حذّر مسئول أممي رفيع أمس الأربعاء (30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016) من أن القسم الشرقي من مدينة حلب في شمال سورية قد «يتحول إلى مقبرة ضخمة» فيما تحدثت التقارير عن فرار أكثر من 50 ألف شخص من القتال العنيف بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المسلحة. وفيما عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة في نيويورك لبحث القتال في حلب، دعت المعارضة السورية الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين. وواصلت قوات الجيش السوري هجومها على الأحياء الشرقية بعد التقدم السريع الذي أحرزته بسيطرتها منذ السبت على كامل القطاع الشمالي، وقتل الأربعاء 26 مدنياً على الأقل في شرق حلب وثمانية في غربها. وقال مسئول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، ستيفن أوبراين خلال الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس الأمن بطلب من فرنسا إن 25 ألف مدني فروا من شرق حلب منذ السبت باتجاه غرب المدينة التي تسيطر عليها القوات الحكومية السورية أو مناطق أخرى مجاورة. وأشار أوبراين إلى سقوط «عشرات القتلى في غارة جوية واحدة صباح اليوم (أمس)»، بدون تقديم توضيحات موضحاً أنه بسبب عدم وجود سيارات إسعاف «نقل جرحى في عربات خضر». وأضاف «باسم الإنسانية نناشد أطراف النزاع ومن لديهم نفوذ، أن يبذلوا ما بوسعهم لحماية المدنيين ولاتاحة الوصول إلى القسم المحاصر من شرق حلب قبل أن يتحول إلى مقبرة ضخمة». بدوره، طالب الائتلاف السوري المعارض أمس الأمم المتحدة باتخاذ خطوات «فورية» لوقف الهجوم «الوحشي» على المدنيين في مدينة حلب، متهماً النظام السوري وحلفاءه بتحويل الأحياء الشرقية إلى «تابوت حقيقي»، وفق ما أورد في رسالة وجهها إلى المنظمة الدولية. وناشد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنس العبدة في رسالته الأمم المتحدة بـ «اتخاذ خطوات فورية وحاسمة لحماية المدنيين في حلب ووقف الهجوم الوحشي على المدنيين فيها، من خلال إجبار نظام الأسد على الالتزام ببنود وقف الأعمال العدائية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية والطبية لمدينة حلب بشكل فوري وبدون عراقيل ومحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم». من جانبه، قال مصور لوكالة «فرانس برس» إن عائلات بأكملها وصلت إلى حي جبل بدرو الذي استعادت قوات النظام السيطرة عليه الأحد، وانتظرت في طقس بارد وصول حافلات نقلتهم إلى الأحياء الغربية. وظهر في صور لـ «فرانس برس» عدد كبير من الأطفال ورجال ونساء مسنين بعضهم يجرهم أقارب لهم على كراس متحركة أو يحملونهم على حمالات. وشاهد مراسل لـ «فرانس برس» في الطريق إلى قرية جبرين في ريف حلب الشمالي الواقعة تحت سيطرة قوات النظام والتي تضم مركز إقامة مؤقتاً للنازحين، عشرات السكان في سيارات بيك أب تحت المطر مع أطفالهم وحقائبهم. وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بافل كشيشيك لـ «فرانس برس» أمس «هؤلاء الذين يفرون هم في وضع يائس. كثيرون منهم فقدوا كل شيء ووصلوا من دون أي حقائب. إنه لأمر محزن جداً». وأوضح «أولويتنا حالياً هي مساعدة هؤلاء الأشخاص بأسرع ما يمكن». و تواصل قوات الجيش السوري وحلفاؤها تقدمها باتجاه القطاع الجنوبي من هذه الأحياء، بهدف استعادة السيطرة على كامل المدينة. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بتقدمها أمس داخل حي الشيخ سعيد في جنوب المدينة في موازاة استمرار الاشتباكات في حيي طريق الباب والشعار. وقال مراسل لـ «فرانس برس» في القطاع الجنوبي للأحياء الشرقية إن القصف المدفعي كان عنيفاً الأربعاء مع تساقط القذائف «كالمطر». وتسبب القصف المدفعي لقوات النظام الأربعاء على حي جب القبة الذي تسيطر عليه الفصائل، بمقتل 26 مدنياً، وفق حصيلة للمرصد السوري. كما قتل ثمانية مدنيين وأصيب سبعة أشخاص بجروح نتيجة قذائف أطلقها مقاتلو المعارضة على غرب حلب، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا». وفي تطور آخر، توافق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي أمس على «تسريع الجهود» لوضع حد للمعارك المتواصلة في حلب والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدينة، وفق ما نقلت وكالة أنباء «الأناضول». وقالت الوكالة الحكومية إن الرئيسين «توافقا على تسريع الجهود لوضع حد للمعارك في حلب والسماح بإيصال المساعدة الإنسانية إلى المدنيين الموجودين في المدينة». وأكد الكرملين في بيان أن اتصالاً جرى بين الرئيسين «بمبادرة من الجانب التركي»، لافتاً إلى أن الجانبين «واصلا تبادل وجهات النظر بشأن المشكلة السورية بما فيها الوضع في حلب». وهذه المباحثات الهاتفية بين أردوغان وبوتين هي الثالثة في أقل من أسبوع. وأمس (الأربعاء)، أعلنت روسيا أنها تنتظر توضيحات من تركيا بعدما أكد أردوغان الثلثاء أن التدخل العسكري لبلاده في شمال سورية يهدف إلى «إنهاء حكم الطاغية» بشار الأسد. ولم يوضح الكرملين ولا وكالة الأناضول ما إذا كان الرئيسان قد تطرقا إلى هذا الموضوع. ويصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم إلى تركيا حيث سيستقبله نظيره مولود تشاوش أوغلو.
مشاركة :