«نيويورك تايمز»: الغزو الأمريكي للعراق قاطرة الفوضى في المنطقة

  • 12/4/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: عمار عوض كسرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية واسعة الانتشار، تقاليدها الصحفية المعتادة، عندما أصدرت عدداً كاملاً في شكل تحقيق استقصائي يرصد تداعيات الربيع العربي على الاستقرار في العالم، وبلغ عدد كلماته 40 ألف كلمة، وتم تقسيمه إلى 5 أبواب، تناول الفصل الأول منه أصول الأزمات من 1972-2003، في حين تناول الفصل الثاني حرب احتلال العراق 2003-2011، ثم جاء الفصل الثالث مفرداً للربيع العربي 2011-2014. وخصص الملف فصلاً مفرداً لتنظيم داعش 2014-2015، وفي الختام تناول الملف أو التحقيق الاستقصائي الهجرة والنزوح الجماعي 2015-2016. اعتبر التقرير أن غزو العراق عام 2003 هو الحدث المفصلي الذي جر وراءه قاطرة الأحداث الجسام التي أدت إلى تفكك العالم العربي بالحالة التي نراها اليوم، كما رصد التقرير أسباب الواقع المتدهور للعالم العربي اليوم، وكيف تفكك وأصبح بؤرة للفوضى واللاجئين وظهور داعش. يقول كاتب التقرير سكوت أندرسون إن طبيعة العالم العربي، وحجم التبعثر الذي أصابه، يجعل من الصعوبة بمكان الإجابة عن التساؤل، كيف حصل ذلك؟ ولماذا انحرفت حركات الجماهير عن مطالبها؟ يرصد تقرير نيويورك تايمز الذي خلص الى ان الربيع العربي كان محصلته الفوضى والدمار وتصاعد الارهاب ، معتبرا العدوان الأمريكي على العراق بحجة كاذبة هو النقطة المفصلية التي انحدرت بعدها المنطقة الى اتون الفوضى، بعد ان خلف الغزو مليون و455 ألفاً و 590 قتيلاً عراقيا ، بينما سقط من العسكريين الأمريكيين 4801 جندي وضابط و من الحلفاء الآخرين 3487 عسكرياً وان الكلفة المالية للحرب على الغالب والمغلوب وصلت الى تريليون و705 مليارات و856 مليون دولار. وأشار التقرير إلى أن الربيع العربي واحد من النتائج الثانوية والهزات الارتدادية لكارثة غزو العراق، فيما قدرت مصادر دولية خسائر المنطقة من الربيع العربي بـ 830 مليار دولار ووصفت مرحلة ما بعد الربيع العربي بعصر الانحطاط، وأن الإرهابيون الذين يشنون حربهم على الإنسانية باسم الإسلام، إلا أن 70% من ضحاياهم مسلمون. ويرصد التحقيق أن الدول العربية طالتها بطريقة أو بأخرى رياح الربيع العربي، إلا أن 6 دول تعد هي الأكثر عمقاً وتأثيراً في أحداث المنطقة والعالم، وهي مصر، والعراق، وليبيا، وسوريا، وتونس، واليمن، وهي كلها جمهوريات، وربما 3 منها على الأقل لن تعود كما كانت، وهي العراق، وسوريا، وليبيا، فلقد أدت وستؤدي الانقسامات القبلية والطائفية، وغياب الشعور الوطني، إلى تفكك وانقسام هذه الدول الثلاث. وكتب رئيس تحرير مجلة نيويورك تايمز جيك سيلفرشتاين، التابعة للصحيفة أن قصة التحقيق لم يكن مقدراً لها أن تخرج بهذا الشكل عندما جمعه عشاء عمل مع الكاتب المختص بقضايا الشرق الأوسط سكوت أندرسون، حيث تم الاتفاق على إعداد