تحمل النجمة الفرنسية العالمية ماريون كوتيار ما يكفي من الغموض في شخصيتها لتدهش المحيطين بها أو تزعجهم أحياناً، لكنها تتمتع بأقصى درجات الجاذبية. يبدو كلامها مدروساً وفاتراً بدرجة معينة إلا أنها تعترف بأنها تتعمّد استعمال هذا الأسلوب: «أبالغ في حماية نفسي أحياناً. اليوم أحرص على عدم الكشف عن جوانب كثيرة من حياتي خوفاً من زيادة الهجوم عليّ أو خوفاً من أن يسيء الآخرون فهم كلامي. هذه المواقف تؤذيني». تبدو ماريون كوتيار اليوم مختلفة جداً عن تلك المرأة التي كانت منذ بضع سنوات تتكلّم بتلقائية وتلقي خطابات طويلة عن الشؤون البيئية قبل أن تتشارك التدخين مع الصحافيين في نهاية المقابلات. أثّر فيها «الكارهون» كثيراً لأنها تعرّضت لانتقادات لاذعة. باتت اليوم تجيب ببطء بعد التفكير ملياً بكلامها. هكذا أجابت بأسلوب متقطع عند التحدث عن مسيرتها اللافتة مع أهم المخرجين: «لكن... صحيح أن أهم العوامل التي تجذبني إلى العمل... يجب أن تتعلق طبعاً... بالقصة وهوية المخرج... هذا أمر مؤكد!». أعمال لافتة شاركت ماريون كوتيار في 21 عملاً منذ فيلم La Môme (الشابة) الذي صدر قبل عشر سنوات ومنحها جوائز «سيزار» و«أوسكار» و»بافتا» البريطانية. كذلك تعاونت مع أهم المخرجين في العالم فعملت مع وودي آلن في Midnight in Paris (منتصف الليل في باريس)، ومايكل مان في Public Enemies (أعداء الشعب)، وكريستوفر نولان في Inception (استهلال)، وجيمس غراي في The Immigrant (المهاجر)، فضلاً عن سلسلة من الأعمال الفرنكوفونية مثل Deux jours, une nuit (يومان وليلة) للأخوين داردين. اليوم لا تزال هذه الممثلة التي تبلغ 41 عاماً تتمتع بجمال أخّاذ وتتميز طبعاً بعينيها الزرقاوين الواسعتين ولون بشرتها الفاتحة. لا مفر من أن يقع من يراها تحت سحرها لأنها تحمل معاني النجومية الحقيقية كافة. إنها الممثلة العالمية الوحيدة التي تعاونت مع كريستوفر نولان وغرافييه دولان في آن، وهي الفرنسية الوحيدة التي تكسب أموالاً طائلة من إنتاجات هوليوود الضخمة، وتبدو أيضاً صادقة في أدائها في أفلام مستقلة تُعرَض في المهرجانات السينمائية. لكن هل تختلف مكانتها كنجمة عالمية عن تشارليز ثيرون أو كيت بلانشيت مثلاً؟ يؤكد لويس غاريل، شريكها في فيلم From the Land of the Moon (من أرض القمر) للمخرجة نيكول غارسيا، على ذلك الاختلاف: «حين عملتُ مع ماريون، لم أشعر للحظة بأنها تأثرت بمسيرتها المهنية في الولايات المتحدة. لم أفكر بالممثلين النموذجيين لأنها تتمتّع ببراعة فنية راقية وبقدرة على تقمّص الأدوار. إنها ميزة داخلية لديها ولا شك في أنها تعطيها طابعاً مؤثراً». تضيف هذه المرأة الفرنسية بامتياز: «في فرنسا، يبقى النجاح مشبوهاً ولا مفر من مهاجمته بأي ثمن وكأن المنتقدين يريدون إرجاع الناس إلى الأرض مع أن النجاح لا يعني التحليق فوق الأرض!». حين سُئلت عن سر نجاحها الدولي، لم تتكلم كثيراً بل أطلقت موقفاً حيادياً وحذراً فقالت: «الرغبة، والتفاني... حين نطلق مهنتنا هناك، نبتعد كثيراً عن مكاننا الأصلي. قرأتُ في بعض المناسبات مقابلات مع ممثلات اعترفن بأنهن ما عُدْنَ يرغبن في خوض تلك التقلبات كلها في مرحلة معينة من حياتهن». تتذكر ماريون كوتيار مثلاً تجربتها عند تصوير فيلمَيThe Dark Knight Rises (عودة فارس الظلام) و Rust and Bone (الصدأ والعظام) في الوقت نفسه فيما كان طفلها لا يزال في شهره الثامن. كانت تلك المرحلة «أشبه بموسيقى الروك أند رول» الصاخبة، بحسب قولها. في المرحلة اللاحقة، حصد فيلم Rust and Bone مليونَي مشاهدة في فرنسا، وفيلم The Dark Knight Rises أو 4Inception ملايين مشاهدة، وكل حلقة من مسلسل 6Taxi ملايين مشاهدة أيضاً. فجأةً بات العالم كله يعرف ماريون كوتيار أو ظنّ الناس أنهم يعرفونها. ميزة يدّعي كثيرون أن لديهم معلومات حصرية عن حياتها الشخصية أو العاطفية. إنها ميزة أخرى لدى هذه النجمة: تُعتبر حياتها الخاصة ملكاً للناس! ذُكِر اسمها أخيراً في أشهر طلاق في العالم بين براد بيت وأنجلينا جولي، لذا كتبت على «إنستغرام» أنها ليست عشيقة بيت وأنها تنتظر طفلها الثاني من غيوم كانيه. تعترف: «لا يسهل أن نواجه هذا النوع من الجدل، لكني أستعيد عافيتي بسرعة حتى لو كان الموقف مؤلماً أحياناً». تتبنى هذه الممثلة الموقف نفسه عند التحدث عن موت الشخصية التي أدّتها في فيلم The Dark Knight Rises بعدما تعرّض هذا الحدث للسخرية والنقد على مواقع التواصل الاجتماعي: «لم يكن ذلك الحدث مهماً. ماتت شخصيات عدد كبير من الممثلين قبلي ولم يتعرضوا لهذا الكم من النقد. اعتبرتُ ما حصل أمراً مبالغاً فيه لكني تقبّلتُه. أجيد التمييز بين الحاجة إلى إعادة تقييم المسائل وبين السخافات التي تسبّبها». أنوثة النجمات الحقيقيات تتمتع ماريون كوتيار بجاذبية النجمات الحقيقيات. في بداية عام 2017، سنشاهدها في العمل الكوميدي Rock’n’Roll مع غيوم كانيه. ختمت الممثلة الفرنسية كلامها قائلة: «في الأعمال الكوميدية، أشعر بأنني أبدأ من الصفر وآخذ المجازفات. أنظر بإعجاب شديد مثلاً إلى فيرجين إفيرا بتلقائيتها وعمقها وفكاهتها... أتمنى أن أصبح مرتاحة بقدرها في هذه الأدوار لكني أحتاج إلى بذل جهود شاقة!».
مشاركة :