تسعى الدراما الكورية لفرض إيقاعها وغزو التلفزيونات على مستوى العالم، وتستحث الخطى بشكل متسارع لنشر ثقافة بلاد ذوي العيون الضيقة سواء على صعيد الدراما أو الموسيقى ومختلف الفنون، وبلا شك أن المشاهد العربي ناله نصيب من هذه الموجة التي استطاعت أن تستقطع ساعات بث كانت مخصصة للمحتوى العربي أو التركي، وأصبحت هذه الدراما في وقت قصير ذات جماهيرية واسعة، خصوصاً بين أوساط الفتيات اللواتي يعشقن متابعة القصص الرومانسية والحكايات العاطفية عبر الشاشة، وأصبح نجومها محط أنظار وترقب وإعجاب من الجمهور، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف وصل الكوريون إلى ما وصلوا إليه؟ هذا ما ستكشفه "سيدتي" في هذا التقرير. موجة "الهاليو" آمن صناع القرار في كوريا منذ أكثر من 30 عاماً بأن الفنون لها دور كبير في الترويج للمحتوى الحضاري والمنتج الثقافي لأي بلد، فأنشأوا من أجل ذلك هيئة متخصصة أطلقوا عليها "وكالة المحتوى الإبداعي"، ومهمة هذه الوكالة هي فتح مكاتب في بعض الدول، وإرسال مندوبين وخبراء في صناعة المحتوى المرئي إلى دول أخرى من أجل ترويج منتجاتهم بأسعار زهيدة، ومهمة هؤلاء الخبراء والمندوبين هي كتابة تقرير عن النمط الدرامي الذي يفضله جمهور كل دولة على حدة، وإذا كانت الجماهير تميل إلى الأعمال الرومانسية أو الإثارة المرعبة أو أفلام العصابات ونحو ذلك، وأيضاً دراسة التركيبة الديموغرافية لكل منطقة، ومعرفة نسبة الشباب من السكان والمستوى التعليمي وغيرها من المعايير، وحظي هذا التوجه بدعم من القطاع الحكومي والخاص، وأطلقوا موجة فنية مبهرة أطلق عليها اسم الـ"هاليو"، وهذه الـ"هاليو" باتت ترمز في دولة كالصين إلى "التدفق الثقافي الكوري"، ونجحت على سبيل المثال لا للحصر في إيجاد لون موسيقي يكون محبباً وقريباً إلى الناس في كل العالم، ونجحت من خلال أغنية "جانجام ستايل" في حصد متابعة 2.7 مليار مشاهد على "اليوتيوب"، وهذا الرقم مذهل وتاريخي ويعكس ملامح نجاح هذه الموجة الفنية. تخطيط ودراسة وفي خبر يؤكد ذلك بثته وكالة الأنباء الكورية "يونهاب" بتاريخ 28 يونيو 2016 أشارت فيه إلى أن وكالة كوريا للمحتوى الإبداعي قالت: إنها أرسلت خبراء تسويق لموجة الثقافة الكورية المعروفة باسم "هاليو" إلى الإمارات والبرازيل اللتين تعتبران من الأسواق الناشئة لـ"هاليو"، وتجدر الإشارة إلى أن جيل الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 34 سنة يشكلون نحو 70% من كل السكان في منطقة الشرق الأوسط، والتي تزخر بطلبات كثيرة على المحتويات الثقافية، لهذا السبب فإن الشركات الكورية تولي اهتماماً كبيراً بهذه المنطقة، وأضافت: أما بالنسبة للبرازيل فإن قيمة سوق المحتوى فيها سجلت 4.9 مليار دولار في العام الماضي، لتحتل المرتبة التاسعة في العالم، ومن المتوقع أن يبلغ معدل نمو سوق المحتوى فيها 10% على أساس سنوي حتى عام 2019. والملاحظ أنهم يتحركون في صناعة الدراما على أساس علمي واستناداً إلى دراسات، وهذه الطريقة تفتقدها الدراما العربية في مجملها العام، لذا استطاع الكوريون مزاحمة سوق منتجي المنطقة بسهولة. الأفكار جديدة استطاعت أن تتطرق الدراما الكورية وتركز على الجوانب التي تفتقر إلى تقديمها أو لم تنجح فيها الدراما العربية، وبات المشاهد ينظر إلى أفكار جديدة وطريقة أداء تمثيلي غير معهودة له ويغلب عليها الطابع العائلي المحافظ، ومن أشهر المسلسلات الكورية التي أحبها المتابعون العرب: "فتيان قبل الزهور"، وكانت قصته تناقش حياة الطلاب في المدارس وما يتعرضون له من مصاعب، وأيضاً مسلسل "دكتور غريب"، وهو مسلسل طبي رومانسي في الوقت نفسه، وهنا غرابة الفكرة التي يتطرق لها الكوريون، وهو من بطولة "لي جونج سك" و"كانج سورا"، وكذلك مسلسل "هيلر" من بطولة جي شانك ووك ويو جي تي، وجميع هذه الأعمال والعشرات غيرها عرضت على المحطات العربية، وفتحت أبواباً لصراعات درامية جديدة وغير معهودة مثلما أسلفنا، فهم يركزون على حداثة الفكرة، ثم يتجهون إلى البناء الدرامي عليها سواء في الكوميديا أو التراجيديا. عنبر الدوسري: تخلصوا من عقدة الـ30 حلقة السيناريست السعوي عنبر الدوسري وجهنا إليه مجموعة من التساؤلات كان أحدها عن أبرز الفروقات من وجهة نظره بينها وبين الدراما العربية، فقال: يكتبون أعمالهم بطريقة احترافية، ولا يتركون مساحة لأحداث غير مهمة في السياق، وهم لديهم مدارس متخصصة في هذا الأمر، وأضاف: الدراما العربية أيضاً أو أي دراما في العالم عندما تلتزم بقواعد العمل الفني المحضة تنجح وتبهر المشاهدين. وأوضح عنبر أن الكوريين تخلصوا من عقدة الـ30 حلقة التي تسير عليها الدراما العربية، فنجد أن بعض أعمالهم تنتهي بعد 10 أو 15 حلقة؛ لأن القصة ببساطة انتهت، والأمر لا يحتمل "التمطيط"، وهم ليسوا بحاجة له على حد وصفه، مشدداً على صناع المحتوى العربي بالحرص على تقديم القيم الإسلامية والشرقية والاعتزاز بالثقافة العربية؛ لأن العالم بات اليوم لديه أزمة هوية على حد قوله. جو معلوف عن صراع أولاد ملحم بركات: "معيب ومخجل"
مشاركة :