تطلق فرنسا ودولة الإمارات العربية المتحدة، شراكة دولية لحماية التراث الثقافي في العالم المهدد بالنزاعات المسلحة، خلال مؤتمر كبير يعقد غداً وبعد غد في أبو ظبي. وأكد البلدان أن الهدف هو تشكيل تحالف بين دول ومؤسسات عامة ومجموعات خاصة ومنظمات كبرى غير حكومية، وخبراء للتحرك في حالات مثل سورية والعراق، حيث أقدم مسلحون من «داعش» على تدمير معالم أثرية مهمة، خصوصاً في تدمر السورية ونمرود العراقية. ويختتم أعمال المؤتمر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، ومديرة اليونيسكو إيرينا بوكوفا، في حضور ممثلين لنحو أربعين بلداً سعوا مسبقاً الى وضع «أدوات جديدة» لحماية التراث المهدد، وفق المنظمين. وستطرح في طاولات مستديرة ثلاثة مواضيع خلال المؤتمر الذي يوصف بأنه «الوجه الثقافي للتصدي للإرهاب على الصعيدين العسكري والسياسي»: الحماية أو «الوقاية من سقوط تراث ثقافي في أيدٍ مدمّرة»، وفق تعبير هولاند، التدخل السريع للتصدي أيضاً لعمليات الإتجار والتهريب غير المشروعين، وترميم المعالم الأثرية التي تعرضت للتخريب أو التدمير بعد النزاعات. وللمؤتمر الذي يعقد في وقت شارفت أعمال تشييد متحف اللوفر في أبو ظبي على نهايتها، هدفان كبيران، أولهما يتعلق بإنشاء صندوق دولي لحماية التراث المهدد بالخطر، وخصص له مبلغ 100 مليون دولار. وقال جاك لانغ، رئيس معهد العالم العربي في باريس، الذي شارك في تنظيم المؤتمر، أن «قرارات إيجابية وملموسة» ستتخذ خلاله. وسيسمح الصندوق بتمويل عمليات نقل معالم تراثية وحفظها وترميمها من خلال استخدام تقنية ثلاثية الأبعاد خصوصاً، وكذلك تدريب اختصاصيين لهذه الغاية. وسيُشكَّل الصندوق على شكل «وحدة قانونية مستقلة»، وفق وثيقة تمهيدية تشير الى «مؤسسة قانونية سويسرية» قد تُنشَأ في جنيف اعتباراً من 2017. وسيحظى بحوافز ضريبية، وسيُستوحى من النظام الداخلي للصندوق العالمي لمكافحة مرض الإيدز والسل والملاريا، وهي مؤسسة لا تتوخى الربح مقرها جنيف أيضاً. أما الهدف الثاني فهو إنشاء «شبكة دولية من الملاذات» لتلبية طلبات الدول الراغبة في حماية تراثها المهدد. وقال هولاند في نيويورك في أيلول (سبتمبر) الماضي: «كما هناك حق لجوء للأفراد، علينا أيضاً أن نوجد حق لجوء للآثار». وفي الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي أن المركز المقبل لحفظ الآثار في متحف اللوفر، الذي سيفتح أبوابه في 2019 في ليافان (شمال فرنسا)، سيحفظ كذلك الآثار المهددة. ومتحف اللوفر في أبو ظبي الذي سيزوره هولاند السبت المقبل، قبل افتتاحه رسمياً في 2017، «قد يصبح أيضاً مركزاً لحفظ الآثار المهددة»، كما قال المصدر الفرنسي. وأقرّ محمد خليفة المبارك، رئيس مجلس إدارة هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة، الذي أشرف على التحضيرات للمؤتمر، بأن موضوع حماية التراث «غالباً ما يبدو ثانوياً أمام القضايا الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة عن نزاع غير متوقع»، لكن «من واجبنا أن نتحد ونحمي هذا التراث ونحافظ عليه». وقال المنظمون أن الرئيسين المالي ابراهيم بوبكر كيتا والأفغاني أشرف غني سيشاركان في المؤتمر الذي يختتم أعماله السبت، بإقرار «إعلان أبو ظبي». ولفت لانغ: «نرغب في أن يصدر قرار عن مجلس الأمن الدولي يتناول نتائج مؤتمر أبو ظبي» لتحديد معايير عامة للحماية في ضوء القانون الدولي.
مشاركة :