شكل مرض نقص المناعة المكتسبة منذ ظهوره في ثمانينات القرن العشرين قضية عالمية ما زالت تؤرق الكثير من الاطباء، نظراً إلى تأثيره الكبير على الجهاز المناعي للإنسان، ما يؤدي إلى ترك المصابين عرضة للإصابة بأنواع كثيرة من العدوى والأورام، ونظراً إلى الأعباء الاقتصادية الهائلة التي نتجت عنه، لا سيما في الدول الفقيرة التي شهدت انتشاراً واسعاً للمرض. وتحيي الأمم المتحدة اليوم العالمي للايدز في الأول من كانون الاول (ديسمبر) من كل عام، وهو اليوم الذي اختارته منظمة الصحة العالمية عام 1988. واختارت المنظمة شعاراً هذا العام لحملة مكافحة الايدز في إقليم شرق المتوسط: "الكرامة فوق كل اعتبار"، لدعوة جميع أطراف الرعاية الصحية لتعزيز تعاونها لوضع حد للتمييز ضد المصابين بهذا الفيروس. ولا تزال البحوث الرامية إلى تطوير لقاح ضد فيروس "اتش اي في" المسبب لمرض الإيدز تصطدم بعقبات كبيرة، لكن للمرة الأولى يعتقد العلماء أن هناك أملاً في إيجاد العلاج. وكانت آخرالتطورات في هذا الاتجاه التجربة السريرية التي بدأت في جنوب أفريقيا، اليوم، لاختبار لقاح تجريبي قد يساهم في حال ثبوت فعاليته في تسجيل تراجع هذا المرض. وشارك في هذه الدراسة التي انطلقت بعنوان "اتش في تي ان 702" وتستمر لمدة أربع سنوات، أكثر من خمسة آلاف و400 متطوع من الرجال والنساء الناشطين جنسياً، وتتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة في 15 موقعاً موزعاً على مختلف أنحاء جنوب أفريقيا. وقال مدير "المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية" (ان آي ايد) انطوني فاوسي: "في حال استخدامه في شكل متواز مع ادوات وقائية ذات فعالية مثبتة نستعين بها حالياً، من شأن اللقاح الآمن والفعال أن يشكل ضربة قاضية ضد الفيروس"، مضيفاً أنه "حتى اللقاح المتوسط الفعالية سيخفف في شكل كبير عبء المرض في البلدان التي يعاني سكانها بدرجة كبيرة نتيجة الايدز". وجرى اختيار جنوب أفريقيا لاستضافة هذه التجربة بسبب تسجيلها أعلى معدلات انتشار الإيدز حول العالم، إذ بلغت النسبة حوالى 19.2 في المئة، وفق برنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس الإيدز، حيث يعيش في هذا البلد أكثر من سبعة ملايين مصاب بالفيروس. وأكدت الإحصاءات أنه يصاب مليونان ونصف مليون شخص سنوياً في شرق جنوبي افريقيا بالفيروس الذي أودى بحياة اكثر من 30 مليون شخص منذ الثمانينات، وفق دراسة نشرت خلال مؤتمر دولي حول الايدز عقد في جنوب افريقيا. ويمثل اللقاح، الذي يجري تطويره للتكيف مع السكان المحليين، نسخة معززة لسلالة فيروسية أجريت اختبارات عليها في عام 2009 في تايلاند، بمشاركة أكثر من 16 ألف متطوع. وسمح هذا اللقاح بتقليص أخطار انتقال العدوى بنسبة 31.2 في المئة بعد ثلاث سنوات ونصف السنة من التلقيح الأول. وعلى رغم الآمال التي يبعثها هذا اللقاح، يشدد الاختصاصيون على ضرورة عدم اضعاف الجهود المبذولة للوقاية من المرض. وشدد المعهد الوطني على أن اللقاح سيغير المعادلة، مؤكداً أنه يجب مواصلة استخدام وسائل وقائية للحد من حالات الانتقال الجديدة. ويعد مرض الإيدز من الأمراض التي ما زالت معدلات الإصابة به مرتفعة، خصوصا في دول العالم النامي. وأشار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في رسالته بهذه المناسبة إلى أنه بعد مرور 35 سنة على ظهور الفيروس، يحق للمجتمع الدولي أن ينظر إلى الوراء ببعض الاعتزاز، مشدداً أنه يجب التطلع في المستقبل إلى القضاء على وباء الإيدز بحلول عام 2030. وعلى الصعيد العالمي، وافقت إدارة الأغذية والعقاقير في أميركا عام 2012 على عقار «تروفادا» للوقاية من عدوى الفيروس. وأوضحت أن الأشخاص غير المصابين بالفيروس الذين يتناولون «تروفادا» كل يوم، يمكن أن يقلصوا خطر الإصابة بالفيروس بنسبة تفوق 90 في المئة. وحالياً، تجري التجارب على لقاح جديد بإدارة المعاهد الوطنية الأميركية للصحة، والمجلس الجنوب أفريقي للبحث الطبي، و"مؤسسة بيل وميليندا غيتس"، ومختبرات "سانوفي باستور" و"غلاكسو سميث كلاين"، وشبكة التجارب على اللقاحات ضد فيروس "اتش اي في".
مشاركة :