شيئاً فشيئاً وصل الحال بنا الى الحديث عن «الكلبة»! والكلبة المقصودة هي تلك التي استضافها مذيع صارخ ليلة سلخ حلب، معلناً تعاطفه ومواساته بل وتقبيله لها - للكلبة - على الهواء مباشرة! ولأنني لم أكن أعرف أن البرنامج استضاف أو تحدث مع صاحبة الكلبة، فقد رحت أتأمل في مكانة صاحب أو صاحبة الكلبة ومدى حظه أو حظها ولا أقول سطوته أو سطوتها على الإعلام الحديث، قبل أن أكتشف أن البرنامج ومن باب المهنية العالية والحس الوطني والشعور القومي قد استضاف السيدة هايدي صاحبة الكلبة التي روت كيف أن الشابين المصريين اعتديا على الكلبة وأن أحدهما استخدم في الإيذاء آلة حادة في منطقة معينة من جسدها! بداية أمقت التصيد لزميل أو لبرنامج أو لقناة لكننا في زمن التجهيل والتضليل والتطبيل مضطرون لأن نكرر: عيب وألف عيب! ندرك أن الرقة قد تصل الى ذروتها وأن العطف والرحمة بالحيوان مسألة إنسانية بل إنها إسلامية يحضنا عليها ديننا الحنيف لكني أدرك ويدرك ملايين المسلمين أن الانتهاكات الصارخة والعربدة الواضحة والقتل والذبح مستمر من لدن نظام بشار الأسد ضد الأطفال والنساء والشيوخ والشباب دون أن يصرخ مذيع أو برنامج واحد على النحو الذي ظهر مع الاعتداء على كلبة السيدة هايدي! ندرك أن الإثارة قد تعمل عملها فضلاً عن شح المادة الجادة في ظل الظروف والقيود والرقابة ونحو ذلك، لكن أن يصل الأمر الى أن تنام مصر أبو بعض أسرها على حديث الكلبة بهذه الدقة بل الجرأة التي وصلت الى التقرير الطبي ومصطلحات الاعتداء والتهتك، فهذا يعني أن الاعلام المحترم هو الذي تعرض ويتعرض بالفعل للانتهاك. لقد كان القاسم المشترك في معظم البرامج هو الاساءة والشتائم والسباب حد النباح.. ربما كان ذلك هو السبب في استضافة رمز النباح للتأكيد على حقيقة دخول بعض وسائل الإعلام الحديث في مستنقع لن يخرج منه بسهولة! لقد غطى نباح الكلبة على صراخ طفلة بل مئات الأطفال في حلب دون أن يبكي أحد من أؤلئك الذين حولوا ويحولون المهنة الى حلقات سيرك أو حفلات زار أو نحو ذلك. أنت الآن في مصر أمام أحد أمرين لاثالث لهما إما السباب والصياح في هذا الشخص أو تلك المجموعة ، وإما حلقات يتم فيها استضافة كلبة أو أي صوت ناعق أو نابح آخر. غابت الأصوات العاقلة أو صمتت أو توارت لتظهر أصوات أخرى تسب هنا وتشتم هناك، وتوزع التهم والتلفيقات! والقاسم المشترك بينهم عدم التخصص ..لا في الإعلام ولا في السياسة ولافي أي شئ آخر له علاقة بالمهنة! والله عيب وألف عيب! sherif.kandil@al-madina.com
مشاركة :