عشية ولادة التشكيل الحكومي، ومع كل التطلعات لأن يكون مواكباً لمخرجات صناديق الاقتراع النيابية، ومتماشياً مع تغير المزاج العام في الكويت، تجري تحركات في الجهة المقابلة لترتيب البيت النيابي، كانت باكورتها ظهور ما عرف باسم «مجموعة الـ 25» التي اجتمعت في ديوان النائب القديم الجديد محمد المطير، وما يجري في الغرف المغلقة وخلف الستار لمجموعة أخرى تأخذ منحى مستقلا، وكذلك الحديث عن عودة إحياء كتلة «الإصلاح والتنمية» التي كان عرّابها النائب محمد هايف في آخر مجالس نظام الأصوات الأربعة. ومع التطلع للحكومة الجديدة، التي قد تكون أعلنت في الساعات التي تلت كتابة المقال، أو على وشك الإعلان، فإن كثيراً من المراقبين والسياسيين دعوا سمو الشيخ جابر المبارك لأن ينتهج المنهج نفسه الذي سار عليه الناخبون، عندما أطاحوا بـ«رؤوس عريقة» في الانتخابات كان لها باع طويل في مجلسي الوزراء والأمة، وأعطوا ثقتهم لتيار شبابي جديد فرض نفسه بقوة، وفرضه الصوت الشبابي الذي قاد حملة التغيير. وهنا تبرز الدعوة للمبارك بأن يضخ الدماء الجديدة في الجسد الحكومي الذي «هرم» ويدفع بالشباب لتولي المسؤولية في الوزارات، مواكبة للمزاج العام في الكويت، ولاسيما أن الديموقراطية في الدول المتقدمة تفرض أن تقرأ الحكومة نتائج الانتخابات البرلمانية، وتشكل فريقها الوزاري بما يتماشى معها. وهناك دعوات لسمو الرئيس بأن يبعد الأسماء التي لم تنل الرضا الشعبي، وفشلت في القيام بمسؤولياتها، أو تلك التي استغلت مناصبها وارتكبت مخالفات وتجاوزات رصدها بعض نواب المجلس الماضي، ولاسيما أن هناك صحائف جاهزة تنتظر بعض الأسماء. كما أن هناك ظاهرة ليست جديدة بتسريب تشكيلات حكومية، يقوم بها بعض الشخصيات التي تزج بنفسها في التشكيل، بهدف التسويق ولفت الأنظار إليها، وهي حركات لم تعد خافية على أحد، فخلال أيام الخميس والجمعة والسبت، تم تسريب ثلاثة تشكيلات للحكومة كل واحد مختلف بشكل جذري عن الآخر، بعيدا عن حقائب وزارات السيادة. وهذا ما يدعونا نقول للمبارك أن يتجاهل ذلك، ويحرص على أن يكون وزراء حكومته معينين له في المرحلة المقبل، لا أن يكونوا حملا ثقيلا قد يدفع ثمنه هو. وفي سياق المجلس، فالتحركات محمومة لتشكيل تحالفات وتكتلات، كل منها له ملفات جاهزة للتبني، وإزاء ذلك رأينا ردة فعل النواب من خارج مجموعة الـ 25 كيف هاجموها وقللوا من تأثيرها، واتهموها بالإعداد لتبني ملفات وبرامج قد تكون تأزيمية، في وقت تطبخ مناصب المجلس على نار هادئة. فرئاسة المجلس هي أقرب لمرزوق الغانم، وفق معطيات الواقع القائم، مع تأييد الحكومة له وضمان نحو 18 صوتاً من نواب المجلس، وقد ينضم إليهم نواب آخرون، وتتعزز فرص الغانم بالفوز مع تنافس مرشحين اثنين له ضمن المجموعة سالفة الذكر، وهما عبدالله الرومي وشعيب المويزري، وفي حال بقاء المرشحين الاثنين في سباق الرئاسة، فإن فرصة الغانم ستكون كبيرة جداً في اعتلاء منصة الرئاسة من جديد. وفي مناصب نائب الرئيس وأمين السر والمراقب، تجري الترتيبات بشكل هادئ وغير معلن، وإن كان النائب سعدون حماد قد أعلن ترشحه لمنصب نائب الرئيس، فيما هناك أخبار عن تحركات للنائبة صفاء الهاشم لضمان تأييدها في الترشح لأمانة السر. وتبقى اللجان البرلمانية، وهي مطبخ المجلس، الأكثر أهمية، ولاسيما اللجان الخارجية والداخلية والدفاع والتشريعية والمالية، فهي قلب المجلس النابض وموجهة تشريعاته وسياساته، ونأمل أن يترشح لها المتخصصون في كل مجال، بعيدا عن عملية الترتيبات وتوزيع المناصب، التي لم نحصد منها في المجلس الماضي إلا الهواء. ومع بدء العد العكسي لافتتاح الفصل التشريعي الجديد لمجلس الأمة بوجه نيابي جديد، والأمل بوجه حكومي مواز، تبقى التطلعات والآمال المعقودة كبيرة، في تحقيق قفزة نوعية في العمل التشريعية والحكومي، ولا ننسى في هذا المجال الملفات الأكثر جدلا والتي تحتاج إلى نقاش منطقي بين السلطتين وصولا إلى نقطة تلاقٍ، بعيدا عن الصدام والتهديدات، وخاصة في مسألة سحب الجنسيات وقانون حرمان المسيء والإعلام الإلكتروني، ووثيقة الإصلاح الاقتصادي التي شكلت محور كل الحملات الانتخابية للمرشحين. وغيرها من تركة المجلس السابق. h.alasidan@hotmail.com Dr_alasidan@
مشاركة :