مستقبل تمثالي بوذا في باميان على طاولة البحث بعد 15 عاما على نسفهما

  • 12/2/2016
  • 00:00
  • 23
  • 0
  • 0
news-picture

باميان (أفغانستان) (أ ف ب) - بعد خمسة عشر عاما على نسف حركة طالبان تمثالي بوذا الصخريين العملاقين في مدينة باميان، يأمل الافغان اعادة ترميم هذا المعلم التاريخي البارز غير أن الخبراء ينقسمون حيال طريقة مقاربة هذه المسألة مع اجماعهم على ضرورة الحفاظ على الموقع. ويجتمع علماء اثار وخبراء في الترميم خصوصا من افغانستان وهولندا واليابان وفرنسا ممن عملوا على ترميم وادي باميان في وسط افغانستان المصنف على انه "في خطر" من جانب منظمة اليونسكو، منذ الخميس وحتى السبت في مدينة ميونخ الالمانية. وسيحاول الخبراء احراز تقدم في هذا الملف المثير للجدل المرتبط بالحفاظ على التراث وبذاكرة وثقافة مجتمع ينزف بسبب العنف المستشري منذ عقود. ولا يزال الجميع في باميان، ومنهم المزارعون في حقول البطاطا المواجهة للمنحدرات، في حالة حزن على المنحوتات العملاقة التي لم يبق منها الا اطلال. وكان اكبر هذين التمثالين المعروف بسالسال، بطول 56 مترا في حين بلغ طول نسخته الانثوية واسمها شاماما 38 مترا. وقد قام مقاتلو طالبان بنسف هذين التمثالين في نيسان/ابريل 2001 بحجة الالتزام بالشريعة الاسلامية الرافضة للاوثان وفي مسعى لمحو هذا التاريخ البوذي بعد السيطرة على الولاية. كذلك قتلوا الاف المدنيين من اقلية الهزارة المسلمة التي تتبع مذهب الاثني عشرية وتعتبر الحركة المتمردة افرادها "كفارا". - "افراد من العائلة" - ويقول ممثل وزارة الثقافة الافغانية حكيم صفا البالغ 27 سنة "جميعنا نشعر بأننا فقدنا احد افراد العائلة"، مستذكرا الذهول الذي انتابه ازاء الدمار الذي طال موقع التمثالين بعد عودته من منفاه في باكستان. ويؤكد استاذ علم الاثار في جامعة باميان رسول شجاعي الذي يعمل ايضا في مجال الفنادق لتوفير لقمة العيش، أن "الناس في القرى ينتظرون حقا ترميم التمثالين، هم يسألوننا +متى ستبدأون بذلك؟+". غير ان الدمار الذي طال التمثالين كبير لدرجة تسود معها شكوك ازاء امكان ترميمهما: فقبالة الكوات الضخمة المحفورة في المنحدر، جمعت منظمة يونسكو وعلماء الاثار كتلا من الصخر بمقاسات مختلفة غير ان القسم الاكبر من التمثالين اصبح كومة ركام. ويكشف خوليو بينديزو - سارميينتو مدير البعثة الاثرية الفرنسية في افغانستان وعضو لجنة الحفاظ على باميان المجتمعة في المانيا أن "الدمار كلي في التمثال الكبير. اما التمثال الاخر فلم يتبق منه الكثير ايضا. كذلك فإن المنحدر مهدد بالانهيار في اي يوم: انه بمثابة سراديب من الاف الكهوف المزينة والمتصلة في ما بينها بسلالم واروقة كان يستخدمها الرهبان" البوذيون الى ان وصل المسلمون بين القرنين الثامن والحادي عشر. ويشير عالم الاثار ايضا الى ان المنحدر عبارة عن كتل ارضية متراصة يسهل الحفر فيها لكنها باتت هشة للغاية بفعل انفجار سنة 2001 الذي تسبب بشقوق عميقة تتسلل اليها الامطار والثلوج. وتحولت هذه الكهوف ملجأ لنازحين هاربين من الحرب بعدما واظب قرويون حتى فترة قريبة خلت على استخدامها كحظائر لحيواناتهم. - "مقاربة تاريخية مشرفة" - ويشير غلام رضا محمدي ممثل اليونسكو في باميان الى ان اولوية المنظمة الاممية "تكمن في حفظ الموقع وبقايا" التمثالين. وعززت اليونسكو بفضل تمويل ياباني الكوة المتروكة في موقع تمثال شاماما وتعتزم العمل على ذلك العائد لتمثال سالسال حيث ثمة سقالة عملاقة في المكان. ومنذ سنة 2001، اخذ باحثون المان على عاتقهم مهمة "حماية الرسوم الجدارية" في حوالى اربعة الاف كهف ورمموا قدمي التمثال الاصغر مستخدمين كتلا من الركام. ويلفت المتخصص في تاريخ الفنون برت براخنثالر الذي يعمل في باميان منذ 2003 الى ان "مصطلح ترميم خادع دوما اذ انه يعني اننا سنعيد بناء التمثالين". ويقول هذا الالماني المتحدر من منطقة بافاريا "لدينا اجزاء يمكننا اعادة وضعها في مكانها الاصلي لنحصل على تمثال مع ثقوب وفراغات بالطبع، غير انها مقاربة مشرفة للتاريخ". ويضيف "يكفي ان نجد موقعها الاصلي. الامر ليس بسهل لكن هناك احتمالات لحصول ذلك. في حال توافر تمويل جيد يمكن انجاز ذلك في غضون خمس سنوات". - الاخلاقيات وحقوق الانسان - ويتساءل خوليو بينديزو - سارميينتو "لماذا اعادة البناء؟ من اجل السياح؟ في التاريخ زالت امور كثيرة لا نزال نحتفظ بذكراها. تماثيل بوذا ستبقى في الذاكرة الجماعية مع ذلك". ويقول "فلنترك الحنين جانبا. الامر الطارئ هو منع تكرار ذلك"، متطرقا الى مدينة تدمر الاثرية السورية التي تعرضت اثارها الاغريقية - الرومانية الى دمار كبير على يد تنظيم الدولة الاسلامية. غير ان النقاش بشأن تمثالي بوذا باميان ليس تقنيا فحسب بحسب ماسانوري ناغاوكا مدير برنامج التراث الثقافي في اليونسكو في كابول. ويقول "يجب النظر الى الحفظ من منظور الاخلاق والانسانية وحقوق الانسان. التمثالان ليسا سوى تجسيد مادي وهما شهادة للسكان عن تاريخهم وتنوعه وعن حوار الاديان". ويضيف ناغاوكا "اذا ما كان ترميم التمثالين يساهم في تنشيط هذه الذاكرة، يجب اخذ الامر في الاعتبار على انه مساهمة في عالم اكثر سلمية". ولن يتم حسم الجدل في ميونخ حيث سيكتفي الخبراء بالاتفاق على اعمال الحفاظ على الموقع. غير أن المسألة مطروحة ايضا على طاولة البحث في مؤتمر دولي بشأن باميان في خريف العام المقبل في طوكيو. في الموازاة، ينطلق الجمعة في ابوظبي مؤتمر دولي لاطلاق صندوق عالمي لدعم "التراث المهدد للانسانية" بمشاركة الرئيس الافغاني اشرف غني. ويقام ايضا منتصف الشهر الحالي في باريس معرض بعنوان "من باميان الى تدمر، رحلة الى قلب مواقع التراث العالمي" ويستمر حتى 9 كانون الثاني/يناير في قصر "غران باليه" التاريخي.

مشاركة :