اختتمت مسابقة «سينما الغد الدولية للأفلام القصيرة» دورتها الثالثة ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الـ38، وجاءت الجائزتان الأولى والثانية صادمتين مقارنة بمستويات الأفلام الثمانية والعشرين الأخرى من أصل ثلاثين. نال فيلم كوريا الجنوبية «الناحية الأخرى لنهر دومان» للمخرج سي وونغ باي جائزة لجنة التحكيم الخاصة وقدرها 20 ألف جنيه، ويستعرض خلال 21 دقيقة محاولة أفراد أسرة كورية عبور نهر دومان، فيراهم جندي ويحاول ابتزازهم والاستيلاء على مدخراتهم في مقابل أن يتركهم يمرون بسلام. أما «جائزة يوسف شاهين لأفضل فيلم قصير» وقدرها 30 ألف جنيه فذهبت إلى الفيلم الكولومبي «عدن» للمخرج أندريس راميريز، ويحكي عن فضول قاد مراهقين إلى منتجع صحي مهجور تحيطه النباتات، حيث يظهر رجل يحاول منعهما من التوغل داخل المكان، فيضطران إلى قتله ليتمكنا من متابعة تجوالهما. لم يلقَ الفيلمان الاستحسان المطلوب من المشاهدين أثناء العرض، ورغم اختيار لجنة المشاهدة التي يرأسها المخرج سعد هنداوي عشرات الأفلام القصيرة من دول عدة ولاقت رد فعل ناجحاً أثناء عرضها، فإن لجنة التحكيم لم تختر أياً منها. من بين الدول المشاركة للمرة الأولى في المسابقة الفلبين بفيلم روائي قصير بعنوان «ماريا». ترصد أحداثه قصة أسرة فقيرة تواجه حياة يومية مضطربة وتزداد الهموم حين تكتشف الأم أن ابنتها صاحبة الـ14 عاماً حامل. بدورها، شاركت أيرلندا للمرة الأولى بفيلم تحريكي بعنوان «الثاني بعد الآخر» تدور أحداثه في سبع دقائق تتخللها منافسة بين عجوزين توأمين يحاول كل منهما التفوق على الآخر. وتأتي مشاركة كل من كرواتيا وليتوانيا للمرة الأولى عبر عملين قصيرين تحيطهما المشاعر الإنسانية. يستعرض الكرواتي «نزهة» زيارة ابن لأبيه داخل السجن بمصاحبة اختصاصي اجتماعي، فيما يكشف الليتواني «جسور» خلال 26 دقيقة عن رحلة بقارب يقوم بها صديقان، تعكر صفوها مشاعر يبوح بها الشاب لصديقته. بالنسبة إلى الأعمال المصرية المشاركة في مسابقة الغد الدولية، تناول «رحلتنا الأخيرة معاً» لأبانوب نبيل رحلة قصيرة لرجل توفيت زوجته يحاول دفنها والتأقلم مع وحدته. أما العمل الثاني فتولاه المخرج ماجد نادر بعنوان «فتحي لم يعد يعيش هناك»، وهو فيلم تجريبي قصير يستعرض قصة شاب عالق في حياته اليومية من خلال مشاهد فوتوغرافية. ويتجسد الحضور العربي بمشاركة لبنانية وحيدة للمخرج وليد مؤنس بعنوان «البندقية/ ابن آوى، الذئب والصبي» حيث يتحمل شقيقان تبعات شغفهما باستخدام بندقية والدهما. من زاوية أخرى، كانت أفلام التحريك الأبرز في المسابقة واتسمت بالتنوع واستخدام تقنيات عالية في التصوير، كان في مقدمها الألماني «نشاز» للمخرج تيل نوفاك، ويأخذ المتفرج في رحلة لمدة 17 دقيقة حول محدوديه الخيال أو لامحدوديته، ما يؤكد في النهاية أن لا حدود للخيال، ذلك من خلال تقنيات عالية في التصوير والغرافيك أبهرت المشاهدين. فرنسا شاركت بدورها بفيلم تحريكي قصير بعنوان «حفل الحديقة» أبطاله من الضفادع، تجسدت من خلاله فانتازيا الصورة والتقنيات المستخدمة لصياغته بشكل مميز، ما ينطبق أيضاً على الفيلم الأيرلندي «الثاني بعد لا أحد»، للمخرج فنسنت غلاغر. الإطار الإنساني والصراعات النفسية التي يتعرّض لها البشر أكثر ما تناولته الأفلام هذه الدورة، ورغم ذلك لم يقع اختيار لجنة التحكيم على أي منها، مثل التسجيلي النرويجي «سُترة ثقيلة» للمخرجة ليفيرين براتيرود، وتستعرض أحداثه رحلة شاب في الثلاثينات يعاني داء «اضطراب ثنائي القطب»، يجعله يقرر السفر في رحلة إلى جنوب سيناء في مصر، لاكتشاف ذاته ومحاربة مخاوفه النفسية لمواجهة العالم وإنقاذ علاقته بابنته صاحبة الأربع سنوات. أمومة تلامس عدد من العروض مع مشاعر الأمومة . شاركت البرتغال بفيلم «سبتمبر» للمخرج ليونور نويفو، يحكي عن أم تحاول أن تبدأ حياتها من جديد بعيداً عن ابنها، ولكن عقبات حياتية ونفسية تجعلها تحسم الاختيار، فيما يستعرض المكسيكي «الدوافع في العالم» حياة حامل تنقلب مشاعرها وحياتها رأساً على عقب بعد استضافتها طفلاً يبلغ من العمر سبعة أعوام. وفي الفيلم الروسي «ماري» (للمخرج جريجوري كولوميتسيف) تتلقى الأم خبراً من رجال الأمن يؤكد تورط ابنها الأكبر في عمليات إرهابية، فيما تواجه في الفيلم البلجيكي «المراوغ» للمخرجة إيلي شيفيلوت، خبر إبلاغها أن ابنها الوحيد متحرش جنسياً، ويأتي صراع مشاعرها بين الجريمة التي أقدم عليها وطبيعتها كأم. ورغم بروز أفلام قصيرة عدة تزخم بالمشاعر الإنسانية المختلفة أو التقنيات العالية فإن الجائزتين ذهبتا إلى الفيلمين «الأكثر برودة» في المسابقة، في الفكرة أو الأداء الرتيب والغموض غير المبرر، لتضع مسابقة سينما الغد تساؤلاً كبيراً حول اختياراتها هذه الدورة مقارنة بالدورات السابقة.
مشاركة :