عدد خاص لمناسبة مرور 5 أعوام على الربيع العربي، وبدأ بالعمل، وإذا به يكبر شيئاً فشيئاً، حتى وصل إلى أكثر من 40 ألف كلمة، أخذت في قراءة أسباب الواقع المتدهور للعالم العربي اليوم، من خلال رصد حياة وإفادات طبيب المسالك البولية الكردي أذار مرخان الذي يعيش في شمالي العراق بالإضافة إلى خلود الزيدي من العراق، ومجد إبراهيم من سوريا، وليلى سويف من مصر، ومجدي منجوش من ليبيا، بالإضافة إلى وقاص حسن. وهي شخوص حقيقية سعى كاتب التحقيق من خلالها إلى رصد أوضاع المنطقة، وكيف آلت إلى ما هي عليه الآن، فمن احتلال العراق، وما رافقه من مآسٍ كبرى حلت بالعراقيين، إلى الثورة في مصر وفشلها بعد خلع حسني مبارك في تحقيق أهدافها، إلى ليبيا والأوضاع التي تعيشها، وصولاً إلى سوريا التي تشهد حالة من المأساة منذ 5 أعوام. مأساة عراقية تحكي خلود الزيدي مأساة العراق التي حدثت منذ الغزو الذي صادف تخرجها في الجامعة، ومن ثم انخراطها في مجال تمكين المرأة في جنوبي العراق حيث تقيم في مدينة الكوت، وصعودها في الحياة السياسية إلى حين اختيارها ضمن لجنة صياغة الدستور عام 2003، والروح التي كانت تسود الشارع العراقي بعد سقوط نظام صدام حسين، ثم تبدأ في رصد الانحدار الذي تدحرج إليه العراق من السيئ إلى الأسوأ، وكيف انفجر العنف الطائفي، الذي قاد إلى استهداف مكتبها واتهامها بأنها عميلة أمريكية وتعمل مع قوات الاحتلال، ما قاد إلى خروجها من العراق عبر الأردن إلى الولايات المتحدة ثم عودتها من سان فرانسيسكو عام 2009. وتركز خلود في إفادتها بشكل إلى المخاطر التي تعيشها المرأة العراقية وحالة اللجوء التي خلفها الغزو على المجتمع العراقي، ومصاعب العراقيين من اللاجئين، مع برامج إعادة التوطين إلى جانب تفكك الدولة وتهدم بنيتها التحتية، والإرهاب والعنف الطائفي الذي عم البلاد ثم تحكي خلود قصتها مع ركوب البحر والهجرة غير الشرعية إلى اليونان إلى أن استقر بها المقام حالياً في ألمانيا ، وتقول بعد أن تنهدت وعادت إلى الخلف. أنا آسفة. لا أريد أن استدر شفقة الناس على حالي ولكن أتمنى لو لم يأت الأمريكيون إلى العراق هم أس البلاء الذي حل ببلادنا. حياة ليلى يتتبع التقرير كيف تغيرت حياة ليلى سويف المولودة لأسرة أكاديمية صرفة آمنت بالاشتراكية وقيم اليسار وظلت تتطلع إلى تغير الوضع في مصر طوال سنوات الحكم العسكري، وخروجها مع أسرتها من البلاد بعد ملاحقة السادات لوالدها إلى حين لحظة مشاركتها في التظاهرات التي حدثت في ميدان التحرير والفرحة التي انتابتها بعد استقالة الرئيس مبارك، وانحياز الجيش للشعب. ترصد إفادات ليلى كيف وصل الإخوان المسلمون إلى السلطة، وكيف أطاحتهم ثورة 30 يونيو/حزيران. حكاية منجوش اختار الكاتب لرصد تداعيات التحول السياسي في ليبيا عبر حكاية مجدي منجوش المولود في مصراتة لعائلة كبيرة انقلبت حياتها رأساً على عقب بعد مشاركة والده في انقلاب عسكري فاشل ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وكيف