بعد سلسلة تصريحات وبيانات لدول التحالف العربي والولايات المتحدة، تتوالى التأكيدات الدولية حول تسليح إيران للحوثيين في اليمن. هذه المرة جاءت عبر مؤسسة بريطانية، إذ أكد محققون دوليون في تقرير، نشر أول من أمس، وجود خط بحري لتهريب الأسلحة من إيران إلى الحوثيين في اليمن عبر إرسالها أولا إلى الصومال. ويستند تقرير منظمة «أبحاث تسلح النزاعات» إلى عمليات تفتيش بحرية تمت بين فبراير (شباط) ومارس (آذار) 2016، حيث ضبطت خلالها أسلحة مهربة على متن سفن «الداو» الشراعية التقليدية. وقالت المنظمة، التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها وتعتمد في تمويلها على الاتحاد الأوروبي بشكل أساسي، إنها حللت صورا فوتوغرافية للأسلحة التي صودرت على متن هذه السفن خلال عمليات تفتيش تولتها السفينة الحربية الأسترالية «إتش إم إيه إس دارون» والفرقاطة الفرنسية «إف إس بروفانس». وقامت هاتان السفينتان الحربيتان بعمليات التفتيش هذه في إطار مهمة لمراقبة الملاحة لا علاقة لها بالحرب الدائرة في اليمن. وأكد التقرير أن السفينة الأسترالية ضبطت على متن سفينة داو، متجهة إلى الصومال، أكثر من ألفي قطعة سلاح، بينها رشاشات كلاشنيكوف ومائة قاذفة صواريخ إيرانية الصنع، وفقا لتقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية أمس. أما الفرقاطة الفرنسية فضبطت على متن سفينة داو أخرى ألفي رشاش تحمل مميزات «صناعة إيرانية» و64 بندقية قناص من طراز هوشدار - إم إيرانية الصنع، بحسب التقرير نفسه. كما تمت مصادرة تسعة صواريخ موجهة مضادة للدروع من طراز كورنيت روسية الصنع. وقال جوناه ليف، مدير العمليات في المؤسسة المتخصصة في أبحاث السلاح: «يقدم هذا التقرير دليلا يشير إلى أن إيران لها يد في إمداد السلاح للصراع في اليمن»، وفقا لـ«رويترز» التي أوردت أن مسؤولا إيرانيا من وزارة الخارجية نفى نتائج التقرير، وقال: «ليس صحيحا ولم تقدم إيران قط أسلحة للحوثيين ولا لأي جماعة في اليمن». لكن وكالات الأنباء والمواقع الإيرانية التابعة للحرس الثوري تشير على الدوام في أخبارها - حتى المترجمة منها إلى العربية - إلى استخدام الحوثيين وصالح صواريخ «زلزال2» في استهداف جبهات القتال، وفقا لما اطلعت عليه «الشرق الأوسط». وبحسب التقرير، فقد أكدت الإمارات أنها عثرت في اليمن، حيث تشارك في التحالف العربي ضد الحوثيين، على صاروخ كورنيت يحمل رقما متسلسلا ينتمي إلى سلسلة أرقام الصواريخ التسعة المصادرة نفسها «مما يدعم المزاعم بأن الأسلحة أتت من إيران وأن شحنات الأسلحة على متن سفينتي الداو كانت متجهة إلى اليمن». وبحسب مصادر حكومية فرنسية، فإن سفينة الداو التي ضبطت الفرقاطة الفرنسية أسلحة على متنها كانت متجهة إلى الصومال «من أجل احتمال شحنها مجددا إلى اليمن». وأضاف التقرير أنه تم العثور على متن السفينتين الشراعيتين على بنادق خفيفة مصنعة في كوريا الشمالية وتنتمي إلى السلسلة من الأرقام المتسلسلة نفسها «مما يحمل على الاعتقاد أن مصدرها هو الشحنة الأساسية نفسها». كما استند التقرير إلى عملية تفتيش قامت بها في مارس الماضي، البحرية الأميركية، وضبطت خلالها رشاشات كلاشنيكوف وقاذفات صواريخ ومدافع رشاشة «مصدرها إيران ومرسلة إلى اليمن»، بحسب واشنطن. وأكد التقرير أن اثنتين من السفن التي عثرت على متنها هذه الأسلحة صنعتا في إيران من قبل شركة المنصور للصناعات البحرية. وعلى الرغم من الطابع المحدود لهذه المصادرات فإن محللي منظمة «أبحاث تسلح النزاعات» يعتقدون أنها تؤكد وجود شبكة لإرسال الأسلحة من إيران إلى الحوثيين في اليمن عن طريق الصومال، ومنذ 2012 تورطت قوارب المنصور في حالات تهريب كثيرة للهيروين والحشيش ومؤخرا الأسلحة، وفقا لما نقلته «رويترز»، حيث «يشير تحليل الأسلحة إلى أن قاربين على الأقل من الشحنات الثلاث ربما أرسلا بتواطؤ من قوات الأمن الإيرانية». وذكر التقرير أن بعض الأسلحة التي صودرت في الهجوم على القوارب حملت أرقام تسلسل أسلحة جديدة، مما يشير إلى أنها أتت من مخزون إحدى الدول. وأضاف أن أرقاما تعريفية لأسلحة مضادة للدبابات عثر عليها في أحد القوارب تطابق أرقاما إنتاجية لأسلحة مشابهة، قالت الإمارات إنه قد جرت مصادرتها من الحوثيين. وفي تعليق على التقرير، قال السفير اليمني لدى الأمم المتحدة، السفير خالد اليماني، إن مجلس الأمن الدولي فشل حتى الآن في شجب السلوك الإيراني الذي وصفه بالأرعن، وثني إيران عن التدخل في الشؤون اليمنية. وقال اليماني إن ذلك يعتبر استمرارا لمشروع إيران الطائفي التوسعي في اليمن وتستمر عمليات تهريب المخدرات لصالح الميليشيات نفسها. وأشار اليماني إلى أن القيادات العسكرية الإيرانية تصرح بنياتها بناء قواعد عسكرية في اليمن. مضيفا أنه على الرغم من «كل البلاغات التي أرسلتها وترسلها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لمجلس الأمن، فإن المجلس لم يتقدم حتى اللحظة بشجب السلوك الأرعن لهذه الدولة الشاردة عن القانون الدولي».
مشاركة :