تحالف الإرهاب والتهريب يقض مضجع التونسيين المعطيات الأمنية الأخيرة التي قالت إن 80 بالمئة من المشاركين في غزوة بنقردان من المهربين، تعيد تسليط الضوء وبقوة على العلاقة العضوية بين التهريب والإرهاب، وسط إجماع الخبراء على أنه لا يمكن القضاء على الإرهاب دون إيجاد حل لمعضلة التهريب التي لا يمكن معالجتها فقط أمنيا وإنما من خلال استراتيجية شاملة تقوم على تنمية المناطق الحدودية المهمشة. العرب [نُشرفي2016/12/04، العدد: 10475، ص(2)] الإرهابيون والمهربون عدو واحد تونس - تشكل ظاهرة التهريب تحديا كبيرا أمام الدولة التونسية التي بدت عاجزة حتى الآن عن إيجاد حلول عملية لها، رغم التشريعات التي سنت للغرض وآليات المراقبة التي اعتمدت خاصة على الحدود مع الجارة ليبيا. والتهريب ليس بظاهرة جديدة على البلاد التونسية، بيد أن حجمها تضاعف بعد سقوط حكم نظام الرئيس زين العابدين بن علي في العام 2011، وقد كشفت تقارير أمنية عن صلة عضوية بين التهريب والإرهاب الذي ضرب تونس في أكثر من منطقة. وأعلن مسؤول أمني بارز، مؤخرا، أن أغلب المسلحين الذين شاركوا في أحداث بنقردان الإرهابية كانوا مهربين. وقال متحدث باسم إدارة الحرس الوطني إن التحقيقات في أحداث بنقردان أثبتت ارتباطا وثيقا بين الإرهاب والتهريب. وأوضح المتحدث خليفة الشيباني في مؤتمر صحافي أن “هناك علاقة عضوية بين الإرهاب والتهريب. والمثال الأبرز لذلك أن 80 بالمئة من المشاركين في أحداث بن قردان كانوا من المهربين قبل أن يكونوا إرهابيين”. وتعرضت مدينة بنقردان، المحاذية للحدود الليبية لهجوم من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في مارس الماضي، بغرض الاستيلاء عليها، وإقامة إمارة هناك، إلا أن الجيش والأمن نجحا في التصدي له وقتل العشرات من عناصره. ويعتمد اقتصاد المدينة بشكل أساسي على التجارة الموازية وأنشطة التهريب على الحدود مع ليبيا. وكان العديد من القوى السياسية والمجتمعية قد حذر مرارا أن العشرات من المهربين متورطون مع الجماعات المتطرفة على الحدود مع ليبيا خاصة، وأن المهربين هم العنصر الحيوي الذي يمد تلك الجماعات بالأسلحة والمؤن. وتكشف المعطيات الأمنية الأخيرة حول قيادة المهربين للعملية الإرهابية في بنقردان عن عمق العلاقة القائمة بينهما. وقبل الهجوم على مدينة بنقردان مدت تونس في فبراير جدارا ترابيا على جزء من حدودها الشرقية مع ليبيا بموازاة خندق مائي للحد من أنشطة التهريب وتسلل الإرهابيين وتسريب أسلحة من داخل ليبيا. وتعمل تونس الآن على استكمال وضع نظام مراقبة إلكتروني على الحدود بمساعدة الولايات المتحدة وألمانيا لإحكام السيطرة على الحدود. ويرى مراقبون أن هذه الخطوات غير كافية، خاصة وأن الحدود بين تونس وليبيا وتونس والجزائر مترامية وتصعب مراقبتها، وهناك العديد من المسالك التي يعتمدها المهربون بعيدا عن أعين الرقابة. الاقتصار على المعالجة الأمنية لظاهرة التهريب غير كاف، فلا بد من وضع استراتيجية شاملة، من ضمنها العمل على تنمية المناطق الحدودية التي تعاني التهميش وغياب التنمية وأعلنت وزارة الدّاخليّة التّونسية، الجمعة، الكشف عن 21 مخزن سلاح، خلال ثمانية أشهر من العام الجاري، معظمها قرب الحدود مع الجارة ليبيا. وأوضحت الوزارة أنه تم العثور على هذه المخازن خلال الفترة من مارس إلى نوفمبر الماضيين، 19 منها بمدينة بنقردان الحدودية مع ليبيا، واثنان بالقصرين وسط غربي البلاد (محافظة تقع على الحدود مع الجزائر). وتحتوي المخازن على قاذفات وصواريخ حراريّة، وقنابل يدوية، وصواعق، وبنادق أتوماتيكية من طراز كلاشينكوف، وألغام، وعبوات ناسفة، بحسب الوزارة. وتتنوع شراكة المهربين مع الإرهابيين وتتعدد، حيث لا تنحصر فقط في تجارة الأسلحة، بل أيضا في الاتجار بالبشر، حيث ثبت أن شبكات التسفير إلى مناطق التوتر في المنطقة العربية عناصرها من المهربين الناشطين على الحدود مع ليبيا. وفي هذا الإطار يقول الخبير العسكري اللواء المتقاعد مختار بن نصر إن التهريب والإرهاب وجهان لعملة واحدة، وهناك استفادة متبادلة بين الطرفين، على اعتبار أن الإرهابي يحصل على السلاح من المهرب في وقت يحصل الأخير على عمولته. ويشدد بن نصر على أنه لمحاصرة الإرهاب والقضاء عليه، وجب أولا معالجة مشكل التهريب باعتباره الراعي الرسمي له. ويرى بن نصر، مثل العديد من الخبراء العسكريين، أن الاقتصار على المعالجة الأمنية غير كاف، فلا بد من وضع استراتيجية شاملة لمعالجة الظاهرة، ومن ضمنها العمل على تنمية المناطق الحدودية، وتوعية المواطنين بمخاطر التهريب الذي لا ينعكس فقط على الوضع الأمني للبلاد بل أيضا على اقتصادها. وللتهريب تبعات كارثية على الاقتصاد التونسي حيث يكبد الدولة خسائر فادحة سنويا، فقد أفاد المدير العام للديوانة عبدالرحمان الخشتالي أن الدولة تخسر سنويا أكثر من 500 مليار نتيجة عدم دفع السلع المهربة للأداءات والمعاليم الديوانية المطلوبة. وقد بيّنت دراسة للبنك الدولي في العام 2014، والتي قامت بها مجموعة من الباحثين الجامعيين، أن التهريب يمثل أكثر من نصف المعاملات التجارية للبلاد مع ليبيا، وأنّه من الصعب تقدير مستوى التجارة غير الرسمية مع الجزائر لأنها أكثر انتشارا وأكثر سرية. :: اقرأ أيضاً الملك سلمان في الإمارات.. توافق تام حول قضايا المنطقة قوات هادي تستعد لطرد الحوثيين من باب المندب المحكمة الدستورية في مصر تبطل حق وزارة الداخلية في منع التظاهر السياسة تطيح بخطيب جمعة في المغرب
مشاركة :