أن الليبيين كانوا يتوقعون إطاحته بعد سقوط نظام صدام حسين، وتصالحه مع الأنظمة الغربية بعد حادثة انفجار طائرة بان أمريكان فوق لوكربي الاسكتلندية، ثم يعرج مجدي إلى لحظة اندلاع الثورة الليبية عندما كان طالباً في الكلية الجوية في السنة النهائية له، ثم انحيازه للثورة المسلحة، والأهوال التي عايشتها مدينته مصراتة قبيل إطاحة القذافي، ثم يرصد مجدي كيف أصيبوا بخيبة الأمل مع وصول السلطة الانتقالية إلى الحكم، التي بدت قليلة الخبرة، ثم تغير الحكومات في طرابلس بشكل متوال، إلى لحظة تحول ليبيا إلى حكم الكتائب المسلحة وغياب الدولة، وكيف انتهى به المطاف إلى شخص بائس ويائس من عودة ليبيا إلى حياتها الطبيعية، بعد أن ابتعد الذين صنعوا الثورة وحل محلهم الإسلاميون ومن ثم الإرهابيون، ثم يصب جام غضبه على الأوروبيين الذين خذلوا الثورة الليبية وأداروا لها ظهرهم بعد نجاحها وتركوها تتخبط في وحل الإرهاب والفساد من دون أن يمدوا لها يد العون. سوريا نحو المجهول اعتبر التقرير الثورة السورية، نقطة مفصلية ثانية في انهيار العالم العربي، بعد غزو العراق، الذي كان ناقوس خطر رن في أذني الرئيس السوري بشار الأسد. يرصد مجدي.. المنحدر من مدينة حمص التي شهدت اجتياح الرئيس حافظ الأسد لها في القرن الماضي، كيف أنه احتفظ بمسافة من الثورة السورية، التي اندلعت عام 2011؛ حيث فضل التركيز على دراسة الإدارة الفندقية مثل والده، لكن الجامعة أغلقت أبوابها ليعود إلى حمص، التي بدأت الدخول في أتون الحرب الأهلية، منذ عام 2012؛ حيث شهدت ظهور كتائب الجيش السوري الحر، ثم تنامي ظاهرة القتل على الهوية الدينية في المدينة التي كانت تضم أقليات مختلفة، ولحظة اعتقاله من قبل الثوار واتهامه بموالاة النظام، وهي اللحظة التي تأكد فيها من أن سوريا دخلت عهد الشك والانقسام، ومضت نحو المجهول، وهو ما أكده بالتحولات التي حدثت في حمص بعد ظهور تنظيم القاعدة وداعش والأجانب المتشددين الذين صاروا يتحكمون في حياة المدينة الليبرالية وتوجيهها نحو التطرف. يعتمد التقرير بشكل كبير على تصوير فظاعات داعش من خلال رصد مجدي الذي فضلت عائلته البقاء في حمص إلى عام 2015 عندما طلبه النظام السوري للتجنيد الإجباري، بعد أن أنهكت قوى الجيش السوري، وحينها قرر والده تهريبه إلى تركيا، التي يحكي من خلالها حياة البؤس التي عاناها السوريون قبل أن يقرر سلك طريق الهجرة غير الشرعية عبر البحر إلى اليونان، ومنها إلى ألمانيا، ثم يرصد مجدي أهوال الدنيا الجديدة المتمثلة في العنصرية التي وجدها من اليمينيين المتطرفين في معقلهم في مدينة دسلدروف؛ حيث يسكن، قبل أن يحصل على الإقامة الدائمة، لكنه يقول في الختام لكاتب التقرير لدينا مقولة في سوريا: الدم يجلب الدم. والآن الجميع يريد أن ينتقم لما تعرضوا له في هذه السنوات الماضية، ولن تنتهي هذه المأساة قريباً وستاخذ على الأقل 10 سنوات لينتهي حمام الدم هذا

مشاركة :