العالمي لأمراض القلب والأوعية الدموية"، التعريف بها ومدى تسببها في حالات الوفيات على مستوى العالم حيث تؤكد الدراسات أنها السبب الرئيسي في الوفيات إذ يبلغ عدد الوفيات بها على مستوى العالم 17.5 مليون حالة سنويا بنسبة 31 بالمائة من إجمالي الوفيات، منهم 8.6 مليون حالة وفاة في النساء و8.9 مليون حالة في الرجال على المستوى العالمي. وأوضحت المناقشات أن السكتة الدماغية تؤدي سنويا على مستوى العالم الى وفاة حوالي 6.7 مليون شخص ، كما تؤدي النوبة القلبية الى وفاة 7.4 مليون شخص . وشددت المناقشات على أن دراسة صناع السياسات لآلية تفعيل المقاربات الحديثة لابد أن تبحث التدخلات المؤدية لذلك، وهو ما يتطلب ،أن يتم فرض الضرائب على منتجات التبغ وحظر التدخين بالأماكن العامة وحظر الترويج للتبغ، إلى جانب توفير أدوية خافضة لضغط الدم والوقاية الثانوية الشاملة التي تلعب دورا مهما في خفض معدلات الوفيات بتلك الأمراض. وأشارت الجلسة إلى أن حياة ملايين البشر معرضة للمخاطر اليوم وفي المستقبل ما لم تكن هناك عناية أكبر بجهود الوقاية من هذه الأمراض، لذلك من المهم أن يسعى صناع السياسات لتقديم وتمكين وتسريع تطبيق استراتيجية الوقاية من الأمراض. وخلال الجلسة العامة عن "الانتشار العالمي للابتكار في الرعاية الصحية"، ناقش المشاركون الحاجة إلى الابتكار في الرعاية الصحية وخاصة احتياجات العاملين في الخطوط الأمامية وقادة الرعاية الصحية في هذا القطاع حيث تتعلق معظم احتياجات هذه الفئة بكيفية إدارة تقديم الرعاية، مؤكدين أن 70 بالمائة من العاملين في الخطوط الأمامية ركزوا على الأمور الهامة خلال استطلاع آرائهم في هذا الإطار وهي التعامل مع المرضى الذين يعانون من حالات صحية متعددة، وضمان الرعاية المناسبة في المكان المناسب، وتوحيد الرعاية، والتكامل بين مستويات الرعاية. وأشاروا إلى أن مؤسسات الرعاية الصحية في كل بلد تجابه مجموعة محددة من الاحتياجات، ففي قطر على سبيل المثال يؤكد المسؤولون ضرورة الحفاظ على أعلى مستوى من الخدمة مع مواكبة أفضل المعايير العالمية لاكتساب ميزة تنافسية وأنه في حين يعتبر العاملون في الخطوط الأمامية قضايا تقديم الرعاية مجالات احتياجات رئيسية فإن التواصل بين الطبيب والمريض قد جرى ذكره مرارا وهو أمر يتعلق بالحواجز اللغوية أو الثقافية أو كليهما بالنظر إلى أن القوى العاملة الطبية في دولة قطر تضم نسبة عالية من الموظفين المقيمين. وأوضح المشاركون أنه على الرغم من صعوبة تقديم توصيات تناسب جميع البلدان في هذه الجلسة إلا أنه يوجد اتجاه عام وقضايا مشتركة حول نشر الابتكار منها ضرورة تفهم العاملين في الخطوط الأمامية وقادة الرعاية الصحية احتياجات بعضهم البعض وبذل الجهود على المستوى التنظيمي لمواءمة هذه الاحتياجات ووضع استراتيجية فعالة على مستوى النظام كما يجب إدخال ابتكارات جديدة في تقديم الرعاية ضمن إطار الموارد المتاحة والقيود التنظيمية. وفي سياق آخر أصدرت شبكة الأنظمة الصحية الرائدة تقريرا يمثل "رؤية دولية للمعلومات الخاصة بسلامة المرضى"، من أجل رعاية صحية آمنة وجهته إلى مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية "ويش". ويقارن التقرير بين الأساليب التي تتبعها النظم الصحية في قياس سلامة المرضى، كما يستعرض أنواع مصادر المعلومات المستخدمة وأغراضها. ويشير التقرير إلى أن سلامة المرضى في مجال الرعاية الصحية أصبحت من المجالات ذات الأولوية من حيث التطوير والبحث خلال العقدين الماضيين، كما كانت موضوعا للعديد من المنشورات والاستقصاءات الكبرى. ويقدم التقرير عددا من الإحصائيات التي تكشف حجم المشكلة وتبين أنها لا تزال تشكل تحديا كبيرا في جميع أنحاء العالم، حيث يتضرر واحد من كل 10 مرضى تقريبا أثناء تلقيهم الرعاية في المستشفى، ويصاب 7 من كل 10 مرضى بأمراض معدية مرتبطة بالرعاية الصحية، وفي الولايات المتحدة وحدها هناك 400 ألف حالة وفاة سنويا بسبب أخطاء قد يمكن تجنبها. وطرح التقرير عددا من التوصيات التي يستطيع مقدمو الرعاية الصحية اتباعها لتحسين استخدام المعلومات وتوفير سلامة المرضى، منها استخلاص المزيد من الأدلة حول أكثر المؤشرات فعالية في قيادة التحسين، ومراقبة مجموعة مؤشرات معيارية داخل النظم الصحية من أجل متابعة التقدم الداخلي، بما في ذلك الوفيات بسبب ضعف الرعاية. كما أوصى التقرير بتطبيق نظام فعال للإبلاغ عن الحوادث، ووضع نظام لتبادل الدروس المستفادة على المستوى المحلي والاقليمي والدولي، وشدد على ضرورة رعاية ثقافة "المصارحة" بدلا من "اللوم"، وتمكين جميع الموظفين من "الاعتراف" بالمسؤولية عن سلامة المرضى دون الخوف من العقاب. م . م;
مشاركة :