بـ «عطسة» وصل قطار عروض مهرجان «أيام المسرح للشباب» إلى محطته النهائية بسلام. فقد اختتمت عروض المهرجان الذي أسدل الستار على فعالياته وتم توزيع جوائزه مساء أمس، بالعرض المسرحي «عطسة» الذي قدمته فرقة المسرح الكويتي مساء أمس الأول على خشبة مسرح الدسمة، والمأخوذ عن مسرحية شهيرة انحازت إلى صندوق كلاسيكيات المسرح العالمي وتم اقتباسها على العديد من الخشبات على امتداد العالم لمبدع روسيا الأشهر أنطوان تشيكوف، لتكون مسك ختام عروض المهرجان. العرض الذي حضره جمهور حاشد ملأ جنبات مسرح الدسمة، من تأليف محمد المسلم وإخراج عبدالله التركماني، ومن بطولة عبدالعزيز النصار الذي قام بدور «العطاس»، سارة التمتاتي والتي جسدت أكثر من شخصية «بوبوفا، الزوجة، المحققة، الحارس»، والممثلون مبارك الرندي، فهد الخياط، خالد الثويني، عدنان بالعيس، ناصر حبيب، محمد الفيلي، إضافة إلى هادي كرم، محسن علي، عبدالله البلوشي، عبد الرسول القلاف، محمد النجدي، محمد عبد النبي، ومحمد التركماني. والإضاءة فاضل النصار، الديكور محمد الربيعان، الأزياء زينب خان، ماكياج زينب المؤمن، ومؤثرات موسيقية عبدالعزيز القديري. الجميع يعطس، ولم يشعر تشرفياكوف بأي حرج ومسح أنفه بمنديله، وكشخص مهذب نظر حوله ليرى ما إذا كان قد أزعج أحدًا بعطسه، وعلى الفور أحس بالحرج. فقد رأى العجوز الجالس أمامه في الصف الأول يمسح صلعته ورقبته بقفازه بعناية ويتمتم بشيء ما. وعرف تشرفياكوف في شخص العجوز الجنرال بريزجالوف الذي يعمل في مصلحة السكك الحديدية. وقال تشرفياكوف لنفسه: «لقد بللته. إنه ليس رئيسي بل غريب، ومع ذلك فشيء محرج. ينبغي أن أعتذر». بأجواء قريبة لنص تشيكوف الأصلي، انطلقت أحداث مسرحية «عطسه» حول بطل العرض الفنان عبدالعزيز النصار الذي يعطس في قاعة مسرح أمام شخصية مهمة، ويحاول الاعتذار منه. ولأنه بحسب المخرج التركماني «العطس ليس محظوراً على أحد في أي زمان ومكان، فالجميع يعطس، لأني بشر ولي احتياجاتي كإنسان»، فقد حرص في رؤيته الإخراجية على أن يكون أحد العناصر المهمة في عرضه المسرحي هو ربط الصالة بالجمهور، وبدا لافتاً وضوح توجيهات مدير الخشبة للممثلين. وعلى مستوى التقنيات قدم التركماني عرضاً مبهراً، حيث لعبت السينوغرافيا دوراً رئيسياً في التناغم بين الإضاءة والأزياء والموسيقى التي جاءت راقية ومعبرة. أما الممثلون فقد كانوا شعلة من النشاط، وعلى رأسهم النجم الواعد عبدالعزيز النصار الذي لفت انتباه الجماهير الحاضرة التي وقفت لتصفق له، بينما أبدع عدنان بالعيس وناصر حبيب بلهجتيهما البحرينية والسعودية، وأبهرت سارة التمتاتي الحضور بأدائها، ولعب خالد الثويني أكثر من شخصية وتميز في شخصية صندوق البريد، وكذلك أجاد فهد الخياط في دوره. وأبدع المؤلف الشاب محمد المسلم الذي خاض تجربته الأولى في المهرجانات في نصه، وكانت كلمته في البروشور «إن كنت لا تفهم معنى كلمة إنسان فافهم احتياجات غيرك كإنسان»، مفتاحاً مهماً من مفاتيح العرض المسرحي. وكعادته نجح المخرج عبدالله التركماني في توظيف كافة ادواته المسرحية وجميع ممثليه بالشكل الصحيح، فقدم عرضاً مسرحياً راقياً. حلقة نقاشية أعقب العرض حلقة نقاشية، بحضور مؤلف المسرحية محمد المسلم والمخرج عبدالله التركماني، وأدارها عبدالله النصار. وعقب على العرض خلال الحلقة الدكتور أيمن الخشاب الذي أشاد بأداء الممثلين وخصوصا عبدالعزيز النصار، مثمناً الإيفيهات التي كانت موظفة بوعي. كما أثنى الخشاب على السينوغرافيا التي اعتبر أنها كانت عنصراً مهماً ورئيسياً في العرض. ثم جاء دور المعقبين، حيث عاتب الناقد والمخرج محمد عبدالرسول المسؤولين في الهيئة العامة للشباب على عدم حضور الحلقات النقاشية، وأشاد بالعرض المسرحي، لافتا إلى بعض السلبيات ومنتقدا انتقال الممثل عبدالعزيز النصار من المسرح الأكاديمي إلى الجماهيري، ومحاولته التعايش مع الوضع التجاري على الخشبة. بينما تساءلت الدكتورة والمؤلفة أنعام سعود عن الإضافات على النص الأصلي، مشيدة بالسينوغرافيا وتناغمها مع الموسيقى والإضاءات. وأبدى المخرج منصور الصغير إعجابه بفريق العمل وخصوصا الممثل عبدالعزيز النصار الذي قدم كل شيء، فهو ممثل رائع ورشيق على المسرح. كما أشادت الفنانة هدى الخطيب بالعرض المسرحي الجميل. وفي رده على المداخلات قال المؤلف محمد المسلم: «ملاحظاتكم ستكون بعين الاعتبار»، كاشفاً عن ان هذا هو العرض الأول له في مسابقة رسمية، وموضحا أن العمل مختلف كلياً عن مسرحية تشيكوف الأساسية. وقال المسلم: «قدمت نص (عطسة) كمشروع تخرج قبل سبعة أعوام، وكان المخرج عبدالله التركماني دائم التواصل معي ومطالبتي بالمشاركة في المهرجانات، ولكن هذه المشاركة تأخرت للظهور بشكل خاص». أما مخرج العمل عبدالله التركماني، فقال: «أحرص على أن يلامس كل ما أقدمه على خشبة المسرح الجمهور»، متوجها بالشكر إلى فريق العمل الذي عمل معه لمدة عامين، ولافتاً إلى أن «عطسة» يعتبر العرض رقم 100 في مشواره المسرحي، ومختتما بأنه سيأخذ كل الملاحظات بعين الاعتبار.
مشاركة :