حلب (أ ف ب) - اعلنت موسكو أبرز حلفاء دمشق الاثنين عن محادثات ستجريها مع الولايات المتحدة في اليومين المقبلين لاخراج مقاتلي المعارضة من مدينة حلب، في حين رفضت الفصائل المقاتلة اي اقتراح لاجلاء مقاتليها. وفيما يستعد مجلس الامن الدولي لعقد اجتماع خلال ساعات يصوت فيه على مشروع قرار لوقف اطلاق النار في حلب وصفته موسكو بالـ"استفزازي"، تتعرض الاحياء الشرقية لقصف عنيف من قوات النظام، فيما تطلق الفصائل قذائف بكثافة على غرب حلب، تسببت بمقتل طبيبتين روسيتين. وباتت قوات النظام التي تخوض الاثنين اشتباكات عنيفة في حي الشعار تسيطر على نحو ثلثي مساحة الاحياء الشرقية التي كانت منذ العام 2012 تحت سيطرة فصائل المعارضة، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان. وتزامنا مع التصعيد العسكري، رفض فصيلان مقاتلان سوريان اي اقتراح لاخراج مقاتليهما من شرق حلب، بعد ساعات من اعلان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن محادثات قريبة بين الروس والاميركيين حول خروج "كل مقاتلي" المعارضة من حلب. وقال لافروف في موسكو الاثنين انه "من المرجح جدا ان تبدأ (المشاورات) غدا مساء او صباح الاربعاء بهدف وضع آليات خروج كل مقاتلي المعارضة من شرق حلب". واكد ياسر اليوسف عضو المكتب السياسي في حركة نور الدين الزنكي، ابرز الفصائل في حلب لفرانس برس ان اي اقتراح بخروج مقاتلي الفصائل "مرفوض"، داعيا "الروس للخروج من حلب واخراج الميليشيات الطائفية". - "حتى اخر نقطة دم"- وفي السياق ذاته، شدد ابو عبد الرحمن الحموي من جيش الاسلام، فصيل اسلامي مقاتل في حلب، على ان "الثوار لن يخرجوا من شرق حلب وسيقاومون الاحتلالين الروسي والإيراني حتى آخر نقطة دم". وفي حال التوصل الى اتفاق روسي اميركي بهذا الصدد، فسيكون الاول من نوعه خلال اكثر من خمس سنوات من النزاع السوري بعدما كانت الاتفاقات السابقة تبرم بين النظام والفصائل. وفي العام 2014، شهدت مدينة حمص (وسط) تطبيق اتفاق مماثل باشراف الامم المتحدة، خرج بموجبه المقاتلون وعائلاتهم بعد عامين من الحصار والقصف. ومنذ ايلول/سبتمبر تم تطبيق اتفاقات اخلاء مماثلة في مدن عدة في محيط دمشق، وتحديدا في مدينة داريا، انتقدتها الامم المتحدة ومنظمات حقوقية بوصفها "تهجيرا قسريا". وقبل بدء الهجوم الاخير لقوات النظام على مدينة حلب منتصف الشهر الماضي، كانت الامم المتحدة تقدر وجود ثمانية الاف مقاتل في شرق حلب وتحدث المرصد عن 15 الفا، بينهم نحو 900 مقاتل من جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا). وعلى رغم عدم مشاركة روسيا في القصف على حلب منذ بدء قوات النظام السوري في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر هجوما لاستعادة كافة الاحياء الشرقية، الا انها نفذت خلال الاشهر الماضية غارات مكثفة الى جانب طيران النظام على شرق المدينة، تسببت بدمار هائل وبسقوط مئات القتلى وبتدمير عدد من المستشفيات، ما اثار تنديدا دوليا. وجاء اعلان لافروف عن محادثات روسية اميركية قبل ساعات من عقد مجلس الامن الدولي اجتماعا للتصويت على مشروع قرار قدمته مصر ونيوزيلندا واسبانيا، يطالب بشكل خاص باقرار هدنة في حلب لمدة سبعة ايام، وفق دبلوماسيين، على ان تشكل مقدمة لوقف الأعمال القتالية في أنحاء سوريا. واعتبر لافروف الاثنين ان مشروع القرار هذا "في جزء كبير منه استفزاز ينسف الجهود الروسية الاميركية". وينص مشروع القرار الحالي على أن "يضع جميع أطراف النزاع السوري حدا لهجماتهم في مدينة حلب" خلال فترة أولى مدتها سبعة أيام قابلة للتجديد، وعلى "تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة" للسكان المحاصرين. - مقتل طبيبتين روسيتين- ميدانيا، يشهد حي الشعار في شرق حلب معارك عنيفة بين الفصائل المقاتلة وقوات النظام التي تحاصره من ثلاث جهات بعدما استعادت ليل الاحد الاثنين السيطرة على حي قاضي عسكر، وفق المرصد السوري. ورجح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان تبدأ قوات النظام بعد سيطرتها على حي الشعار، "عملية قضم تدريجي" للاحياء التي لا تزال تحت سيطرة الفصائل". وعاش سكان شرق حلب ليلة مرعبة، تخللها قصف جوي ومدفعي عنيف وفق مراسل فرانس برس. واشار الى ان السكان اقدموا على إطفاء الأنوار داخل منازلهم ليلا خشية من استهدافهم بالقصف. وأمضى كثيرون ليلتهم مختبئين في الطوابق الارضية ومداخل الابنية مع ارتفاع حدة القصف. وتخوض قوات النظام وفق عبد الرحمن "عملية استنزاف للمقاتلين من الذخيرة عبر فتح اكثر من جبهة في الوقت ذاته" في الاحياء الشرقية. ومن شأن خسارة حلب ان تشكل نكسة كبيرة، وربما قاضية لمقاتلي المعارضة السورية. وقالت مراسلة لفرانس برس في غرب حلب ان دوي القصف والغارات على الجزء الشرقي من المدينة كان يسمع بوضوح من مكان وجودها الاثنين تزامنا مع تصاعد اعمدة الدخان من الاحياء الشرقية. وردت الفصائل المقاتلة باستهداف الاحياء الغربية بالقذائف التي سقطت بكثافة على غرب حلب، وفق مراسلة فرانس برس. وافادت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" الاثنين بمقتل ثمانية اشخاص واصابة 25 شخصا بجروح جراء "الاعتداءات الارهابية". واستهدفت احدى القذائف مستشفى ميدانيا روسيا، وتسببت بمقتل طبيبتين عسكريتين روسيتين واصابة ممرض ثالث بجروج بالغة، وكذلك مدنيين "كانوا حضروا لمعاينة طبية"، وفق ما اعلنت وزارة الدفاع الروسية. ودفعت المعارك في حلب اكثر من خمسين الف مدني وفق المرصد السوري الى الفرار الى احياء اخرى في المدينة، بعضها تحت سيطرة النظام. وافاد المرصد الاثنين بفرار مئات العائلات منذ يوم الاحد. وأحصى المرصد منذ بدء الهجوم مقتل 324 مدنيا بينهم 44 طفلاً جراء قصف قوات النظام على شرق حلب، في حين قتل 73 مواطناً بينهم 29 طفلاً جراء قذائف اطلقتها الفصائل على غرب حلب.
مشاركة :