< أكدت وزارة الداخلية السعودية أنها لا تصدر الأنظمة والتشريعات، وأن جهة الاختصاص في إصدار الأنظمة والقوانين هو مجلس الوزراء. فيما كشف خبير إعلامي أن الملفات الإباحية تستحوذ على ٣٠ في المئة من حيّز الإنترنت على مدار الساعة. جاء تأكيد وزارة الداخلية بعد أن لاقى نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية رواجاً واسعاً، وذلك بعد أن تمت الإشارة إلى نصوص النظام خلال جلسات الملتقى الوطني للوقاية من الاستغلال الجنسي للأطفال، الذي عقد منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ونظمته وزارة الداخلية والأمن العام، بمشاركة دوليه وإقليمية عربية ومحلية. وتداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي المادة الرابعة من النظام، التي تنص على «تجريم إنشاء المواد والبيانات المتعلقة بالشبكات الإباحية، أو أنشطة الميسر أو المخلة بالآداب العامة، أو نشرها أو ترويجها، ومعاقبة مرتكبيها بالسجن والغرامة المالية»، وذلك بمثابة نظام جديد استحدثته وزارة الداخلية السعودية أخيراً، إلا أن الوزارة أكدت لـ«الحياة» أن الأنظمة تصدر من مجلس الوزاراء. وأوضح المستشار الإعلامي أستاذ الإعلام الجديد الدكتور فايز الشهري لـ«الحياة» أن المواقع الإباحية أحد البنود التي يجرّمها النظام، مشيراً إلى أن المواقع والحسابات الإباحية هي أكبر نشاط في شبكة الإنترنت منذ إنشائها، وهذا النشاط الإباحي الضخم انتقل إلى خدمات الشبكة الأخرى مرافقاً تطوراتها، مشدداً على أن هذا الانتشار الهائل لا يختص بالمجتمع السعودي، بل بكل اللغات، وموجه إلى كل المجتمعات. وكشف الشهري أن نشاط تبادل الملفات الإباحية يستحوذ على ٣٠ في المئة من حيّز الإنترنت على مدار الساعة، لافتاً إلى أن النظام في شكله الحالي يسمح بملاحقة من ينشر المواد الإباحية أو يُنشئ مواقع وخدمات تروج لهذه المواد، موضحاً أن هناك مراجعات للنظام في مراحلها الأخيرة في مجلس الشورى لتجريم بعض الأفعال، وبخاصة تلك التي تستهدف الأطفال، واصفاً النظام بأنه مرن جداً، وقال: «النهاية؛ للمحاكم الشرعية أن تصدر أحكاماً مغلظة تبعاً لحجم الضرر من الجرم المخالف». وتابع: «ليست المشكلة في الوعي بالنظام فقط، وإنما الإشكال في عدم الوعي بالجريمة ذاتها، أما حكمها في الشرع وعقوباتها في النظام فتأتي بعد ذلك، ومع ذلك فقد تكون التوعية بالنظام ركناً مهماً في الردع والوقاية. من جهة قانونية، قال المحامي المستشار القانوني عبداللطيف السويد لـ«الحياة»: «إن سرعة وصول المعلومة إلى المتلقي وانتشارها على أوسع نطاق أسهم في انتشار الجرائم المعلوماتية وظهورها في صور وألوان شتى، وهو ما أظهر قصوراً واضحاً في نظام مكافحة هذه الجرائم ونقصاً حاداً في معالجة هذه المشكلة، التي تحولت إلى ظاهرة»، مشيراً إلى أن النظام لم يعد في وضعه الحالي قادراً على السيطرة عليها. وأضاف: «ولعل من الضروري مراجعة النصوص الموجودة حالياً وتحديثها، لتتناسب مع الوضع القائم وللحد من ظهور هذه المشكلة وتقصر دائرة انتشارها»، موضحاً أن من أبرز مكامن الخلل في هذه النصوص الموجودة حالياً اتسامها بالعمومية في كثير منها، وفي ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وعميق أثرها في الفرد والمجتمع كان من الأهمية بمكان النص عليها تحديداً والتفصيل فيها وفرض عقوبات على المخالفين تبعاً لطبيعة تلك الوسائل وحجم ضررها». وزاد: «يعاب على النظام طريقته في التعامل مع المشكلة وعدم