نشرت صديقتي الصحفية العزيزة ليز دوست، والتي تعمل في قناة بي بي سي الإنجليزية، تغريدة على تويتر في 3 ديسمبر كانت عبارة عن صورة لطفل حافي القدمين يرتجف من البرد في حلب الغربية. وكان من الواضح ان ذلك الطفل الصغير هو من بين المحظوظين القلائل الذين استطاعوا الفرار من حلب الشرقية التي تتعرض لقصف مكثف ومستمر منذ فترة، لكن من غير الواضح كيف سيتمكن حوالي 250 ألف مدني من البقاء على قيد الحياة بسبب عمليات القتل التي تجري في حلب، والتي لم يتمكن من النجاة منها سوى بضعة آلاف حتى الآن بعد أن عبروا إلى مناطق سيطرة النظام. صورة الطفل الذي كان يرتعد من الخوف والبرد جعلتني أتساءل عما بوسع العالم ان يفعله لإيقاف نزيف الدماء ومساعدة ملايين السوريين على الخروج من الأزمة القاتلة التي لا تزال تدمر بلادهم منذ 6 سنوات حتى الآن. على الرغم من نجاح قوات الأسد بمساعدة الروس من استعادة أكثر من 60% من المنطقة الشرقية من حلب التي كانت المتمردون المعارضون لنظام الأسد يسيطرون عليها سابقاً، الا ان قوات المتمردين لا يزالون مصرين على عدم الاستسلام للقوات الحكومية. وتتوقع معظم المصادر العسكرية الغربية ان القوات الحكومية السورية قد تستطيع استعادة السيطرة على حلب الشرقية بالكامل خلال أسبوعين او ثلاثة كحد أقصى، ما لم تحدث مفاجآت غير متوقعة. هذا يعني ان العالم ربما يكون على أعتاب كارثة إنسانية كبيرة. وستكون تلك بطاقة الميلاد المثالية التي تهنئنا جميعا على السكوت عن هذه الكارثة الإنسانية. بغض النظر عن قناعاتنا التي قد تختلف في تقييم من هو المخطئ في هذا الصراع ومن هو المصيب، يجب أن تكون الأولوية لدينا جميعاً هي التفكير في معاناة السوريين أولاً، وفيما إذا كانت الأمم المتحدة قادرة على إيجاد حل لهذه المشكلة المعقدة، ومن الذي يجب ان يساعد في هذا الشيء. بدأت منظمة الأمم المتحدة يوم الجمعة 2 ديسمبر في مناقشة الأزمة السورية في محاولة لإيجاد حل من شأنه إيقاف القتال ووضع نهاية للأزمة المستمرة منذ ست سنوات وسط إحباط بعض الدول ومجموعات الحقوق التابعة للأمم المتحدة. طالب أكثر من ثلث أعضاء الجمعية العامة هذا الأسبوع بعقد اجتماع رسمي يدور حول سوريا، وقال الدبلوماسيون انه من المرجح عقد هذا الاجتماع في الأسبوع المقبل. ومع أن قرارات هذه الجمعية لن تكون ملزمة، لكنها يمكن ان تشكلا ثقلا سياسيا بعيدا جيداً. استخدمت روسيا، حليفة النظام السوري، حق النقض ضد خمسة قرارات صدرت من مجلس الامن بشأن سوريا منذ 2011، وشاركتها الصين في أرربعة قرارات منها. لذلك ربما يكون من الصعب الوصول إلى حل للأزمة السورية عن طريق مجلس الأمن الدولي. من ناحية ثانية، ليست هناك مبادرات جديدة لدى الأمين العام الحالي للأمم المتحدة، بان كيمون، والذي ستنتهي ولايته في 1 يناير 2017، ويحل مكانه الأمين العام الجديد أنطونيو جوتيريش. وهناك امل كبير ان تتمكن الأمم المتحدة بقيادته من أداء دور أقوى وأكثر جرأة لحل بعض المسائل العالمية مثل الصراع في سوريا ومعركة الموصل في العراق. لذلك لن تكون لدى الأمم المتحدة على الأرجح فرصة لتكون أكثر فعالية في سوريا حتى تنتهي فترة بان كيمون. إن عام 2017 سيكون مليئاً بالتغييرات في الدبلوماسية العالمية ابتداءً من الأمم المتحدة، مروراً بالولايات المتحدة، ووصولاً إلى بريطانيا. وربما يشهد ذلك العام نهاية المعركة في حلب، وربما يتركز الحديث في العام الجديد على الجهات التي ستتولى مهمة إعادة اعمار سوريا وعن إجراء انتخابات وطنية في البلاد. لكن علينا الا ننسى التفكير في مصير المتمردين المسلحين في سوريا، والذين لن يختفوا بين يوم وليلة. التجارب السابقة علمتنا ان متمردي اليوم قد يصبحون ارهابيي الغد.
مشاركة :