في الوقت الذي كان فيه زوار دبي ومقيموها يتعايشون مع أنماط مختلفة من الموروث الثقافي، أثناء مرورهم قادمين أو مغادرين عبر مطار دبي الدولي، من خلال «قرية تراثية» ومعارض صور وضيافة إماراتية، وغيرها من الأشكال الأخرى للموروث المحلي، التي نظّمها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، كانت منطقة سيح السلم مشغولة باستضافة سباق تراثي للهجن، يمتد لمسافة 25 كيلومتراً، نظّمه المركز ضمن احتفالات الدولة بالذكرى الـ45 لليوم الوطني. قاعدة جماهيرية شدد الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عبدالله حمدان بن دلموك، على أهمية صياغة فعاليات تراثية تناسب مختلف الشرائح العمرية، وقادرة على اجتذاب جمهورها، من مختلف الجنسيات والثقافات. وتابع «أحد أهم الأهداف الرئيسة والثابتة لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث هو نشر الموروث الثقافي المحلي، ليس بين الفئات المرشحة لاستعادته فقط، بل لدى أبناء الثقافات الأخرى، والعمل على إنشاء قاعدة جماهيرية مرتبطة به، سواء على مستوى الممارسة أو المتابعة». واعتبر بن دلموك أن وجود منصات دائمة للمركز في مطار دبي الدولي من شأنه أن يسهم في وصول نماذج وأشكال مختلفة من المورث، لاسيما في ما يتعلق بالزوار والمقيمين الذين سيتم إمدادهم بالمعلومات الدقيقة والصحيحة المتوافرة عبر وسائل مرئية ومكتوبة. كما شارك مركز حمدان بن محمد في إحياء الفعاليات المتنوعة التي استضافتها منطقة سيتي ووك بدبي، فضلاً عن إذاعة الأولى التابعة للمركز، التي قدمت البرامج المباشرة تحت عنوان «روح الاتحاد». الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عبدالله حمدان بن دلموك، قال إن الاحتفالات التراثية التي تهدف إلى نشر الوعي بالتراث اللا مادي، من خلال استعراض ممارسات وحقائق من ذاكرة الموروث الثقافي المحلي، لا تنفصل عن الواقع، وليست مجرد لوحات مستعادة من الماضي، بل هي رسائل معاصرة لدعم الهوية الوطنية. وأضاف بن دلموك لـ«الإمارات اليوم» أن «احتفالات مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث أخذت صيغاً مختلفة للتواصل مع كل شرائح المجتمع، وتم اعتماد (ماراثون الهجن) الذي تم إطلاقه خصيصاً ليكون أيقونة احتفالات المركز باليوم الوطني، لينضم رسمياً إلى كوكبة البطولات التراثية، إضافة إلى العديد من الفعاليات التي أقامها المركز في مطار دبي، ونخبة من مظاهر الاحتفالات الأخرى التي أنتجتها إذاعة الأولى والعديد من الفعاليات المتنوعة». وأكد بن دلموك على نجاعة الشراكات المختلفة التي أقامها المركز، وأسهمت في إنجاح فعالياته المرتبطة باليوم الوطني، ومنها الشراكة المبرمة مع «مطارات دبي»، التي جعلت المحتوى التراثي قريباً من فئات أوسع، عبر تخصيص أماكن استراتيجية لعرض نماذج مختلفة من الموروث المحلي، فضلاً عن الشراكة مع نادي دبي لسباقات الهجن، وهي الشراكة التي أسهمت في إنجاح فعالية ماراثون الهجن. واختتمت مساء أول من أمس فعاليات ماراثون الهجن، الذي أقيم في منطقة سيح السلم، بالتزامن مع احتفالات الدولة بالذكرى الـ45 لتأسيس الاتحاد، ليكون بمثابة الدورة الأولى المعتمدة في بطولات فزاع، باعتبار أن الدورة الأولى التي انطلقت العام الماضي كانت «تجريبية». وعلى خطى الأجداد، رسم نحو 100 متسابق لوحة تنافسية مشوقة، امتدت لـ25 كيلومتراً، وفق شروط تستدعي تقاليد سباقات الهجن المحلية، وتقتصر المشاركة فيها على المتسابقين الإماراتيين، الذين يمتلكون الجَلَد المطلوب لإنجاز سباق يحاكي الظروف الشاقة التي كانت تصادف سباقات الهجن في الماضي، لاسيما في ما يرتبط بطول المسافة. وحصد سالم عبيد سالم الحمادي المركز الأول على متن المطية لاحق، وجاء شعفار البلوشي بالمركز الثاني على متن المطية مولع، وعلي مصبح الكتبي بالمركز الثالث على متن المطية مغامر، بعد سباق مثير، نجح خلاله في الوصول إلى نهاية السباق، ليحسم في الأمتار الأخيرة هوية المركز الثالث لمصلحته. وحقق عمر خليفة الشامسي المركز الرابع على متن المطية شاهين، وسلطان نواب البلوشي المركز الخامس على متن المطية ماليك، وخلفان جمعة عبيد المركز السادس على متن المطية بزان، وخميس علي الكتبي المركز السابع على متن المطية مغامر، وخلفان الغفلي المركز الثامن على متن المطية الريح، وأحمد محمد الغفلي المركز التاسع على متن المطية مولع، وسعيد حميد الشامسي المركز العاشر على متن المطية الداعي. وجذبت منطقة السباق جماهير غفيرة من المواطنين، وبعض الجاليات العربية والأجنبية، للتعرف إلى هذا النوع من السباقات التقليدية. وقالت مدير إدارة البطولات في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، سعاد إبراهيم درويش، إن المركز سعى إلى توسيع قاعدة المشاركة، وإفساح المجال أمام الكثير من المواهب الواعدة، وفتح الباب أمام المشاركين المواطنين لمن تراوح أعمارهم بين 18 سنة فما فوق، للمشاركة في الماراثون، ولفتت إلى أنه على الرغم من أن الماراثون لايزال في دورته الثانية، إلا أنه أفرز أبطالاً جدداً على منصة التتويج، مضيفة «هذا لا يتحقق في مثل هذه البطولات إلا في دورات متقدمة، وهو ما يعكس قوة المنافسات التي استقطبت نحو 100 متسابق». وأكدت درويش أهمية انضواء هذا النوع من السباقات تحت مظلة البطولات التراثية، مضيفة «نطمح إلى أن تسهم إقامة السباق في استقطاب المزيد من المواهب في النسخة المقبلة، وتعزيز سباقات الهجن كواحدة من أبرز أشكال الموروث المحلي المرتبطة بالبيئة الصحراوية في المجتمع المحلي».
مشاركة :