ذكر الجهة القضائية المختصة ولائياً ومكانياً، وهذا خلل كبير يجب تداركه كي لا يخضع لاجتهادات قد تطيل أمد التقاضي». وعن الوعي المتأخر في النظام، قال السويد: «هو مسؤولية تقع في الدرجة الأولى على عاتق الجهات المختصة، التي تتولى تزويد تلك الخدمة وحتى تلك التي تمارس ضبطها أو التحقيق فيها أو الحكم عليها، وكذلك البيت والمدرسة شركاء في هذا التقصير ويقع عليهم عبء ذلك، كما أن الصحافة والإعلام لم تعط النظام حقه من الإذاعة والنشر، وهناك تقصير واضح منها في هذا الجانب». ورأى أن كل ذلك وغيره لا يعفي مستخدم التقنية من المسؤولية، فمطلوب منه الوعي التام بكل ما يُستخدم وما يترتب على ذلك من مخالفات وجزاءات، وأن جهله بذلك لا يعفيه من العقوبة، واصفاً درجة وعي مستخدم المواقع الإلكترونية في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية بأنه «متدنٍّ جداً». وكان وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور وليد الصمعاني كشف أن القضاء السعودي فصل في 1000 قضية متصلة بالجرائم المعلوماتية خلال العام الماضي، وذلك عبر المحاكم الجزائية، وقال، خلال ترؤسه جلسة في الملتقى الوطني للوقاية من الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت، الذي أقيم في الرياض الأيام الماضية: «إن استغلال الأطفال عبر الشبكة العنكبوتية يعتبر من الجرائم التي يشدد القضاء في عقوباتها، لافتاً إلى أن القضاء السعودي تصدّى بحزم للجرائم المعلوماتية، وفقاً للأنظمة الإجرائية والموضوعية. بدوره، أكد المحامي المستشار الشرعي والقانوني الدكتور سليمان بن عجلان العجلان لـ«الحياة» نظام الجرائم المعلوماتية يجرّم تخزين المواد الإباحية والمنافية للآداب العامة في مادته السادسة، التي تنص على «معاقبة منتج ما من شأنه المساس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده أو إرساله، أو تخزينه من طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي، بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين». «خبير»: التوصل إلى مخزني «المواد» عبر مزودي الخدمة < أكد خبير في الأدلة الرقمية إمكان التوصل إلى مخزني المواد في أجهزتهم المحمولة، من طريق مزودي الخدمة. وقال عضو الجمعية العلمية الأميركية للطب الشرعي والأدلة الرقمية عبدالرزاق المرجان لـ«الحياة»: «المعلومات المطلوبة للمرتبطين بالصور الإباحية توجد لدى مقدم الخدمة، التي تشرف عليها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وليس وزارة الداخلية، وهناك مصادر عدة لهذه المعلومات على مستوى الشبكة، وعلى مستوى الأجهزة الشخصية». وأضاف: «على مستوى الشبكة، وهو المهم، تجمع وزارة الداخلية المعلومات من طريق هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، ويقدم مزود الخدمة المعلومات المطلوبة؛ كعنوان الشبكة التي تخص المستخدم، والربط بين مسرح الجريمة الافتراضي والمقطع الإباحي الموجود في الجهاز الخادم، الذي قام بالوصول إليه وتحميل المقطع، وكل مقطع له بصمة إلكترونية مميزة يمكن التعرف عليه بسهولة لمعرفة من قام بتحميله، والمواقع التي تمت زيارتها والمقاطع التي جرى تحميلها أو رفعها. كما يوفر مقدم الخدمة معلومات المستخدم وموقع المستخدم ورقم الهاتف ومعلومات الجهاز؛ كالرقم المسلسل للجهاز، والرقم الخاص بشريحة المستخدم، ولا ننسى البصمة التي تم ربطها باستخراج شريحة، هذا إذا لم يتم استخدام برامج منع أو تضليل التتبع.
مشاركة :